ماذا يعني سبتمبر بالنسبة للشعب اليمني؟
قبل 29 دقيقة
سبتمبر الوافد الذي اشعل منارات العلم واعاد الإعتبار لكل ما له علاقة بالحياة والحرية والكرامة والبطولات، الفكرة التي أضاءت جنبات البلاد واللحظة التي رسمت مجدا خالداً من العدم والشرارة التي توهجت بفضلها العقول ليصبح دستور اعتنقه كل من أحب الحرية.
سبتمبر ليس ذكرى عابرة في الروزنامة، بل ميلاد أمة جديدة فتح أمامها ابواب الحرية وجسد روح الهوية الوطنية كما لم تتجسد من قبل وأعلن عن منعطف لا يمكن نسيانه.
سبتمبر بالنسبة لليمنيين ليس مجرد شهر في التقويم ولا تاريخًا يمر كل عام بالاحتفالات الرسمية والشعبية؛ بل بوابة عبور نحو الكرامة والهوية الوطنية، اللحظة التي كُسرت فيها قيود الظلم والكهنوت، واستعاد فيها اليمني حقه في أن يكون مواطنًا وليس تابعًا.
قبل سبتمبر 1962 كان اليمن يعيش عزلة قاتلة خلف أسوار الإمامة، مثقلًا بالفقر والجهل والمرض، بلا صوت ولا أفق حتى جاءت الثورة لتفتح نوافذ الأمل وتضع الشعب على أول الطريق نحو التعليم وبناء الدولة.
سبتمبر ليس حدثًا يخص جيل الآباء؛ إنه ميراث أجيال، لأنه أعاد تشكيل وعي اليمني بذاته وصاغ حلمه بالحرية والمواطنة المتساوية. كل مدرسة تُشيّد وطريق يُعبّد، وكل قلم يكتب بحرية هو ثمرة من ثمار سبتمبر.
الوحدة الوطنية أبرز أهدافهه تزامنت مع اقرار التعددية السياسية وتَوسّعت مساحة الحقوق والحريات؛ نشأت الصحافة الوطنية، وتأسست النقابات والاتحادات، وأُفسح المجال أمام منظمات المجتمع المدني للعمل في مراقبة الأداء العام والدفاع عن قضايا الناس.
كما جرت انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية في أكثر من دورة، ما وسّع قاعدة المشاركة الشعبية، وفتح الطريق أمام تداول سلمي للسلطة وإشراك مختلف فئات المجتمع في القرار الوطني.
سبتمبر دولة القانون لا دولة السلالة؛ فالشعب مصدر السلطة، والمواطنة هي الرابط الأسمى بعيدًا عن التمييز والاصطفاء. لذا يظل سبتمبر عنوانًا للصراع بين مشروع الدولة الإمامة مهما اختلفت الوجوه والمسميات.
اليوم نشهد خروج البلاد عن مسارها الدستوري وهو ما أدى لكل هذه الفوضى والاستبداد والعنف والانهيار، ومع ذلك يبق سبتمبر يذكرنا بواجب الدفاع عن الجمهورية وتجديد العهد بأهداف الحرية والمساواة.
اليمنيون اليوم بحاجة إلى استلهام هذه الروح في مواجهة مشاريع التفتيت والكهنوت الجديد، وتوحيد صفوفهم لإحياء مبادئ الدولة العادلة.
سبتمبر بالنسبة لليمني هو الحياة بعد الموت، والنور بعد الظلام، وصوت يتردد جيلاً بعد جيل: لن نعود إلى القيد مهما كانت التضحيات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news