الابتزاز في اليمن جريمة تتغذى على غياب القانون ولوم الضحية
قبل 4 دقيقة
تشهد اليمن في السنوات الأخيرة تزايداً مقلقاً لظاهرة الابتزاز، ليس فقط عبر الوسائل الإلكترونية، بل حتى في أرض الواقع، حيث تُستغل الفتيات والنساء بالتهديد والضغط النفسي والاجتماعي. آخر هذه المآسي كانت حادثة الفتاة في الحديدة التي أقدمت على الانتحار بعد تعرضها لابتزاز وتهديدات بنشر صورها، لتختار الموت هرباً من عارٍ مجتمعي لا يرحمها مهما كانت الحقيقة.
لكن للاسف الشديد حادثة الحديدة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة. فطالما ظل المجتمع يلقي اللوم على الفتاة الضحية، سيبقى المبتز في مأمن من العقاب، وسيتشجع آخرون على ممارسة نفس الجريمة. في كل مرة تظهر قضية ابتزاز، تبدأ التبريرات المعتادة لماذا أعطته هاتفها؟أو "لماذا صورت نفسها؟" أو "لماذا خرجت من بيتها؟". هذه الأسئلة الجاهزة لا تبحث عن الحقيقة، بل تبحث عن شماعة لتعليق الجريمة على الفتاة، بينما يبقى المجرم الفعلي في الظل، مستفيداً من تواطؤ المجتمع معه.
الابتزاز لم يعد مجرد حوادث فردية، بل تحول إلى ظاهرة اجتماعية خطيرة تكشف عن انهيار منظومة الأخلاق والقيم، وتفضح غياب القانون الرادع فمنذ سقوط النظام سقطت أيضا الاخلاق فى اليمن . فبدلاً من وجود تشريعات صارمة تضع حداً لهذه الجرائم وتعاقب مرتكبيها بصرامة، نرى محاولات بائسة لحل المشكلة عبر حرمان النساء من الهواتف، أو فرض أنواع معينة من العبايات، أو عزلتهن في الأماكن العامة. وهذه كلها ليست حلولاً، بل هروب من مواجهة الحقيقة، وإصرار على جعل المرأة كبش الفداء الدائم واعطاء فرصة ذهبية للشباب لستمرار ظاهرة الابتزاز
إن جوهر المشكلة ليس في المرأة، ولا في هاتفها، ولا في لباسها، بل في سقوط القيم وضعف التربية وانتشار الجهل. جيلاً كاملاً تم تربيته في بيئة مشوهة، حيث العنف يُمجد، والمرأة تُقيد، والتعليم يتراجع، فكانت النتيجة شباباً بلا ضمير يبتزون ويستغلون ويعتبرون ذلك رجولة أو "انتصاراً
اليمن اليوم بحاجة إلى أن يدرك أن الابتزاز جريمة أخطر من مجرد انتهاك لامرأة أو فتاة، إنها طعنة في قلب المجتمع كله ومن دون قوانين واضحة وقاسية تردع المبتز وتعيد الثقة للضحاياستظل الفتيات يدفعن حياتهن ثمناً لصمت المجتمع وضعف الدولة.
حادثة الحديدة ليست مأساة فردية، إنها جرس إنذار بأن اليمن يسير نحو هاوية أخلاقية واجتماعية إن لم يقف الجميع لوقف هذا الانهيار. والسكوت عن الابتزاز مشاركة في الجريمة، واللوم على الضحية جريمة مضاعفة.
اليمن بحاجة اليوم إلى أن يرفع صوته عالياً
الابتزاز عار… ليس على المرأة، بل على من يمارسه أو يبرره أو يسكت عنه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news