الذكاء الاصطناعي وثورة الإدارة الحديثة

     
موقع الأول             عدد المشاهدات : 68 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الذكاء الاصطناعي وثورة الإدارة الحديثة

كتاب الرأي

 

يعيش العالم اليوم طفرة غير مسبوقة في توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات الحياة، وقد تجاوزت هذه التقنية حدود الخيال لتصبح عقلًا مساعدًا يوجّه مسار المؤسسات ويعيد تعريف مفهوم الكفاءة الإدارية. إن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا تقنيًا، بل ضرورة إستراتيجية تسعى إليها الدول المتقدمة لتصحيح مسارات الإدارة، وتحقيق العدالة، وتوفير الوقت والجهد.

لقد أصبحت كبرى الشركات العالمية نموذجًا حيًا في تطبيق هذه التحولات، فشركة جوجل تعتمد على أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات المستخدمين وصنع قراراتها الإدارية، وشركة أمازون تُدير عملياتها اللوجستية وتوزيع منتجاتها بدقة مذهلة عبر خوارزميات ذكية تتنبأ بالطلب قبل حدوثه، فيما تُوظف مايكروسوفت الذكاء الاصطناعي في إدارة فرقها ومتابعة الأداء وتقييم الإنتاجية بشكل لحظي. هذه النماذج لم تُحدث فقط ثورة في الإنتاج، بل أسست لبيئة عمل لا تعرف العشوائية ولا تتسامح مع الهدر أو الفساد.

ولو أُتيح لهذه المفاهيم أن تُطبق في الواقع اليمني، لكان المشهد الإداري مختلفًا جذريًا. فمشكلات الطوابير الطويلة في المؤسسات الحكومية كانت ستصبح جزءًا من الماضي، إذ يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنجز المعاملة إلكترونيًا في دقائق دون حاجة للوساطة أو الحضور الشخصي. وفي القضاء، كان يمكن تنظيم جلسات إلكترونية تتيح سرعة البت في القضايا وتقليل التكدس والفساد الإداري، وتُسهم في تحقيق العدالة دون تأخير أو محسوبية. أما في التعليم، فإن الذكاء الاصطناعي قادر على بناء نظام تعليمي متطور يُقيّم قدرات الطلاب ويصمم مناهجهم وفقًا لمستواهم، وفي الصحة يمكنه تشخيص الأمراض مبكرًا وتحليل الحالات الطبية بدقة تفوق قدرات الإنسان، مما يُحدث نقلة نوعية في جودة الحياة والرعاية الصحية.

إن جوهر المشكلة الإدارية في اليمن لا يكمن في نقص الموارد فحسب، بل في ضعف التنظيم، وتداخل الصلاحيات، وبطء الإجراءات، وغياب الرقابة التقنية. لو استُخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة المعاملات الحكومية، لتم القضاء على الرشوة والابتزاز، إذ ستكون عمليات التحصيل والإجراءات كلها إلكترونية وشفافة، مما يُغلق أبواب الفساد ويُعيد الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.

الذكاء الاصطناعي ليس آلةً جامدة، بل عقل منظم قادر على التعلّم من التجربة وتقديم الحلول الأنسب في الوقت المناسب. وهو حين يُطبّق بإرادة حقيقية، لا يختصر الوقت فقط، بل يُحدث نقلة حضارية في الفكر الإداري، ويُحوّل الإدارة من عبءٍ يومي إلى منظومة ديناميكية تعمل بكفاءة ودقة وشفافية.

إن تبنّي هذه الثورة التقنية في اليمن لن يكون خيارًا ثانويًا، بل ضرورة وطنية لإنقاذ الجهاز الإداري من الترهل والفساد، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة. فحين تُدار المؤسسات بالذكاء لا بالعشوائية، وحين تُبنى القرارات على البيانات لا على المجاملة، ستولد إدارة يمنية حديثة تليق بطموحات هذا الشعب وتُعيد للدولة هيبتها.

إن الذكاء الاصطناعي هو طريق المستقبل، ومن تأخر عن الركب سيظل أسير الورق والطوابير والروتين. أما من يؤمن بقيمته ويستثمر فيه، فسيحصد نظامًا إداريًا نزيهًا، وعدالةً ناجزة، واقتصادًا مزدهرًا، وحياةً أكثر كرامةً وازدهارًا للإنسان اليمني.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مسؤول في الانتقالي يهاجم السعودية ويشتم المغتربين اليمنيين فيها

بوابتي | 754 قراءة 

الإمارات تكشف موقفها الرسمي من مطالب انفصال جنوب اليمن ودعم الانتقالي

نيوز لاين | 584 قراءة 

هاني البيض يعلن موقفه من اعلان وزراء الانتقالي الأخير

يمن فويس | 584 قراءة 

بسبب يمنيين.. مصري يواجه السجن وغرامة مليونية في السعودية

نيوز لاين | 570 قراءة 

علي ناصر محمد يخرج عن صمته ويعلن موقفه من التطورات المفاجئة في اليمن ويطلق تحذيرًا عاجلًا

المشهد اليمني | 562 قراءة 

 بيان رقم (1) من معاشيق قد يعلن الزبيدي (رئيسًا).. إعلامي عربي يتوقع هذا!!

موقع الأول | 552 قراءة 

الامارات تستفز السعودية (اعلان)

العربي نيوز | 510 قراءة 

المجلس الانتقالي الجنوبي يصدر بياناً هاماً

يمن فويس | 507 قراءة 

سياسي سعودي: عقوبات دولية كبيرة مرتقبة ضد الانتقالي.. وثلاث قيادات سيدفعون الثمن (الأسماء)

المشهد اليمني | 499 قراءة 

تحرك دبلوماسي جديد: الانتقالي الجنوبي يعرض شراكة استراتيجية على إدارة ترامب

نيوز لاين | 490 قراءة