الحوثيون يضربون بذراع القاعدة في أبين.. مرحلة ما بعد غزة عنوانها "إرهاب"
لماذا يستهدف تنظيم القاعدة الإرهابي المناطق المحررة، ولا يستهدف مناطق عصابة الحوثي الإيرانية؟ سؤال يتردد كثيرًا مع كل عملية إرهابية للقاعدة في مناطق الشرعية.
لكن هذه المرة لم يعد السؤال بتلك الصيغة، وإنما هل بدأ الحوثيون مرحلة ما بعد اتفاق غزة باستخدام حلفائهم الإرهابيين — "تنظيم القاعدة" — في تنفيذ عمليات إرهابية كبرى كالتي حدثت فجر اليوم بمديرية المحفد في محافظة أبين، لتكون عنوان المرحلة المقبلة "محاربة الإرهاب"؟
سواحل اليمن إلى الصومال
شهدت منطقة القرن الأفريقي خلال الفترة الماضية تحركات حوثية بدعمٍ إيراني امتدت من حركة الشباب الصومالية في مقديشو وصولًا إلى سواحل السودان، بهدف تعزيز تواجدها هناك لاستخدامها في مرحلة ما بعد اتفاق غزة.
وخلال تلك الفترة ظهرت تقارير استخباراتية دولية وأخرى صادرة عن الأمم المتحدة تحذر من مغبة التنسيق بين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن وتنظيم القاعدة في الصومال ممثلاً بحركة الشباب الصومالية، وما سيترتب على ذلك من تهديدات ليس على الداخل اليمني فحسب وإنما على أمن واستقرار المنطقة، خاصة سفن الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن.
عملية أبين عنوان للمرحلة
ويرى مراقبون أن العملية الإرهابية التي وُصفت بالكبيرة والنوعية والتي نفذها عناصر تنظيم القاعدة ضد المجمع الحكومي في مديرية المحفد بأبين فجر الثلاثاء — حيث يتمركز اللواء الأول دعم وإسناد — وما خلفته من أضرار، تُشكّل عنوانًا للمرحلة المقبلة.
وأفاد المراقبون بأن العملية استخدمت فيها المركبات المفخخة والانتحاريين، أي أحد أبرز نماذج الأساليب التي يستخدمها التنظيم الإرهابي، بعيدا عن استخدام أسلحة حديثة كالمسيرات أو الصواريخ المقدمة له من إيران عبر الحوثيين، وهو ما يبعد شكوك علاقة العملية بعصابة إيران في صنعاء.
تلك المحاولة لتغطية العلاقة والتنسيق بين التنظيم والحوثيين باتت مكشوفة، بل وتعد دليلًا واضحًا على وقوف الحوثيين وإيران خلف العملية بالنظر إلى حجمها وطبيعة الأسلحة المستخدمة فيها وتوقيتها الذي يأتي بعد اتفاق وقف الحرب بغزة.
المتاجرة بالإرهاب.. عصفوران بحجر واحد
تؤكد المعلومات أن عصابة الحوثي ومن خلفها تنظيم الإخوان في اليمن يقفان وراء عملية القاعدة بالمحفد، والتي تحمل عناوين ورسائل متعددة للداخل والخارج، أبرزها أن ما بعد وقف حرب غزة سيكون عنوانه "الإرهاب" ليس فقط في مناطق الشرعية اليمنية وإنما سيمتد إلى البحر حيث سفن الملاحة الدولية، لكي تستمر إيران في تنفيذ أجندتها في باب المندب — هدفها الاستراتيجي منذ ثورة الخميني نهاية سبعينيات القرن الماضي.
وحسب المراقبين، فإن "الإرهاب" عنوان فضفاض وعالمي لا أحد يستطيع القضاء عليه ولا حتى تعريفه بدقة، لذا سيتخذه الحوثيون وإيران سلاحًا لتمرير مخططهم بالمنطقة، بل وورقة ضغط لتمرير المشاريع التي تخدم بقاء الحوثية وأذرع إيران في المنطقة.
