أثار القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، عمرو البيض، والممثل الخاص لرئيسه عيدروس الزبيدي، للشؤون الخارجية موجة سخط واسعة بين أوساط اليمنيين.
وكتب البيض وهو نجل الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض، تدوينة على منصة (إكس) عقب منع عناصر تابعة للانتقالي إقامة فعالية، للقطاع النسوي بحزب الإصلاح في مدينة المكلا بحضرموت، للاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وذكرى تأسيس الحزب.
وقال "وفق الرؤية الجنوبية للحل، نحن أمام حالتين سياسيتين وشعبين بهويتين واضحتين. وعليه، فإنّ نشاط حزب الإصلاح في حضرموت يُعدّ تدخلاً أجنبياً في الشأن الجنوبي، كونه حزباً يمنيا (شمالياً) لا يمثل إرادة الجنوب". حسب زعمه.
وهاجم البيض نشاط حزب الإصلاح بحضرموت، واصفاً إياه بـ "التدخل الأجنبي في الشأن الجنوبي"، الأمر الذي وصفه يمنيون تحريضا خطيرا وقفزا على الواقع بعقلية الوصاية تستبطن نزعة إستعلائية.
والسبت اعتدت عناصر الانتقالي على الفعالية النسوية التي نظمتها دائرة المرأة بحزب الإصلاح في قاعة الأندلس بمدينة المكلا، بمناسبة أعياد الثورات اليمنية سبتمبر وأكتوبر.
وأقدمت تلك العناصر على إنزال الأعلام الوطنية واليافطات الخاصة بالمناسبة، دون إظهار أي أوامر رسمية بالمنع، ما أثار موجة استياء في أوساط المشاركات ومنظمات حقوقية.
قلق أمريكي من إجراء يقوض القيم الأساسية لحرية التعبير
وأعربت السفارة الأمريكية لدى اليمن اليوم الاثنين، عن قلقها البالغ إزاء تقارير تحدثت عن مداهمة فعالية نسائية لحزب التجمع اليمني للإصلاح في مدينة المكلا مؤخرًا.
وقالت السفارة في بيان إن هذا الإجراء يقوض القيم الأساسية لحرية التعبير والتجمع.
واضافت "نشعر أيضًا بقلق كبير إزاء الاعتقالات المتواصلة والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون".
وتابعت "هذه الممارسات تكبت حرية الصحافة وتعيق الدور الحيوي للإعلام في تعزيز المساءلة والشفافية".
وأكد البيان التزام الولايات المتحدة بدعم الشعب اليمني في مساعيه نحو الكرامة والحرية والعدالة، مشددًا على أن احترام الحقوق الأساسية شرط لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار.
وتوالت ردود فعل اليمنيين، تجاه مزاعم نجل البيض، باعتباره كحالة من النزق السياسي الذي يضرب بجذوره في عمق الأزمة، حين تتحول السياسة من فن إدارة التنوع إلى نزعة إقصائية متعالية.
نزعة اقصائية متعالية
وتعليقا على ذلك وصف النائب البرلماني علي عشال، طرح البيض بـ "عقلية وصاية تستبطن نزعة استعلاء" تمارسها مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، في المحافظات الخاضعة لسيطرتها المسلحة، في الوقت الذي أكد أن "الجنوب ليس حكرا على أحد وأن زمن الوصاية قد ولى.
وقال عشال "في حياة الشعوب، تمر لحظات فارقة تتطلب من النخب السياسية أن ترتقي إلى مستوى اللحظة، وأن تتسع رؤاها لاستيعاب التعدد والتباين، لا أن تنكفئ على نفسها وتغلق الأبواب في وجه الآخر. غير أن ما يطفو أحيانًا على سطح المشهد السياسي، يكشف عن عقول تضيق بالأفق الوطني الرحب، وتحاول أن تختزل الوجود السياسي والاجتماعي في إطار ضيق لا يتسع إلا لرؤيتها ولا يسمع الا لصداها".
