14 أكتوبر.. الشرارة التي سبقت البندقـ.ـية

     
صوت العاصمة             عدد المشاهدات : 35 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
14 أكتوبر.. الشرارة التي سبقت البندقـ.ـية

ليست الثورات بنادق تُشهر فحسب، ولا لحظات سياسية تُدوَّن في سجلات التاريخ، بل هي قبل كل شيء يقظة وعيٍ داخليٍّ، وانبثاق شعورٍ جمعيٍّ بالكرامة والقدرة على استعادة الذات.

وهكذا كان 14 أكتوبر في وجدان الجنوبيين؛ لم يكن يومًا عابرًا في تقويم السياسة، بل كان لحظة تحررٍ من الداخل، حين انتفض الإنسان الجنوبي على الخوف قبل أن يواجه المستعمر بالسلاح.

لقد ترك ذلك اليوم أثرًا نفسيًا عميقًا في بنية الوعي الجمعي، إذ شكّل نقطة توازنٍ بين الجرح والفخر، بين الذاكرة والنهضة. فما من بيتٍ جنوبي إلا ويحمل في أعماقه ظلًّا من أكتوبر؛ ظلًّا يذكّره بأن الكرامة ليست قرارًا يُتخذ في القصور السياسية، بل حالة إنسانية يعيشها الفرد حين يعي أنه قادر على النهوض مهما طال الانكسار.

إن الأحداث الكبرى، مثل أكتوبر، لا تغيّر الأنظمة فحسب، بل تعيد صياغة النفس الجماعية، وتوقظ فيها القدرة على المعنى. فحين يتذوق الإنسان طعم الانتصار الجمعي، تتكوّن داخله صورة جديدة عن ذاته ووطنه، ويولد فيه إحساس ناضج بالانتماء، يتجاوز حدود الشعارات إلى عمق التجربة الوجدانية.

كان جوهر التحوّل في تجربة الجنوب أن التحرر النفسي سبق التحرر السياسي. فالانعتاق الحقيقي لم يبدأ يوم ارتفع صوت البندقية، بل يوم قرر الإنسان الجنوبي أن لا يعيش أسيرًا للخوف أو للخنوع، وأن يصالح ذاته ويحوّل ألمه إلى طاقة تصنع الكرامة.

ومن تلك اللحظة، وُلد وعيٌ جديد يرى أن الحرية لا تُمنح ولا تُورّث، بل تُكتسب عبر الإدراك والوعي، وأن الألم ليس قيدًا، بل سلّمًا نحو النهوض.

لقد تحوّل وجع الجنوب إلى طاقة رمزية تسري في شرايين المجتمع، تستمد قوتها من تضحيات الأجيال، ومن صبرٍ طويل على جراح التاريخ. صار أكتوبر رمزًا نفسيًا مستمرًا، يتجدد كلما استُهدفت الكرامة أو اهتزّ الحلم، وكأن الذكرى أصبحت محرّكًا داخليًا يذكّر الجنوبي بأنه لم يولد ليُهزم.

إن العلاقة بين السياسة والنفس في التجربة الجنوبية علاقة تفاعلية دقيقة؛ فحين تترنح السياسة، يختل توازن النفس الجمعية، وحين تنهض الروح الوطنية، تستعيد الذات الجماعية تماسكها وإيمانها بالقدرة على الفعل.

ومن هنا نفهم أن أكتوبر لم يحرر الأرض فقط، بل حرر الإنسان من داخله، فأعاد إليه ثقته بقدرته على التغيير.

واليوم، بعد عقودٍ من ذلك الحدث، ما زالت ذكرى أكتوبر تُنعش الأمل في النفوس، وتذكّر الأجيال بأن الحرية ليست مرحلة في التاريخ، بل منهج وعيٍ دائم. فكلما أطلّ أكتوبر، استيقظت في الذاكرة الجمعية طاقة النهوض، كأنها تؤكد أن الشعوب التي عرفت طريق الحرية مرة، لا يمكن أن تضله مجددًا.

إن أكتوبر ليس فصلًا من تاريخ الجنوب فحسب، بل بوصلة نفسية تشير دائمًا نحو الكرامة. ومن يدرك أكتوبر كحالة وعيٍ داخلي، يفهم أن الثورة ليست في الساحات وحدها، بل في كلّ روحٍ ترفض الاستسلام وتصرّ على أن تبقى حرّة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مصدر يكشف بالأسماء: 6 محافظين على قائمة التغيير خلال أيام

نيوز لاين | 650 قراءة 

بعد اتفاق إنهاء حرب غزة.. عبدالملك الحوثي يدعو اليمنيين للاستعداد لـ”حروب قادمة حتمًا”

المشهد اليمني | 496 قراءة 

توقعات بتعافي الاقتصاد اليمني ... تفاصيل

كريتر سكاي | 444 قراءة 

عاجل | تحركات جوية غامضة في صنعاء

العين الثالثة | 423 قراءة 

بشرى سارة.. الكشف عن صرف راتبين في عدن بهذا اليوم

كريتر سكاي | 390 قراءة 

اكتشف سرا تحدث عنه الرسول لن تستغنى عنه بعد اليوم

نيوز لاين | 386 قراءة 

سياسي كويتي: لولا السعودية لكان جنوب اليمن دولة مستقلة

صوت العاصمة | 346 قراءة 

بالصور .. مزارع من خولان الطيال يصارع بشجاعة ضبعًا مفترسًا وهكذا كان مصيره

المشهد اليمني | 330 قراءة 

الحوثي يعترف بمصرع 20 بينهم قادة.. أسماء

نافذة اليمن | 300 قراءة 

مقترح للشيخ ”حمود المخلافي ” لمغادرة تركيا والعودة إلى تعز

المشهد اليمني | 281 قراءة