أجهزة القمع الحوثية تطارد المحتفين بـ26 سبتمبر والناقدين على “فيسبوك”

عادت حمّى اختطافات جماعة الحوثي المصنفة دوليًا في قوائم الإرهاب، للنشطاء والكتاب والصحفيين في العاصمة صنعاء، ومحافظات يمنية أخرى، خاضعة بقوة السلاح للجماعة، على خلفية الكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتزامن مع احتفالات اليمنيين بذكرى ثورة 26 سبتمبر.

ووفق مصادر محلية، بدأت الجماعة الحوثية إجراءات أمنية مشددة لمواجهة أي بوادر لدى السكان للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية، التي كانت قد أطاحت بأسلاف الجماعة في عام 1962، ووجّهت أجهزتها الأمنية بتشديد الرقابة، ومتابعة أي أنشطة أو توجهات تؤشر على نيات لتنظيم احتفالات شعبية بالمناسبة.

وفي آخر عملية اختطاف، بصنعاء، قالت مصادر محلية وأخرى حقوقية لـ "برّان برس"، إن جماعة الحوثي المدعومة إيرانيًا، اختطفت الصحفي ماجد زايد، والكاتب أوراس الإرياني، مشيرة إلى أن مسلحين حوثيين، اختطفوا الصحفي "ماجد زايد"، أثناء ما كان في إحدى العيادات، بانتظار دوره للعلاج، دون مراعاة لوضعه الصحي.

وأمس الأول، اختطفت الجماعة الكاتب "أوراس الإرياني" عقب خروجه من منزله في منطقة سعوان بصنعاء، بسبب كتاباته الأخيرة، والتي تناول فيها انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر/ أيلول. في حين أكدت مصادر حقوقية، أن عائلة "الإرياني" فقدت الاتصال به، عقب خروجه من المنزل، وإغلاق هاتفه، ثم أغلق حسابه في تطبيق "فيسبوك" بعد ساعات من اختفائه.

همدان.. 3 مختطفين

اختطافات الجماعة، طالت 2 من أقرباء القاضي عبدالوهاب قطران، الذي سبق أن تعرض للاختطاف من قبل الجماعة، بحسب نشاطه المعارض لها، وكتاباته الناقدة في وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال "قطران" نفسه، في بلاغ صحفي، إن قوة مسلحة تابعة للحوثيين، اقتحمت الأحد، منزله في مديرية همدان شمالي غرب العاصمة صنعاء، لتختطف شقيقه "عارف" ونجله "عبدالسلام"، مشيرًا إلى أن القوات حاصرت المنزل، ووجهت الرشاشات، من نوع 12.7 صوب البيت.

وذكر أن القوة المسلحة اقتحمت السطح وأجبرت شقيقه ونجله على تسليم هواتفهما ومصادرتها بشكل تعسفي، ومن ثم اقتيادهم قسراً، إلى جهة مجهولة.

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ "بران برس"، فإن اختطاف الحوثيين لعارف قطران ونجله، جاءت لأسباب نشاطهما على "فيسبوك" حيث كتبا منشورات تنتقد يوم انقلاب الجماعة، وتشيد بثورة 26 سبتمبر، كما جاءت بعد أيام من اختطاف ناشط في المنطقة ذاتها.

والأسبوع الماضي، تعرض الناشط "جميل حمود شريان" من أبناء مديرية همدان بصنعاء، للاختطاف، بعد سلسلة منشورات مؤيدة للجمهورية وثورة سبتمبر، استهلها منذ مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري.

إب.. اختطاف تربوي

وفي محافظة إب، وسط البلاد، واصلت الجماعة المدعومة من إيران الاختطافات بحق نخب المحافظة، والتي كانت قد بدأتها قبل أشهر، وطالت حتى اليوم ما يقارب من 90 شخصاً في سجونها.

وقالت مصادر حقوقية، إن المعلم في مدرسة الشهيد الدعيس بمديرية بعدان، "نجيب النصيف"، تعرض للاختطاف اليوم، من قريته "منزل حميد" والتي يعمل فيها كذلك كعدل للقرية.

وجاء اختطاف المعلم "النصيف" وفق المصادر، على خلفية منشور، في حسابه على فيسبوك كما أنه ظهر متشحاً بالعلم اليمني ويحمل شعار ثورة 26 سبتمبر، في خطوة اعتبرتها المليشيا "استفزازًا" لمواقفها المناهضة للثورة.

حجة.. اختطافات بالجملة

وفي محافظة حجة، (شمالي غرب اليمن)، أكدت مصادر محلية، اختطاف الجماعة لأكثر من 30 شخصاً منهم، ناشطون إعلاميون، على خلفية استعدادهم للاحتفال بذكرى الثورة اليمنية 26 سبتمبر.

المصادر قالت، إن الاختطافات تمت خلال اليومين الماضيين، بتهمة الكتابة ورفع العلم اليمني أو التحضير لإقامة فعاليات احتفالية، وذلك من مدينة حجة ومناطق أخرى في المحافظة.

انتهاكات متصاعدة

حقوقياً، اعتبرت منظمة سام للحقوق والحريات انتهاكات الحوثيين المتصاعدة بحق الكتّاب والصحفيين والنشطاء جزءاً من سياسة ممنهجة، تستهدف حرية الرأي والتعبير، وتكشف عن مناخ قمعي يهدد الحريات العامة ويصادر الحق في المشاركة المجتمعية.

