اعتقال غازي أحمد علي.. حين يتحول الخوف إلى مشروع سلطة
قبل 1 دقيقة
الحديث عن اعتقال الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، غازي أحمد علي محسن الأحول، لم يعد جديدًا بحد ذاته. فالجميع يعرف أنه اعتُقل، والجميع كتب الخبر وتداوله. لكن ما أراه أهم من الخبر هو ما وراء الاعتقال: الرسائل، المعاني، والهواجس التي دفعت جماعة بأكملها إلى أن تُخفي رجلاً في السجون السرية لمجرد أنه رفض الخضوع الكامل.
اعتقال يُشبه اعترافًا بالهزيمة
إن اعتقال الأحول لم يكن دليلاً على قوة، بل كان اعترافًا علنيًا بالضعف. حين تضطر جماعة تمتلك السلاح والمال والإعلام إلى أن تُكمم صوتًا حزبيًا داخل العاصمة، فهذا يعني أنها غير واثقة من نفسها، وأنها تخشى حتى من ظِلّ مؤتمرٍ كان يومًا ما الحزب الحاكم وصانع القرار في اليمن.
سياسة "الخضوع أو التصفية"
من يتأمل سياسات الجماعة يكتشف سريعًا أنها لا تملك مشروعًا سياسيًا متماسكًا، بل مجرد أسلوب لإدارة السيطرة قائم على قاعدة: الخضوع أو التصفية.
من يخضع اليوم قد يُصفى غدًا.
ومن يرفض من البداية يُزج به مباشرة في السجون.
بعبارة أخرى: لا أمان مع هذه الجماعة، لا للشعب، ولا حتى لحلفائها. فهم يرون في كل شخص مشروع خصم مؤجل.
رعب من سبتمبر والمؤتمر
ما يجعل اعتقال غازي الأحول أكثر دلالة هو توقيته. جاء قبل ذكرى تأسيس المؤتمر وقبل عيد سبتمبر، وكأن الجماعة أرادت أن تقول: "لا نريد أي صوت يذكّر الناس بالجمهورية، ولا نريد أي صوت يقول لا".
الجماعة تخشى المؤتمر لأنه حزب متجذر في وجدان اليمنيين، وخلفه إرث وطني لا يمكن محوه بسهولة. وتخشى سبتمبر لأنه العيد الذي أسقط أسلافهم ذات يوم، وأعلن أن الكرامة لا تُشترى بالسلاح ولا بالترهيب.
الشعب يرى الحقيقة
الشعب لم يعد مخدوعًا. كل الشعارات عن "الوطن" و"فلسطين" و"المقاومة" لم تعد تُقنع أحدًا، لأنها باتت غطاءً رخيصًا لممارسات لا علاقة لها بالحرية ولا بالعدالة.
اليمني اليوم يرى كيف يُختطف الشيخ في قريته، وكيف يُزج بالمعارض في سجون مظلمة، وكيف يُكمم صوت الصحفي أو الناشط لمجرد أنه قال "لا". وهذا الوعي بحد ذاته هو بداية النهاية لمشروع قائم على الخوف.
رفض الخضوع كرامة
بالنسبة لي، ما فعله غازي الأحول برفضه الإملاءات هو موقف يستحق الاحترام، حتى وإن دفع ثمنه الاعتقال. لأن الكرامة الحقيقية ليست في النجاة من السجن، بل في قول "لا" حين يطلبون منك أن تركع.
والشعب اليمني يدرك أن الخضوع اليوم يعني فقدان الكرامة غدًا، وأن السجون مهما امتلأت بالأحرار، فإنها لن تسجن الفكرة، ولن تُطفئ شعلة سبتمبر التي لا تزال حيّة في وجداننا.
الخلاصة
اعتقال غازي أحمد علي ليس مجرد حادثة شخصية، بل مرآة تكشف طبيعة الجماعة: هشّة، مرتبكة، مسكونة بالخوف من ذكرى سبتمبر، ومن اسم المؤتمر، ومن أي صوت يرفض أن يكون بوقًا لها.
هم يعتقدون أن التخويف سيُسكت الشعب، لكن الحقيقة أن القمع يُضاعف الغضب، وأن كل اعتقال يفتح ألف عين ترى الحقيقة بوضوح أكبر.
وبالنسبة لي، أقولها بلا تردد: الرفض بكرامة خير من الخضوع بلا قيمة. وغدًا، حين يحتفل اليمنيون بيمن جديد، سيعلم الجميع أن السجون لا تهزم الأفكار، وأن الحرية لا تُقهر مهما طال الزمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news