وأضاف: "ما نراه اليوم من بعض الأصوات داخل المجلس الانتقالي الجنوبي ليس مجرد اختلاف في الرأي أو تباين في المواقف، بل هو تعبير عن حالة من النزق السياسي الذي يضرب بجذوره في عمق الأزمة، حين تتحول السياسة من فن إدارة التنوع إلى نزعة إقصائية متعالية".
وزاد "فبدلًا من بناء جسور الشراكة، يختار البعض أن يقيم الأسوار، وأن يضع نفسه في موقع الوصي على الآخرين، ناسيًا أن الجنوب، بتاريخه وتضحياته، ليس حكرًا على أحد، ولا يُختزل في مكوّن أو تيار بعينه".
وأوضح أن "الخطاب المتعالي، الذي يطل علينا بين الحين والآخر، يعكس ازدواجًا واضحًا في الموقف: يريد أصحابه أن يكونوا جزءًا من الدولة، وفي الوقت ذاته لا يؤمنون بمؤسساتها، ولا يحترمون مرجعياتها، ويشككون في كل ما لا يتوافق مع رؤيتهم". مؤكدا أنها "حالة من الفصام السياسي، لا يمكن أن تنتج مشروعًا وطنيًا جامعًا، بل تزرع بذور الفرقة، وتغذي نزعات الانقسام التي طالما دفع أبناء الجنوب ثمنها غاليًا".
وأشار إلى أن تصريحات عمرو البيض الأخيرة مثالًا واضحاً على هذا المنزلق، مضيفا: "أن يُستفز لأن مكونًا سياسيًا احتفل بثورتي سبتمبر وأكتوبر — وهما مناسبتان وطنيتان مجيدتان في الذاكرة اليمنية الجامعة — فيخرج ليعلن أننا “دولتان وشعبان”، "وأن نشاط حزب الاصلاح في حضرموت يعد تدخلاً أجنبياً في الشأن الجنوبي كونه حزباً شمالياً!!!".
ولفت إلى أن خطورة هذا الخطاب لا تكمن في قصوره وحدّته فحسب، بل في ما ينطوي عليه من نزوع لتجريف الحياة السياسية، وإعادة إنتاج آليات الإقصاء التي خبرناها في تجارب سابقة، مؤكدا أن "هذا الخطاب ليس رأيًا سياسيًا عابرًا، بل تجلٍ لعقلية وصاية تستبطن نزعة استعلاء، وتردد أصداء مقولة فرعونية شهيرة: “ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".
وأردف: "المفارقة أن الجنوب قد عانى من هذا السلوك الاستبدادي بالأمس، واليوم ترى البعض يعيد إنتاجه بوجه آخر. إنها ذات العقلية الإقصائية التي مارستها سلطات الولاية والاصطفاء في صنعاء، حين جرّفت الحياة السياسية، وصادرت الحريات، واحتكرت الحقيقة والرأي والقرار".
وتابع: "المشكلة ليست في الخلاف السياسي، فذلك أمر طبيعي في المجتمعات الحية، بل في الطريقة التي يُدار بها هذا الخلاف؛ بين من يرى التعدد مصدر قوة وإثراء، ومن يتعامل معه كتهديد يجب تهميشه أو محوه.
مشيرا إلى أنه "إذا ما استمر هذا النهج الإقصائي في الجنوب، فإنه لا يهدد فقط التوازنات السياسية الراهنة، بل يمس جوهر الشراكة الوطنية التي تشكلت عبر سنوات من النضال، وتجسدت واقعاً بعد اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة الذي أرسي أسس هذه الشراكة".
وأكد أن الجنوب ليس فراغًا سياسيًا، ولا أرضًا بورًا تنتظر من يزرع فيها رؤيته الخاصة، مضيفا: "إنه فضاء رحب، متنوع، صاغته أجيال من التضحيات، ولا يحق لأي طرف أن يختزله في ذاته. فالدولة لا تقوم على نزعات الاستعلاء، بل على الاعتراف المتبادل، واحترام التعدد، والاحتكام إلى مرجعيات وطنية جامعة".