"سام" ومقرها جنيف، في بيان لها، اطلع عليه "بران برس"، أوردت ملابسات اختطاف الحوثيين، للشاعر والكاتب "أوراس الإرياني"، لافتة إلى أنه "خرج من منزله في صنعاء بعد المغرب، وانقطع الاتصال به، حيث أُغلق هاتفه، وأنّ صفحة الكاتب على فيسبوك اختفت بعد ساعات من اختفائه".

وأشارت إلى أنها سجلت أيضاً اختطاف الصحفي ماجد زايد، موضحة أنّ ذلك جاء بعد يومين من نشره لأغنية وطنية تحتفي بالعلم اليمني، على فيسبوك، بالتزامن مع حلول ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.

وقالت إن مصيرهما "ما يزال مجهولاً ولا يُعرف مكان احتجازهما"، معتبرةً أن هذه الاعتقالات تأتي في إطار سياسة متكررة للجماعة، تقوم على الانتقام من كل من يحيي ثورة 26 سبتمبر أو يعبّر عن مواقفه تجاه هذه المناسبة، بما فيها رفع الأعلام ونشر الأغاني الوطنية.

وبينت أن محاولة الانتقام من كل من يحتفي بثورة 26 سبتمبر تشكّل محاولة لطمس ذاكرة وطنية يعتبرها اليمنيون تاريخاً مجيداً، معتبرةً أنَّ المساس بالاحتفالات الوطنية والاعتقال بسببها يعرّض النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية لأضرار جسيمة.

وطبقاً لمنظمة "سام" تمثل هذه الاعتقالات تجلّياً واضحاً لمناخ القمع والاضطهاد ومصادرة الحريات الأساسية، مطالبة الحوثيين بالكشف فوراً عن مكان احتجازهما والسماح لذويهما والمحامين والمنظمات الحقوقية بالاتصال بهما والتواصل معهما دون قيود.

وفي الوقت نفسه، دعت المجتمع الدولي، بمن فيهم آليات حقوق الإنسان الأممية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، بالتنديد الفوري بالضغط على الحوثيين لوقف سياسة التنكيل بالصحفيين والأدباء والنشطاء.

الحوثيون يحذرون 

في المقابل، تأتي هذه الاختطافات المتصاعدة، وسط حالة استنفار أوساط الجماعة، المصنفة في قوائم الإرهاب، والتي تعمل على رصد نشاطات التواصل الاجتماعي، ومراقبة أي كتابات تخرج عن نهجها المعارض للاحتفالات بثورة 26 سبتمبر.

وبهذا الخصوص، نشرت وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها)، اليوم بياناً حذرت فيه، من ما أسمته "مخططات معادية خبيثة" زعمت أنها تستهدف الجبهة الداخلية، وتهدف إلى إثارة الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار.

بيان الحوثيين، زعم، أن الوزارة الانقلابية، حصلت على معلومات مؤكدة، "كشفت عن سعي الأعداء لتنفيذ مخططاتهم باستغلال المناسبات الوطنية تحت عناوين وشعارات خادعة، داعياً المواطنين إلى “رفع مستوى اليقظة والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة”، كما منع “باتا” أي أنشطة خارج الإطار الرسمي للمناسبات الوطنية.

ومنذ مايو/ أيار الماضي، تشن جماعة الحوثي، حملة اختطافات متواصلة، بحق الناشطين والعاملين في المجال الإنساني، في أغلب المناطق الخاضعة لسيطرتها.

هيستيريا الحوثيين

وفي أحدث بيان وصفت الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين (غير حكومية)، وصفت الاختطافات الأخيرة التي تنفذها الدائرة الأمنية لجماعة الحوثي، بأنها تعكس حالةً من التخبط والهستيريا داخل صفوف الجماعة.

وقالت الهيئة في بيانها، إنها وثقت منذ مايو وحتى سبتمبر 2025 مئات حالات الاختطاف والاحتجاز، بينها: (97) مدنيًا في محافظة إب، و(63) في صعدة، و(40) في الحديدة، (37) في تعز، (10) في ريمة، و(6) في صنعاء، و(1) في عمران.

وأشارت إلى أن هؤلاء المختطفين ما يزالون في سجون الجماعة، مشيرة إلى جملة الاعتقالات التي طالت قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام – جناح صنعاء، بينهم الأمين العام للحزب غازي أحمد علي محسن.

وذكرت أنه رافق هذه الاعتقالات خطابُ تَهْجمٍ رسمي وإعلامي باتهام الموقوفين بـ “التعاون مع جهات أجنبية” ووصمهم بـ “المرتزقة والعملاء”، وهو خطابٌ استخدمته الجماعة لتبرير القمع وشرعنته داخلياً خلال السنوات الماضية.

استنفار الأجهزة القمعية

ووفق مصادر مطلعة، كثفت الجماعة خلال الأيام الماضية انتشارها العسكري والأمني في صنعاء ومحيطها، حيث شوهدت أعداد كبيرة من عناصرها على متن دوريات ومدرعات في الشوارع الرئيسية ومداخل ومخارج المدينة، إضافة إلى وجود مكثف في الأحياء والحارات السكنية، في مشهد يوحي بفرض حالة طوارئ غير معلنة.

بالتوازي، كثّفت عناصر ما يسمى "الأمن الوقائي" حملات التفتيش على هوية المدنيين، لا سيما الشباب والمراهقين القادمين من المحافظات إلى صنعاء. وأكد شهود أن الجماعة نفذت عمليات تدقيق واستجواب موسعة شملت ركاب الحافلات، وسألتهم عن أسباب دخولهم صنعاء وأماكن إقامتهم، في خطوة تعكس حالة القلق المسيطرة على قيادة الجماعة.