تهلّل وجه الشيخ القبلي اليمني، أحمد الأشول، أخيرًا ببريق الأمل، وهو يتهيّأ لرحلة تتسابق فيها خُطاه نحو العاصمة صنعاء، شوقًا لاحتضان ابنه المختطف منذ أعوام لدى الحوثيين، لكن ذلك لم يتم.
تلقى الأب اتصالًا هاتفيًا من ولده المحتجز "علي"، يطالبه بالحضور الأحد الماضي إلى صنعاء، لتقديم الضمانات اللازمة واستكمال إجراءات الإفراج، بعد أن تدهورت حالته الصحية جراء التعذيب النفسي والجسدي في سجون الحوثيين، التي تنقّل بينها منذ اختطافه مطلع العام 2020.
على الفور، جمع الأشول شتاته وغادر منزله في مديرية خولان الطيال، شرقي العاصمة، متأملًا لحظات الفرج ولذّتها بعد سنوات من المعاناة والفقد التي حرمته وأسرته من الاجتماع بفلذة كبدها تحت سقف واحد، لكن رصاصات الغدر سبقت لحظات العناق، لتنهي الحلم على قارعة الطريق.
كان "علي" قد اختفى وهو في السادسة عشرة من عمره حينها، من قلب العاصمة صنعاء، وظل مصيره مجهولًا لخمسة أشهر، قبل أن يتضح لأسرته التي عُرفت بمناهضتها لمشروع الحوثيين، أن عناصر الميليشيا اعتقلته تعسفيًا، وأودعته أحد سجون "الأمن الوقائي" بتهمة "تخابر مع الأعداء".
تعرّض الفتى أثناء احتجازه لمحاكمة تصفها المنظمات الحقوقية بـ"الجائرة، من محكمة حوثية منعدمة الولاية القضائية" بصنعاء، حُرم خلالها من حقه في الدفاع أو توكيل محامٍ، قبل أن تتم إدانته بـ"التخابر" وسجنه ثلاث سنوات.
وبدأت بعدها رحلة الابتزاز المالي للأسرة مقابل الإفراج عنه أو تحسين ظروف احتجازه، وعوضًا عن ذلك نقلته الميليشيا إلى ما يُعرف بـ"بيت التبادل"، تمهيدًا لإدراجه في قوائم تبادل أسرى الحرب مع الحكومة، "رغم أنه مدني قاصر، لا علاقة له بالنزاع"، طبقًا لمنظمة "شهود" المحلية.
في أثناء رحلة والده إلى صنعاء، انقطعت لحظات الأمل بدويّ رصاصات غادرة، اخترقت إحداها رقبة الأب، لتسقط معها سنوات انتظار طويلة لاجتماع شمل الأسرة التي تحوّلت فرحتها إلى مأتم يجلّل القلوب بالحزن والذهول.
تقول منظمة "شهود" الحقوقية، إن مسلحين قبليين مرتبطين بالحوثيين، نفذوا عملية الاغتيال، على خلفية خصومة قبلية قديمة لا صلة مباشرة للشيخ الأشول بها، فيما تشير مصادر محلية إلى أن المهاجمين منعوا الأهالي من إسعافه، وتركوه ينزف حتى الموت داخل سيارته.
قبل ذلك بأيام، سبق أن اقتحمت عناصر ميليشيا الحوثي منزل وممتلكات الأسرة في "خولان الطيال"، وعاثت فيها فسادًا، عقب نشر الأب مناشدة شعرية لأبناء قبيلته على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعوهم فيها لمناصرة قضية نجله المحتجز لدى الحوثيين.
وبعد يوم واحد من الجريمة التي هزّت الشارع اليمني، أفرج الحوثيون أمس الاثنين، عن المختطف الشاب، الذي ظهر في مقطع مصوّر مبتهجًا لإفلاته من قبضة السجانين، غير مدرك لسبب غياب والده عن استقباله أمام باب الحرية، لتبقى لحظة لقائهما المؤجلة للأبد، إحدى الحكايات الموجعة في سجل مآسي اليمن التي لا تنتهي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news