وأشار إلى أن "اللحظة الراهنة تفرض على الجميع — داخل الانتقالي وخارجه — أن يراجعوا خطابهم ومواقفهم، وأن يدركوا أن الإصرار على اختزال الجنوب في رؤية واحدة لن يقود إلا إلى العزلة والتشرذم، بينما الطريق إلى المستقبل يمر عبر الاعتراف بالآخر، وتوسيع دائرة الانتماء، لا تضييقها. فالتاريخ لا يرحم من يكرر أخطاء الأمس، ولا يغفر لمن يتعامى عن دروسه".
وختم بالقول: "لقد انتهى زمن الوصاية على الجنوب وأبنائه بكل مكوناتهم وتنوعهم ، فإرادتهم الحرة اليوم هي المرجعية الوحيدة لصياغة الحاضر وبناء المستقبل، بعيدًا عن أي وصاية أو إقصاء من أحد".
منطق أعوج
من جانبه سخر الصحفي
ماجد الداعري
من تدوينة البيضا قائلا: "
تخيلوا أن هذا منطق ممثل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وكبير مستشاريه ومنسق لقاءاته وخطاباته وتحركاته الخارجية".
وأضاف "لكم أن تتوقعوا منه وأمثاله بهرم قيادة الانتقالي أي تصرفات وقرارات قد تبنى على هكذا منطق يعتبر أنصار حزب سياسي موجود بالساحة بشكل رسمي وكأنهم أجانب يتدخلون بشؤون الجنوب".
مشاريع طارئة
الكاتب والإعلامي امين بارفيد
علق بالقول "
الطفل الذي لم يعش شهر في حضرموت بغى يكمل الذي نقصه ابوه
".
وأضاف مخاطبا نجل البيض: ماذا تعرف عن حضرموت انت حتى تحشر انفك في واقعها ومصيرها يا بن كمن ضاحية؟
في إشارة إلى أنه عاش وتربى مع والده في مقر إقامته في بيروت لبنان، بعد حرب الانفصال عام 1994م.
وتابع بارفيد قائلا: "
قلت لي تدخلا أجنبيا يا أجنبي الملبس والمأكل والمنشأ
".
وأكد بارفيد "التعددية السياسية وحرية التعبير وحق التجمهر مكاسب وحقوق عظيمة مقدسة كفلها الدستور والقانون، لن نفرط فيها ولن نسمح للمشاريع الطارئة والكيانات الوظيفية المدفوعة بأموال مشبوهة تقويض الحياة والتنوع السياسي الأصيل في حضرموت تحت اي ذرائع".
وأردف "سندافع عن حق كل الكيانات السياسية في التعبير عن برامجها السياسية والمدنية وليس فقط حزب الإصلاح".
الناشط السياسي أسامة المحويتي
، غرد بالقول
"وفق الرؤية الجنوبية والشمالية والشرقية، فإن أكبر جريمة ارتكبها علي سالم البيض في حياته، ليس القبول بالوحدة، ولا إعلان الانفصال، الجريمة الكبرى هي إنجاب ولده عمرو".
كما يقول.
وقال "
أما بخصوص نشاط رشاد العليمي في عدن، فهو ليس تدخلًا أجنبيًا في الشأن الجنوبي، لأنه لا يؤثر على (...).
الناشط صالح منصر اليافعي
اكتفى بالقول:
ماذا عن التدخلات الإماراتية والإسرائيلية؟
محاولات لتبرير قمعهم
الصحفي توفيق أحمد قال "
ادعاءات المجلس الانتقالي بأن نشاط حزب الإصلاح في حضرموت يمثل "تدخلاً أجنبياً" محاولة لتبرير قمعه ومنعه، بما في ذلك الاعتداء على النساء ونزع الأعلام الوطنية".
وأكد أحمد أن حزب الإصلاح جزء من الشعب اليمني، وأي محاولة لتقسيم الوطن أو فرض الإقصاء بالفوضى ستفشل أمام إرادة المواطنين الأحرار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news