الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!

     
الوطن العدنية             عدد المشاهدات : 50 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الصحافي.. حينما تتحول السلطة الرابعة إلى شريحة مسحوقة!

في زمن انقلبت فيه الموازين، وغُيّبت فيه المفاهيم، نتوقف اليوم عند شريحة كانت يوماً ما ضمير المجتمع وصوته الجهوري، كانت تُوصف بـ "السلطة الرابعة" لما تملكه من قدرة على مراقبة السلطات وتوجيه الرأي العام، اليوم لم تعد تلك التسمية الفخمة سوى ذكرى مؤلمة، بينما حل محلها وصف أكثر مرارة: "شريحة مسحوقة".

نعم، هم الصحافيون ، أولئك الذين كانوا قبلة المضيوم، يناصرون المطالب العادلة، ويكشفون عن المظالم، ويحملون هموم الناس، بل ويساهمون في بناء المؤسسات وتنمية الاوطان، ها هم اليوم يعيشون في وسط الدائرة المظلمة التي طالما حذروا منها مراراً، يواجهون ظروفاً معيشية قاسية، تكاد تجرّ البعض إلى حافة الفقر، واخرين ترمي بهم في خضم التطبيل والتزلف والاطراء، ليس بسبب تقصير منهم، بل لأن المهنة نفسها لم تعد قادرة على تأمين أبسط مقومات الحياة الكريمة.

تتداخل عليهم أصناف الظروف التعيسة، لا تكتمل صورتها إلا بالمزيد من الإحباط: أعباء المعيشة المتصاعدة، ورواتب متدنية لا تواكب الغلاء، لمن يمتلكو ن الوظائف وغياب تام للتأمينات الاجتماعية والطبية، بينما يعمل الكثير منهم من دون عقود او وظائف مستقرة، او لوائح تنظم اعمالهم وتحميها من الانتحال داخل المؤسسات، ما يجعلهم يعيشون حالة من "الانزياح المهني"، حيث يسرق العمل حياتهم بصمت، فتضيع أيامهم وآمالهم وهم يعانون من أخبارهم الشخصية المريرة.

لقد اتسعت هوة المعاناة مع اتساع فضاء الفوضى"الخلاقة" للمهنة، التي كانت يوماً مصدر فخر وإبداع، وتحولت إلى مصدر قلق وجودي، أصبح الصحفي يعيش حالة من "البؤس المهني"، حيث لم تعد المهنة فناً أو رسالة فحسب، بل تحولت إلى "لُعنة" تطارده في كل منعطف، اوحافة يركن إليها، الصحافيون هم من الطبقات الثقافية الواعية، التي تدرك حجم المأساة، ولا تقدر على تغييره مما يضاعف من ألمهم وإحساسهم بالمهانة.

ومع انفجار ثورة المعلومات واتساع فضاء الرقمنة، التي هددت عمالة العالم أجمع، أصبح الصحفي أكثر المتضررين، لم تكن الرقمنة مجرد تحول تقني، بل كانت زلزالاً هز أسس المهنة، انفجار منصات التواصل الاجتماعي، ومشهوري الغفلة،وارباب المحتويات التافهة، مع سباق الأخبار السريع دون تمحيص، واستبدال الخبر الموثوق بالمحتوى السريع الجاذب من غير معايير، كلها عوامل أفقدت الصحافي أهم أسلحته وقيمة الخبر ومصداقيته.

بات الصحفي التقليدي يتقاذفه بحر من المنصات غير المنضبطة، تتنافس على "المتابعات، اللايكات" وليس على الحقيقة، مما أفقد المهنة بريقها وقيمتها السوقية، وأصبح "الوكر الرقمي" يهدد عرش الصحافة التقليدية، ليفرغه عن مضمونه ويجعله سلعة رخيصة بين اوساط المجتمع وفي سوق المعلينين.

إنها معادلة صعبة: كيف لضمير الأمة أن يضعف، وكيف لمرآة المجتمع أن تكسر؟ إذا كان الصحفي منهمكاً في البحث عن قوت يومه، فكيف له أن يراقب السلطة، ويكشف الفساد، ويحمل هموم الناس؟

إن إنقاذ هذه الشريحة ليس منة أو هبة، بل هو استثمار في ضمير الوطن وأمنه الفكري، فالاهتمام بأوضاع الصحافيين المعيشية والمهنية، وضمان استقلاليتهم، وتطوير أدواتهم لمواكبة العصر الرقمي دون أن يذوبوا في فضاءاته الفوضوية، هو السبيل الوحيد لإعادة الاعتبار إلى "السلطة الرابعة" الحقيقية، سلطة الحق والكلمة الصادقة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الكشف عن انتقال قيادات حوثية بارزة إلى هذه الدولة بتنسيق إيراني.. أسماء وتفاصيل خطيرة

نافذة اليمن | 398 قراءة 

واشنطن تكشف عن شرط لإنهاء الحرب اليمنية.. وتلمّح بخطوات عسكرية

نيوز لاين | 335 قراءة 

ضبط 3 موظفين اعتدوا جنسيا على صغيرتين داخل مدرسة دولية شهيرة

العين الثالثة | 288 قراءة 

من يقف وراء محاولة اغتيال المخلافي؟ التحقيقات تكشف المستور

نيوز لاين | 252 قراءة 

خبر سار.. تأشيرة عمل جديدة في السعودية لا تحتاج كفيل وتمنح حرية التنقل والعمل

نيوز لاين | 226 قراءة 

حريق مدمر يلتهم حافلة ركاب محملة بأموال طائلة

نيوز لاين | 224 قراءة 

الولايات المتحدة تعرض على اليمن المشاركة في تحالف عالمي جديد

نيوز لاين | 214 قراءة 

بعد إعدام شاب من مسافة صفر.. حضرموت تغلي على وقع جرائم القوات المدعومة من الإمارات

موقع الجنوب اليمني | 187 قراءة 

تسريب مكالمة تكشف تفاصيل بين الأب ونجله المتهم بقتل أمة العمري في صنعاء

نيوز لاين | 180 قراءة 

دولة عربية تحتل المرتبة الرابعة عالمياً لأفضل أماكن العيش لعام 2026

الوطن العدنية | 173 قراءة