تحل اليوم ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر (28 سبتمبر 1970)، أحد أبرز الشخصيات العربية في القرن العشرين، ورمزًا للجدل بين مناصريه وخصومه.
ارتبط اسم عبد الناصر بالشعارات الكبيرة: الوحدة العربية، تحرير فلسطين، العدالة الاجتماعية. كانت خطاباته الحماسية تلهب مشاعر الجماهير من المحيط إلى الخليج، وتمنح الناس الأمل بمستقبل عربي موحد قوي. لكن كثيرًا من هذه الشعارات بقيت في حدود الخطاب السياسي ولم تتحقق على أرض الواقع.
في حرب يونيو/حزيران 1967 واجه عبد الناصر أكبر اختبار، حين خسر العرب في ستة أيام أراضي واسعة: سيناء في مصر، الجولان في سوريا، والضفة الغربية والقدس في فلسطين. كانت الهزيمة صدمة كبرى وزلزالًا سياسيًا ونفسيًا للعرب، وأضعفت صورة عبد الناصر كقائد منتصر، فغدا عند البعض "زعيم الشعارات الوهمية".
لكن في المقابل، لا يمكن إنكار إنجازاته الداخلية: مشروع السد العالي، الإصلاح الزراعي، توسيع التعليم المجاني، ودعم حركات التحرر في أفريقيا والعالم العربي. كما أنه بدأ بعد 1967 بإعادة بناء الجيش المصري، وهو ما شكل الأساس لانتصار أكتوبر 1973 في عهد أنور السادات.
يبقى جمال عبد الناصر شخصية استثنائية: جمع بين الأحلام الكبيرة والخيبات القاسية، بين الإنجازات التنموية والهزائم العسكرية. ورغم كل الجدل، يظل حاضرًا في الذاكرة العربية كرمز لمرحلة مضطربة ومليئة بالتناقضات.
الدروس المستفادة من تجربة عبد الناصر.
تجربة جمال عبد الناصر تحمل الكثير من الدروس:.
أن الشعارات وحدها لا تكفي إذا لم تسندها قوة اقتصادية وعسكرية حقيقية.
أن الإصلاح الداخلي أساس لأي مشروع نهضوي، فلا يمكن قيادة الأمة من دون عدالة وتنمية.
أن الهزائم ليست نهاية المطاف، بل يمكن أن تكون منطلقًا لإعادة البناء، كما حدث في إعداد الجيش بعد 1967.
وهكذا تبقى ذكرى عبد الناصر محطة للتأمل في تاريخنا: ما تحقق، وما ضاع، وما يجب أن نتعلمه للمستقبل.
عدن -سمير الوهابي .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news