كشفت الكاتبة السعودية سكينة المشيخص أن تطور العلاقات بين الخرطوم وطهران منذ استئنافها عام 2023، فتح الباب أمام تحول السودان إلى ساحة جديدة للنفوذ الإيراني، ومنصة لوجستية محتملة لمليشيا الحوثي في البحر الأحمر.
وقالت المشيخص في تحليل موسع إن تقارير دولية تشير إلى أن مطار بورتسودان لم يعد يستقبل المسافرين والحقائب فقط، بل بات نقطة عبور لشحنات من الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية، دعماً للجيش السوداني في مواجهته مع “قوات الدعم السريع”، مضيفة أن هذه التطورات تحمل أبعاداً تتجاوز الحرب الداخلية، وتمتد إلى شبكة النفوذ الإيراني في المنطقة.
ووفق المشيخص، فإن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين طهران والخرطوم بعد قطيعة استمرت ثمانية أعوام، ترافق مع سعي إيران إلى إيجاد منفذ جديد على البحر الأحمر عقب تعثر مفاوضاتها النووية مع واشنطن، ومع حاجتها إلى توسيع مجالها الحيوي في مواجهة الضغوط الإقليمية والدولية.
الإرياني: هجمات الحوثي البحرية انعكاس لصراع إيران مع الغرب لا لنصرة غزة
وتربط الكاتبة هذا التحرك الإيراني مباشرة بنشاط الحوثيين، الذين صعّدوا في سبتمبر الماضي هجماتهم على سفن قرب ميناء ينبع السعودي، في مؤشر على امتلاكهم قدرات نوعية جديدة. وتشير إلى أن بعض المراقبين رجّحوا أن يكون الساحل السوداني قد أصبح مركز دعم خلفي، يخفف الضغط عن الحوثيين في الحديدة وصنعاء.
ونقلت المشيخص عن فهد الشرفي، مستشار وزير الإعلام اليمني، قوله إن إيران استغلت انشغال السودان بحربه الداخلية واتهامات البرهان لبعض الدول العربية بدعم خصومه، فبدأت في إرسال شحنات من الأسلحة والطائرات المسيّرة إلى السودان عبر بورتسودان منذ أكتوبر 2024، بينها طائرات من نوع “هاجر” وصواريخ مضادة للدروع.
وأضافت أن هذه التحركات جعلت من السودان امتداداً لوجستياً استراتيجياً للحوثيين، يسمح بتخزين الذخائر وقطع الغيار بعيداً عن الضغوط العسكرية في اليمن، كما يفتح ممرات للتهريب عبر القرن الإفريقي، ويمنح إيران موقعاً مؤثراً على خطوط الملاحة الدولية ومضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم.
غير أن الكاتبة نقلت عن العميد اليمني ثابت حسين صالح استبعاده أن يتحول السودان إلى قاعدة دائمة لإيران أو الحوثيين، مرجعاً ذلك إلى المقاومة الداخلية السودانية والرفض الإقليمي والدولي. كما أوردت تحذيرات المحلل السعودي فيصل الشمري من أن هذا التغلغل “يضعف سلطة الدولة السودانية ويعزز شبكات التهريب”، معتبراً أن استمرار التمدد الإيراني في بورتسودان قد يشعل توترات جديدة في البحر الأحمر.
وتؤكد المشيخص في ختام تحليلها أن السودان لم يعد مجرد ساحة نزاع داخلي، بل عقدة في شبكة النفوذ الإيراني الممتدة من اليمن إلى لبنان، وأن ارتباط الحوثيين بهذا النفوذ يمنحهم مجالاً للتوسع لكنه يبقى هشّاً، لأن هشاشة الوضع السوداني نفسها قد تحوّل هذا النفوذ إلى عبء على طهران والحوثيين معاً، لا مكسباً استراتيجياً كما يبدو الآن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news