العقلة.. قصة منطقة في لحج عزلتها السيول والسلطات المحلية

لحج – تقرير – مرفت الربيعي:

لحج – منذ أكثر من شهرين يعيش مئات السكان في منطقة العقلة الجبلية التابعة لمديرية حبيل جبر بردفان في محافظة لحج (جنوب اليمن) عزلةً تامة بعد أن جرفت السيول الطريق الوحيدة التي تربطهم بالمحافظة واليمن، لتتحول حياتهم إلى معاناة يومية متواصلة. 

تقع المنطقة على بُعد نحو 14 كيلومتراً من مركز المديرية، لكن المسافة القصيرة تحولت إلى رحلة مستحيلة منذ أن اجتاحت الأمطار الغزيرة الطريق الجبلية الوعرة، وقطعت شريان الحياة الذي يعتمد عليه الأهالي في تنقلاتهم وإمداداتهم الغذائية والصحية. 

ورغم النداءات المتكررة من السكان، لا تزال الطريق المقطوعة على حالها، فيما تتصاعد المطالبات العاجلة للسلطات المحلية بالتدخل السريع لإعادة فتحها، وإنهاء معاناة الأهالي الذين يصفون وضعهم بأنه “حصار فرضته الطبيعة وتجاهلته الجهات المسؤولة”. 

يقول سكان محليون لـ “يمن ديلي نيوز” إن السيول لم تعزلهم فحسب، بل خلفت أيضاً أضراراً كبيرة في المزارع والممتلكات، فيما يعاني الأهالي من نقص حاد في المواد الأساسية وصعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية والتعليمية. 

الناشط المحلي “محمد ثابت”، أحد أبناء ردفان أوضح: أن “المنخفض الجوي الأخير دمّر الطريق الرئيسية التي تربط العقلة بمركز المديرية، ما جعل أكثر من ألف نسمة محاصرين داخل قراهم دون إمكانية للوصول إلى المستشفيات أو الأسواق أو أي خدمات أساسية.” 

وأضاف ثابت لـ “يمن ديلي نيوز” أن افتقار المنطقة لطرق معبّدة يجعلها عرضة للعزلة مع كل موسم أمطار، مؤكداً أن معاناة الأهالي تتكرر عاماً بعد عام وتزداد وطأتها. 

نداءات بلا استجابة 

مناشدات أطلقها السكان للسلطات المحلية في المديرية والمحافظة، إلى جانب المنظمات الإنسانية، للتدخل العاجل ورفع الصخور وفتح الطريق الوحيدة المؤدية إلى منطقتهم. 

وشدد السكان على أن استمرار عزلتهم يفاقم معاناتهم اليومية، داعين الجهات المعنية إلى اتخاذ موقف عاجل وجاد يضع حلولاً جذرية تضمن لهم حقهم في طريق آمنة ودائمة. 

ويشير الأهالي إلى أنهم يضطرون يومياً لقطع ما بين 3 و4 كيلومترات سيراً على الأقدام للوصول إلى منطقة الثمري القريبة، ومنها يستقلون سيارات إلى مركز المديرية الحبيلين.

بدوره، دعا الشيخ/ عبدالحافظ أحمد، أحد أعيان المنطقة، السلطات المحلية إلى التدخل العاجل لإعادة فتح الطريق وتهيئتها بشكل مستدام يمنع تكرار الأزمة، محذراً من أن استمرار التجاهل الرسمي سيضاعف معاناة السكان. 

وقال في حديثه لـ “يمن ديلي نيوز”: “إن المنطقة باتت معزولة والأهالي محاصرين من كل نواحي الحياة، وانقطعت المواصلات منذ أكثر من شهرين بسبب السيول الجارفة التي اجتاحت المنطقة.” 

من جانبه، أشار أسامة القطيبي، من أبناء المنطقة، إلى أن السلطات المحلية اكتفت بالوعود دون تنفيذ أي خطوات عملية، بينما الأهالي يحاولون إزالة الصخور التي تسد الطريق بأدوات بدائية دون جدوى. 