أبين نقطة التقاء الإرهاب
تعد محافظة أبين من المناطق الأنسب لتنفيذ مشاريع الإرهاب في المناطق المحررة لخدمة الحوثيين وضد التواجد الدولي في المياه الدولية ببحر العرب وخليج عدن لخدمة القاعدة، وهي مناطف بحرية بعيدة عن البحر الأحمر التي تسعى الحوثية للتهدئة فيه منفردة حتى تتمكن من استعادة حركة الملاحة إلى موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها.
أبين تقع بين معاقل التنظيم في شبوة النفطية والبيضاء حيث السلاح والتدريب على الأسلحة الإيرانية من قبل حلفاء التنظيم الحوثيين، كما تعد حلقة وصل بحري مع حركة الشباب في الصومال، لذا تعد مهمة استراتيجيًا لجميع الأطراف الإرهابية.
ساحة انتقام
ودائمًا ما كانت محافظة أبين "ساحة الانتقام" المفضلة للتنظيم الذي سبق وسيطر عليها في عام 2012، قبل أن يجبره الجيش اليمني حينها على الانسحاب منها، ليعاود التنظيم مع انقلاب الحوثيين عام 2014 هجماته التي تستهدف التجمعات والمنشآت العسكرية في أبين وعدن وشبوة وحضرموت وغيرها.
وبالعودة إلى عملية المحفد، نجد أن التنظيم استخدم تكتيكًا قديمًا له من خلال إرسال مفخخة وعناصر انتحارية، وتمكن من زلزلة الأرض في المجمع الحكومي ومقر اللواء الأول دعم وإسناد ومحيط المنطقة وصولًا إلى مستشفى المحفد على بعد نصف كيلومتر من منطقة الهجوم، أي كان هجومًا مرعبًا خلف خسائر بشرية ومادية كبيرة.
عملية أبين تعيد إلى الأذهان الهجمات المماثلة التي شهدتها المحافظة ذاتها، إضافة إلى محافظتي حضرموت وشبوة المجاورتين على مدى الأعوام الماضية بصورة متقطعة.
استغلال وضع الشرعية
ويرى مراقبون أن العملية تشكّل تدشينًا لمرحلة مماثلة لما بعد تحرير المحافظة من الحوثيين في 2015، حيث سيطر التنظيم عليها، فإنها هذه المرة تستغل ضعف المنظومة الأمنية للشرعية التي تعاني تباينات حادة داخل صفوفها، نظرًا إلى تعدد الولاءات وحالة الصراع الخفي التي أضعفت منظومتها العسكرية والأمنية بشكل عام.
وبما أن أبين توفر ملاذًا آمنًا لتحركات عناصر القاعدة وتمنحهم طرقًا إلى البيضاء وشبوة، فإن العمليات النوعية للتنظيم ستبدأ منها وتنطلق منها نحو مناطق أخرى.
ويظل التساؤل المثير، والذي يؤكد علاقة الحوثيين بالقاعدة: "لماذا تحدث جميع الأعمال الإرهابية في المناطق المحررة فقط، لا في المناطق الخاضعة للانقلاب الحوثي المدعوم من النظام الإيراني؟" وهل نحن أمام مرحلة شبيهة بتلك التي استخدمت فيها عصابة الحوثي شعار محاربة "الدواعش" لتحتل بها المدن اليمنية والجنوبية وتعز خاصة؟
وبالنظر إلى وضع الحوثيين المنهار والمرتبك بعد اتفاق غزة الذي أفقدهم قدرة المتاجرة بغزة، فان الحاجة ملحة لشعار وذريعة جديدة للهروب من أوضاعهم التي يعيشونها في مناطقهم إلى مرحلة استخدام شعار "الإرهاب" للمتاجرة بمكافحته وهم من يصنعونه!.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news