تهامة 24– تقرير خاص
في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول 2014، استيقظ اليمنيون على انقلابٍ غيّر مسار تاريخهم الحديث، حين اجتاحت مليشيا الحوثي العاصمة صنعاء وأسقطت مؤسسات الدولة، لتبدأ رحلة طويلة من الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ما زالت تداعياتها تعصف بالبلاد حتى اليوم.
أحد عشر عامًا مرت على ما يسميه اليمنيون بـ”نكبة 21 سبتمبر”، وهو اليوم الذي أعادهم عقودًا إلى الوراء، محمّلين بالحروب والدمار والانقسام. ففي الوقت الذي رُوّج فيه الانقلاب بحجة “رفض جرعة الألف ريال”، وجد المواطنون أنفسهم أمام “جرع” من الويلات، أبرزها الفقر والجوع وفقدان الخدمات الأساسية، رغم ما يملكه اليمن من ثروات وموارد.
دولة غابت.. ومليشيا حضرت
منذ ذلك اليوم، اختفى حضور الدولة بمعناها المؤسسي، وحلّت مكانها سلطة أمرٍ واقع تفرض قوتها بقوة السلاح والشعارات الطائفية. المواطنون يرون في هذا التاريخ لحظة الانقلاب على الجمهورية، وانطلاقة لعهد جديد من الاستبداد والقمع والتجويع.
يقول أحد الناشطين: “لم يكن 21 سبتمبر مجرد انقلاب سياسي؛ بل كان لحظة انهيار كامل للدولة ودخول البلاد في أتون حرب مفتوحة غذّتها أطماع داخلية وأجندة إقليمية”.
يوم أسود في ذاكرة اليمنيين
كثيرون يصفون هذا اليوم بأنه “النكبة الثانية” بعد سقوط الإمامة، معتبرين أنه أعاد اليمنيين إلى زمن التمييز الطبقي والجهل والخرافة. ويرى مواطنون أن الحوثيين لم يكتفوا بالسيطرة على مؤسسات الدولة، بل سعوا إلى إعادة تشكيل المجتمع وفق أسس سلالية تميّز بين “السيد والتابع” و”القنديل والزنبيل”.
وبحسب تقارير إنسانية، يعيش أكثر من 17 مليون يمني في دائرة انعدام الأمن الغذائي، فيما حُرم مئات الآلاف من مرتباتهم منذ سيطرة الحوثيين على مؤسسات الدولة، وهو ما جعل الحياة اليومية للمواطنين أشبه بصراع دائم من أجل البقاء.
طمس الهوية ومصادرة الثورة
بعد عقدٍ من الزمن، يتهم يمنيون الحوثيين بمحاولة طمس الهوية الوطنية وتزوير الوعي الجمعي، من خلال محاربة قيم الجمهورية وتشويه ثورة 26 سبتمبر التي أنهت حكم الأئمة عام 1962.
إحدى الناشطات الحقوقيات تؤكد: “نكبة 21 سبتمبر لم تكن انقلابًا على الدولة فقط، بل كانت انقلابًا على الحلم اليمني بالحرية والمساواة، وإعادة البلاد إلى ظلام الإمامة البغيضة”، مضيفة أن نتائج ذلك الانقلاب تتجلى اليوم في اتساع رقعة المقابر وتراجع التعليم وانتشار الفقر والأمية.
احتفاء قسري ورفض شعبي
ورغم محاولات الحوثيين فرض الاحتفاء بهذا اليوم باعتباره “مناسبة وطنية”، إلا أن غالبية اليمنيين يرونه يومًا أسود جلب الخراب والدموع. “بماذا سيحتفي الحوثي غير بالقبور والجهل والخراب؟” يتساءل أحد المواطنين، مشيرًا إلى أن الشعب يُجبر على المشاركة في فعاليات لا يرى فيها إلا إهانة لذاكرته وكرامته.
عقد من النكبة.. والمستقبل غامض
بعد مرور أحد عشر عامًا، ما تزال اليمن غارقة في حربٍ لا يبدو أن لها نهاية قريبة. ملايين اليمنيين بين جوع وتشريد، ومؤسسات منهارة، واقتصاد مشلول، فيما يظل 21 سبتمبر محفورًا في الذاكرة الوطنية كيوم غيّر مسار البلاد، وأدخلها في نفق مظلم لم تُبصر نهايته بعد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news