وأضاف: “يضطر الناس إلى جلب احتياجاتهم من المناطق القريبة مشياً على الأقدام وقطع مسافات طويلة عبر طرق وعرة، وأحياناً باستخدام الدواب.” 

وأوضح أن إصلاح الطريق يتطلب أدوات ومعدات ضخمة لتكسير الصخور، وأنهم بحاجة ماسة إلى كمبريشنات ومواد لتفجير الصخور التي تسد طريقهم. 

الزراعة في مهب السيول 

وبيّن الشيخ عبدالحافظ أن السيول خلفت أيضاً منزلقات ومنحدرات جبلية على طول الطريق، ما أعاق المواطنين عن التنقل إلى مركز المديرية، وأن الجهود الأهلية التي بُذلت لإصلاحها تبقى محدودة أمام حجم الخراب. 

ولفت إلى أن “الأهالي يستيقظون منذ الفجر للعمل في إصلاح ما يمكن إصلاحه حتى وقت الظهيرة، لكنهم يعودون إلى منازلهم دون نتائج تُذكر.” 

وتابع: “نظراً للطبيعة الجبلية الوعرة للمنطقة، فإن السكان يواجهون مهمة شاقة قد تستغرق ما بين ستة إلى عشرة أشهر، وهو ما يشكل عبئاً كبيراً عليهم، خاصة وأنهم يواجهون أيضاً خسائر واسعة لحقت بمزارعهم التي تعد مصدر رزقهم الأساسي.” 

نعم هناك أضرار

مدير عام مديرية ردفان فضل القطيبي من جانبه قال لـ”يمن ديلي نيوز”: نعم هناك أضرار بالغة من جراء هطول الأمطار الغزيرة في عدد من المناطق وتكمن هذه الأضرار في الأراضي الزراعية في مناطق حيد ردفان ومركز الثمري والعقلة وبعض مناطق الحي الخامس.

وأضاف: هناك أضرار اضرار كبيرة في الطرقات مما سبب بانقطاع طريق مناطق الثمري والعقلة بشكل كامل، وقام الأهالي بعمل مبادرة لفتح الطريق وتم مساعدتهم من قبلنا حسب الإمكانيات المتاحة لدينا، ولا زال العمل مستمر لفتح الطريق

كارثة أوسع 

المنخفض الجوي الأخير الذي ضرب عدة محافظات لم يقتصر أثره على العقلة وحدها، بل خلّف خسائر بشرية ومادية في عدة مناطق، وتسبب في تدمير بنى تحتية وقطع طرقات وتضرر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية. 

وقد أعلنت السلطة المحلية في 26 أغسطس/آب 2025، في تقرير صادر عن قيادة المحافظة، أن محافظة لحج “منكوبة” وبحاجة ماسة إلى تدخل عاجل من رئيس مجلس القيادة الرئاسي. 

وكانت السلطة المحلية بمحافظة لحج قد أعلنت، في تقرير صدر في 26 أغسطس 2025، أن محافظة لحج “منكوبة” وتحتاج إلى تدخل عاجل من مجلس القيادة الرئاسي. 

وبين حصار الطبيعة وإهمال الجهات المسؤولة، تبقى معاناة أهالي العقلة نموذجاً صارخاً لما خلفته هذه الكارثة الطبيعية من عزلة ومعاناة، في ظل غياب خطط استجابة عاجلة وفاعلة من السلطات. 

الأمر الذي يضاعف الحاجة إلى تدخل سريع يعيد فتح الطرق وينقذ السكان من تداعيات المنخفض، ما يجعل حقهم في طريق آمنة مطلباً إنسانياً عاجلاً لا يحتمل الانتظار.

الصور المتداولة:

مرتبط

الوسوم

منطقة العقلة بمحافظة لحج

المنخفض الجوي

الأمطار والفيضانات في اليمن

التغيرات المناخية

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط