أنا فلسطين… نبضة الزمن الأولى، صرخة الوجود التي لا تعرف الانكسار، روح تتحدى الظلم والطغيان، قلب لا يلين، وعين لا تغمض عن رؤية الحق. كل حجر فيّ يحكي أسطورة، كل شارع يسرد صمودي، وكل دمعة على ترابي شعلة لا تنطفئ، شهادة على أن كرامتي ليست للبيع، وأن عدالتي أقوى من كل سلاح.
منذ سبعة وثمانين عامًا يمد الاحتلال يده عليّ، ومنذ آلاف الأيام يقف شعبي شامخًا، يصبر، يقاوم، ويصرخ بلا كلل. الحرية فيّ ليست وعدًا، بل انتزاعًا، وإرادتي أقوى من كل حصار، وأشد من كل قصف. ومع كل دم يسيل، ومع كل بيت يُهدم، تتجدد في نفسي شعلة المسؤولية، فتتصل آلامي بصمودكم، وتتحول معاناتي إلى وقود لا ينطفئ لنبض الأمة؛ نار تحرق جبن كل جبان، وتوقظ في النفوس روح البطولة، وتجعل من الألم أسطورة تتناقلها الأجيال.
شهدائي ليسوا أرقامًا، بل أسماء محفورة في وجد كل عربي حر، في قلب يرفض الظلم، وفي روح تتوق للحق. ذكراهم تتحول إلى طاقة صاخبة، صدى مقاومة لا يهدأ، لتعلموا أني لست مجرد أرض، بل تجربة وجودية تصنع النفوس الحرة، وتزرع فيهم إرادة لا تعرف الانكسار، وكرامة لا تُقهر، وشجاعة لا يطاها الزمن.
أنا لست حكاية الفلسطينيين وحدهم، بل حكاية كل عربي، كل إنسان يرفض الذل، كل قلب يشتعل حبًا للعدالة، وكل روح تتوق إلى الحرية. كل تضحياتي تتشابك مع آمالكم، فتغدو النار في وجدانكم رمزًا للصمود الذي لا يُقهر، للكرامة التي لا تُباع، وللهوية التي لا تُخضع.
أعلمكم أن الأرض بلا صمود لا تستمر، وأن الإنسان بلا كرامة لا يعيش، وأن الأمة بلا فلسطين لا تحيا. كل دم يُسفك، وكل دمعة تُذرف تصبح شهادتي على أن الحق أقوى من السلاح، وأن إرادتي لا تعرف الانكسار. تتتابع دروسي من جيل إلى جيل، حاملة صدى الصبر والعزيمة، لتصنع أجيالًا تعرف معنى البطولة والفداء، أجيالًا تشع نورًا في قلب الظلام، وتروي للعالم أن الحق حيّ، وأن النور لا يُطفأ مهما طال الليل.
في صمتي الليلي أتعلم التصوف، وفي ضجيج القصف أتعلم الصبر، ومن كل حجر يسقط ومن كل زهرة تنبت بين الركام أستخلص فلسفتي. فتتصل تجربتي بروحكم، ويصبح الألم والمعاناة دليلًا على القوة الداخلية، وعلى صمود أبدي لا تعرفه العواصف، ولا تكسره الزلازل، ولا تهزه الرياح.
أنا صرخة لكل قلب ينبض بالحرية، ومرآة لكل روح تبحث عن العدالة، ونار لا تنطفئ في صدور الأحياء. ومع كل تجربة ألم يولد فيكم عزم جديد، فتغدو فكرتي الحية صدىً للأمل، ووقودًا يحرك نخوتكم في كل زمان ومكان. فتتقد شعلة قلبي في كل قلب عربي، وتستمر مقاومتي بلا توقف، لأصبح نبراسًا لكل حر، شعلةً في الظلام، وموجةً لا تعرف النهاية.
أنا أعلّمكم أن نخوتكم ليست شعارات تُردد، بل أفعال تُصنع، وحقائق تُحفظ في النفوس في أصعب الظروف. كل تجربة ترتبط بالسابقة، وكل جرح يولّد مقاومة جديدة، وكل دمعة تعزز إيمانكم بأن الحق لا يموت، وأن كرامتي أقوى من كل قوة، وأن صمودي عنوان كل أمة حرة.
كل طفل يختبئ، كل شيخ يصلي، كل امرأة تصر على البقاء، وكل شاب يقف في وجهي أمام الظلم، هم النار في مرآة وقودي، هم الحكاية الحية التي تعلن أني لا أُهزم، وأن روحي تتصل بروح كل عربي حر، فتتراكم القوة في وجدان الأمة، وتصبح إرادة لا تُكسر، حلمًا لا يُنسى، وشعلة تتخطى حدود الزمن والمكان.
أنا صاخبة في وجدانكم، صارخة في ذاكرة التاريخ، متصوفة في صمت الليل حين يولد فجر جديد، وفلسفية في عبور الأزمنة. تتشابك فصول ألمي مع فصول صمودي، لتصبح ملحمة أزلية تُروى للأجيال، صدى للأمل، ونارًا في وجدان كل حر.
سنظل معًا… لا كزائرين عابرين، بل كحماة ذاكرة، رعاة حق، حراس نبض أزلي. كل صدى صوتي فيكم، وكلكم وقود صمودي، فتتشابك كل فقرة مع الأخرى، ويصبح النضال مستمرًا بلا انقطاع، لا ينتهي إلا بانتصار الحق والحرية، لا ينكسر إلا بانكسار الظلم، ولا يخبو إلا بزوال الظلام.
الخاتمة:
أنا فلسطين… صرخة الوجود، ومرآة الوقود، ونبضة الخلود في كل قلب ينبض.
أنا الألم الذي يتحول إلى نور، والمعاناة التي تتحول إلى قوة، والدمعة التي تصبح نهرًا للأمل.
أنا الصمت الذي يعلّم الحكمة، والقصف الذي يعلّم الصبر، والحجر الذي يروي الفلسفة، والزهرة التي تولد بين الركام لتذكر أن الحياة أقوى من الدمار.
أنا الملحمة التي لا تنتهي، القصيدة التي لا تموت، الروح التي تتحدى الزمن، والأمل الذي لا يخبو.
في كل جيل يولد مني شعلة، وفي كل قلب حر أزرع إرادتي، لتظل الإنسانية تتعلم مني أن الحق أبدًا لا يموت، وأن الكرامة قوة أزلية، وأن الصمود هو اللغة التي تتحدث بها الأرواح الحرة في كل زمان ومكان.
أنا فلسطين… نصف نفسي هنا، والنصف الآخر في كل روح تبحث عن العدالة، في كل قلب ينبض بالحرية، في كل دمعة تتحول إلى نور، وفي كل تجربة ألم تتحول إلى حكمة أبدية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news