أكدت مجلة "لويدز ليست إنتليجنس" البريطانية أن جماعة الحوثي تواصل استخدام ناقلة النفط العملاقة “يمن” — التي اشترتها الأمم المتحدة عام 2023 لتفادي كارثة بيئية قبالة سواحل اليمن — كمنصة لتخزين النفط الروسي، في عمليات يُعتقد أنها تجري بسرّية عالية للالتفاف على العقوبات الدولية.
ووفقًا لتحليل بيانات نظام التعريف الآلي وصور الأقمار الصناعية الذي أجرته المجلة البريطانية، فإن الناقلة “يمن” (IMO:9323948)، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، انخرطت في عملية نقل نفط من سفينة إلى أخرى في الثالث من سبتمبر/أيلول الماضي، مستخدمة سفينة مجهولة الهوية لا تبث إشارات التعريف الخاصة بها.
حددت شركة الاستخبارات الأمريكية “سينماكس” تلك السفينة بأنها الناقلة “موديستي” التي ترفع علم غامبيا، والمعروفة سابقًا باسم “مانتا”، والتي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات في أكتوبر 2024 بسبب ارتباطها بشبكة تمويل يقودها الممول الحوثي البارز سعيد الجمل.
وتشير بيانات الأقمار الصناعية إلى أن “موديستي” أجرت عملية نقل سرية شمال قناة السويس قبل توجهها إلى اليمن، ما يؤكد أنها كانت تحمل شحنة نفط روسي.
هذا التطور يعكس تحولًا في تكتيكات الحوثيين الذين اعتادوا في السابق استخدام الناقلة دون محاولات إخفاء أو تعمية، قبل أن يدفع تشديد العقوبات الأمريكية مؤخرًا تجارتهم النفطية إلى العمل في الخفاء.
وكان تحقيق سابق لـ"لويدز ليست" في يوليو الماضي قد كشف أن الحوثيين استخدموا السفينة “يمن” كمنشأة تخزين عائمة بحكم الأمر الواقع، بينما يدفع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نحو 450 ألف دولار شهريًا مقابل خدماتها الفنية، في حين يحتفظ فقط بدور “استشاري إشرافي” على تشغيلها.
ويرى خبراء أن التعتيم الجديد قد يكون بدافع إيراني أو روسي. إذ قال إيان رالبي، الرئيس التنفيذي لشركة “آي آر كونسيليوم”، إن "الإيرانيين والروس أصبحوا أكثر حرصًا على العواقب مما كان عليه الحوثيون في السابق"، مرجحًا أن تكون الأطراف الداعمة هي من فرضت هذا النهج السري.
وأضاف: "يبدو أن الناقلة التي قدمتها الأمم المتحدة أصبحت فرصة للتهرب من العقوبات على نطاق واسع".
خلفية شراء السفينة
كانت الأمم المتحدة قد اشترت السفينة “يمن” — التي كانت تُعرف سابقًا باسم “نوتيكا” — مقابل 55 مليون دولار عام 2023، في إطار خطة لنقل أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط الخام من الناقلة المتهالكة “صافر” المهددة بالغرق قبالة ميناء رأس عيسى في الحديدة.
وقد اكتمل نقل النفط بنجاح في أغسطس من العام نفسه، لكن المشروع تعثر لاحقًا بسبب ارتفاع التكاليف وتدهور الأوضاع الأمنية في البحر الأحمر.
ومنذ أوائل عام 2024، بدأت عمليات نقل متعددة لشحنات من الديزل الروسي إلى السفينة، رغم اعتراضات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بحسب ما صرح به متحدث باسم البرنامج في يوليو الماضي.
ورفض المتحدث الأممي التعليق على العملية الأخيرة مع السفينة “موديستي”، مشيرًا إلى "اعتبارات أمنية متطورة"، ومؤكدًا أن البرنامج لا يمتلك أو يدير السفينة “يمن”، بل يقدم فقط خدمات استشارية.
وفيما تعود ملكية السفينة رسميًا إلى شركة صافر للاستكشاف والإنتاج والعمليات (سيبوك) التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، تؤكد مصادر متطابقة أن السيطرة الفعلية عليها تقع بيد الحوثيين منذ استكمال عملية نقل النفط من “صافر”.
مؤشرات على عملية تسليم جديدة
تشير بيانات تتبع السفن إلى أن الناقلة “تشارمينار” (IMO:9318022) — وهي ناقلة خاضعة للعقوبات ومرتبطة برجل الأعمال الإيراني حسين شمخاني، نجل مستشار المرشد الأعلى الإيراني — ترسو حاليًا على بعد ميلين بحريين فقط من السفينة “يمن”.
وتُظهر البيانات أن “تشارمينار” وصلت إلى المنطقة في 21 سبتمبر الماضي محملة بوقود الديزل الروسي، ما يثير ترجيحات بوجود عملية تسليم أخرى وشيكة.
وبينما ترفض الأمم المتحدة والحكومة اليمنية التعليق المباشر على تلك التطورات، يرى مراقبون أن تحوّل سفينة أممية إلى أداة لتمويل الحوثيين يشكل فضيحة دولية قد تفتح الباب أمام تحقيقات أممية وأمريكية موسعة، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على شبكة معقدة تربط الحوثيين بإيران وروسيا في تجارة النفط غير المشروعة.
ترجمة : يمن شباب نت
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news