تتجدد ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة، لتعيد إلى الأذهان صفحات خالدة من تاريخ الجنوب، حين نهض أبناؤه بشجاعة في وجه أعتى قوة استعمارية في القرن العشرين، وكتبوا بدمائهم ملحمة التحرير التي غيّرت مسار التاريخ.
قبل أن تنفجر شرارة الثورة في جبال ردفان عام 1963، حيث كانت البلاد ترزح تحت وطأة استعمارٍ بريطانيٍ امتد لما يقارب 129 عامًا.
وقع الاحتلال منذ أن اتخذت بريطانيا حادثة السفينة البريطانية الهندية "داريا دولت" ذريعةً لاحتلال العاصمة عدن عام 1839م، بقيادة الكابتن البريطاني (هنس).
تلك الحيلة كانت البداية لمسلسل طويل من السيطرة الاستعمارية، التي حاولت عبر القوة والخداع تمزيق الجنوب وتفكيك نسيجه الاجتماعي والسياسي.
ومع تفاقم وتصاعد حالة الرفض والغضب بين الجنوبيين، جاءت لحظة الانفجار الكبرى من ردفان، حيث رفع المناضلون راية الكفاح معلنين أن زمن الخضوع قد ولى.
سرعان ما ردّت قوات الاحتلال بهجمات شرسة وحصارٍ خانقٍ على مناطق ردفان، استمر قرابة أربع سنوات متواصلة، استُخدمت فيه الطائرات والمدافع في محاولةٍ لإخماد الثورة.
غير أن صمود الثوار المناضلين في الجبال والوديان أفشل كل تلك المحاولات، وأثبت أن إرادة الشعوب لا تُقهر.
وفي موازاة النضال المسلح، شهدت العاصمة عدن حراكًا شعبيًا غير مسبوق إذ خرجت الجماهير في تظاهرات واحتجاجات حاشدة ضد الوجود البريطاني، واجه فيها المتظاهرون العزّل رصاص الجنود بصدورٍ عارية، لتتحول شوارع عدن إلى رموزٍ للصمود، وأصوات الجماهير إلى وقودٍ إضافي لمعركة التحرير.
لم يكن النصر ممكنًا لولا التكاتف الجنوبي العظيم الذي ساد بين مختلف فئات الشعب، حيث توحد الجميع تحت راية الثورة الواحدة، متجاوزين الانتماءات والمناطقية في سبيل هدفٍ واحد هو الحرية والاستقلال.
ومع تراكم التضحيات والصمود، تحقَّق النصر التاريخي في 30 نوفمبر 1967 برحيل آخر جندي بريطاني عن أرض الجنوب.
وهكذا، تحولت ثورة 14 أكتوبر من شرارة في ردفان إلى شعلةٍ أضاءت طريق الحرية، لتبقى حاضرة في وجدان الأجيال، تذكّرهم بأن الجنوب لا يرضخ، ولا يقبل إلا بالكرامة والسيادة على أرضه الطاهرة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news