خاص – يمن ديلي نيوز:
توارثت قبائل محافظة مأرب (شمال شرقي اليمن) ضمن أعرافها وعاداتها مبدأ الوقوف صفًا واحدًا ضد أي مخاطر تهددها. وفي حال كان الخطر شديدًا، تتداعى القبائل لإقامة ما يُعرف بـ “المطارح”، كتعبير عن أعلى درجات الاستنفار لكسر الخطر الداهم.
ويُعرّف المطرح في الأعراف القبلية بأنه مكان تحتشد فيه القبائل وأفرادها بدعوة من مشائخها ووجاهاتها، عند وقوع أحداث تهدد الأمن أو تتطلب موقفًا جماعيًا، سواء كان لمواجهة خطر خارجي أو نزاع داخلي. كما يُستخدم المطرح للتعبير عن التضامن في قضية كبرى.
يشكّل المطرح نوعًا من المعسكر القبلي المؤقت، حيث يعلن رجال القبيلة استعدادهم الجماعي للوقوف مع القضية وصد أي خطر يهددهم.
بدأت فكرة المطارح في ثمانينات القرن الماضي كعرف محلي في مأرب كما أفاد متخصصون “يمن ديلي نيوز” لكنها تحوّلت عام 2014، بينما كان الحوثيون يحاصرون العاصمة صنعاء، إلى أيقونة انتصار، وشكّلت نقطة انطلاق للمقاومة الشعبية لكسر زحف الحوثيين نحو مأرب وبقية المحافظات اليمنية.
في 18 سبتمبر/أيلول 2014، ومع استعداد الحوثيين لاقتحام صنعاء بعد حصارها من مختلف المداخل، تداعت قبائل مأرب والجوف وعدد من رجال اليمن من مختلف المديريات، وأعلنت تأسيس مطارح نخلاء، التي أطلقت شرارة المقاومة للحوثيين وغيّرت مسار الحرب في العام 2015.
يشدد باحثون ومشاركون في المطارح أن هذه المبادرة شكلت نواة المقاومة ضد جماعة الحوثي، وكانت نقطة التحول الحقيقية في معركة التصدي لاجتياح المحافظات اليمنية، حيث تمكنت هذه المطارح من إيقاف زحف الحوثيين على مأرب وأجبرتهم على التراجع.
راية المقاومة
يقول الباحث اليمني، محمد اليوسفي، إن مطارح مأرب بدأت فكرة في 1989 لكنها “النقطة المضيئة لليمن بعد نكبة 21 سبتمبر، اليوم المشؤوم في تاريخ اليمن الحديث”.
ويضيف “اليوسفي”، في حديث لـ”يمن ديلي نيوز“، على هامش ندوة عقدت سابقاً: المطارح كانت “راية المقاومة لاستئصال المشروع الامامي الكهنوتي، وملهمة في رفع صوت الرفض، لأن اليمن يمن الجميع، لا استحواذ لطائفة تبسط نفوذها بعقدتها التاريخية على شعب عريق وحيّ عبر التاريخ”.
ولفت الباحث اليوسفي إلى أن المطارح كانت هي “البداية، وأول المواجهة في مختلف جهات مأرب الأربع، ومثلت المعركة، وكسرت عظم الحوثي، ووأدت مشروعه السلالي، ومرغت أنفه في التراب”.
حدث مفصلي
في السياق قال الباحث والكاتب ،حسين الصادر، إن المطارح “أوجدت التوازن السياسي على مستوى الوطن، حيث تبنت مشروع المقاومة الذي أفضى إلى وجود الشرعية”.
وقال “الصادر” لـ ”يمن ديلي نيوز“، على هامش الندوة التي عقدت في 2023 إنه وبدون المطارح “كفعل شعبي مقاوم ما كان للتوازن السياسي أن يتم”.
وشدد على أن المطارح “هي من قامت بالمعركة أساسا أواخر سبتمبر2014م حتى قدوم قوات التحالف العربي في 15 أكتوبر 2015م.
الشرارة الأولى
يقول الشيخ “عوض بن علي مثنى” أحد المشاركين في تأسيس مطارح نخلا إن “مطارح نخلا تأسست في مرحلة فارقة في تاريخ اليمن، وتداعى لها الأبطال من جميع قرى ومديريات محافظة مارب والتحق بها أحرار الجمهورية، ونظَّموا صفوفهم للدفاع عن وطنهم ودحر المليشيات الكهنوتية”.
وذكر في كلمة خلال مهرجان أقيم بمناسبة مرور 11 عاماً على تأسيس المطارح إن تأسيس المطارح شارك “كوكبةٌ من خيرة أبناء مأرب كانوا في واجهة التأسيس من وجهاء ومشايخ ومثقفين، وارتقى منهم الشهداء وضحوا بأرواحهم وأبنائهم وكل ما يملكونه في سبيل الدفاع عن مبادئهم ووطنهم”.
وشدد مثنى في كلمته على أن المقاومة الشعبية في أتم الاستعداد لخوض المعركة مجدداً “وتخليص المستضعفين من قبضة هذه المليشيات الظلامية واستعادة مؤسسات الدولة” حسب قوله.
إلى ذلك قال “عبدالرب الغويبي” رئيس غرفة القيادة المركزية لمقاومة مأرب والجوف، إن مطارح نخلا كانت هي الشرارة التي أشعلت مشاعل الكفاح وأيقظت همم الرجال وحافظت على مكتسبات الثورة اليمنية التي دكت أوكار الإمامة في ستينات القرن الماضي.
ويضيف: مطارح نخلا كانت أهم حدث ثوري في تاريخ اليمن بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، وهما حدثان عظيمان في شهر واحد سبتمبر المجيد، وكانت المطارح حدثاً ثورياً يعد امتداداً للثورتين اليمنيتين سبتمبر واكتوبر وكان من أهم أهدافه الحفاظ على مكتسبات هاتين الثورتين.
وشدد على أن المقاومة الشعبية ستواصل النضال والكفاح حتى تحرير آخر شبر من تراب هذا الوطن وتخليصه من سيطرة هذه المليشيات الإرهابية. كما قال.
مرتبط
الوسوم
قبائل مأرب
مطارح مأرب
مطارح نخلا
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news