كتاب الرأي
الكاتب: مؤمن الحاج
تعز تلك المدينة التي لطالما كانت تُعتبر منارة للثقافة والفنون وموطنًا للعلماء والأدباء تواجه اليوم أزمة حقيقية تهدد وجودها وهويتها. اغتيال الأستاذة افتهان المشهري مديرة صندوق النظافة والتحسين في وضح النهار وأمام أعين الناس جاء ليؤكد أن القيم والأخلاق في خطر، وأن المدينة التي عرفها أهلها كقلعة للعلم والثقافة باتت تواجه تحديات غير مسبوقة.
في يومٍ عادي اعتادت الأستاذة افتهان الذهاب إلى عملها دون مرافقين أو سلاح معبرة عن ثقتها في مجتمعها وإيمانها بقيم السلام والأمان لكنها تعرضت لاغتيال غادر من قبل أشخاص يحملون أسلحة نارية حيث أطلقوا عليها النار في موقع مكتظ بالسكان مما زاد من صدمة الجميع. هذا الهجوم لم يكن مجرد استهداف لشخص بل استهداف للقيم الإنسانية والأخلاقية التي تمثلها ولرسالة النظافة والجمال التي آمنت بها طوال حياتها العملية
تم إغتيال مديرة النظافة والتحسين الأستاذة افتهان المشهري وهي تؤدي واجبها في تنظيف ما خلفه غيرها من فساد وإهمال. كانت تحاول إصلاح القذارة الظاهرة لكنها لم تكن تعلم أن القذارة الحقيقية كانت خلفها… تنتظر الفرصة لتصفيتها. قتلت لأنها كانت نظيفة في مكانٍ للأسف — لم يعد نظيفًا ولا يحتمل الطهارة
٣٠ طلقة رصاص غادرة في صدر امرأة
اغتيال النساء جريمة في حق الدين والقيم والأخلاق والرجولة والشرف وهي جريمة لم تعرفها تعز من قبل فالمدينة التي احتضنت عشرات النساء البارزات في مختلف المجالات لا يمكن أن تتسامح مع تحول مكانها إلى ساحة للاغتيالات الممنهجة ولا يمكن أن تمر هذه الجريمة دون مساءلة صارمة. إن قتل امرأة تعمل من أجل النظافة يُعد تراجُعًا أخلاقيًا ومجتمعيًا عميقًا، ويستدعي وقفة ضمير لا يمكن للمجتمع أن يتخلى عنها
لقد كانت الأستاذة افتهان رمزًا للالتزام والتفاني في خدمة مدينتها. عملت بلا كلل لتحسين خدمات النظافة، وكانت تسعى دائمًا لجعل تعز مدينة أجمل. إن اغتيالها يمثل خسارة فادحة ليس فقط لعائلتها وزملائها، بل لكل من يؤمن بأهمية العمل من أجل تحسين المجتمع وتعزيز القيم الإنسانية.
ومع تزايد حالات العنف والجريمة، يتساءل الكثيرون: إلى أين تتجه تعز؟ المدينة التي كانت تُعتبر مركزًا للعلم والثقافة تواجه الآن تحديات كبيرة تهدد استقرارها. إن اغتيال شخصية بارزة مثل الأستاذة افتهان يكشف عن تآكل القيم والأخلاق في المجتمع ويعكس أزمة حقيقية تحتاج إلى معالجة عاجلة.
فور وقوع الحادث عم الحزن والغضب بين أهالي تعز. عبر العديد من الناشطين والمواطنين عن استنكارهم لهذه الجريمة، مطالبين بضرورة محاسبة الجناة وتقديمهم للعدالة. إن هذا الحادث قد يكون نقطة تحول في وعي المجتمع؛ حيث يجب أن يتحد الجميع ضد العنف ويعملوا على استعادة الأمن والنظام. لا مجال للرهان على نسيان القتلة أو تحويلها إلى رقمٍ آخر في سجل الجرائم فكل حياةٍ تُزهق هنا تترك أثرًا لا يُمحى في نسيج المدينة.
إننا نناشد السلطات المحلية ومدير الأمن بسرعة القبض على الجناة وتقديمهم للعدالة. يجب أن تكون هناك محاكمات علنية في وسط شارع جمال لتأكيد أن الجرائم لن تمر دون عقاب. إن العدالة ليست فقط حقًا لأهل الضحايا، بل هي حق لكل مواطن يسعى للعيش في أمان وهي الطريق الوحيد لاستعادة الثقة بين المواطن والدولة المماطلة أو التساهل معناها تشجيع المزيد من الجرائم وإعطاء المجرمين رسالة الإفلات من العقاب.
يلعب الإعلام دورًا حيويًا في تسليط الضوء على القضايا المهمة وإيصال صوت المجتمع يجب على وسائل الإعلام أن تبرز أهمية العدالة وضرورة محاسبة الجناة كما يجب على المنظمات الدولية والمجتمع المدني العمل على تعزيز حقوق الإنسان في المدينة على الإعلام أن يذكّر أن الحديث عن الأمن ليس مجرّد خطاب بل مطلب إنساني ووطني يحتاج إلى خطوات عملية: تحقيقات شفافة، محاكمات نزيهة وإصلاحات مؤسسية حقيقية.
إن اغتيال الأستاذة افتهان المشهري ليس مجرد حادث عابر بل هو جرس إنذار لكل من يعيش في تعز. يجب على الجميع أن يدركوا أن تجاهل هذه الجريمة يعني السماح باستمرار ثقافة العنف والفوضى. تعز تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى وقفة حقيقية من جميع أبنائها ليتحدوا في مواجهة التحديات التي تعصف بالمدينة. دعوة لكل القوى السياسية والأمنية والاجتماعية أن تضع مصلحة المدينة فوق المصالح الشخصية، وأن تعمل على حماية المدنيين، لا على تسويق مظاهر القوة التي تُجهض حياة الأبرياء.
تعز لا يمكن أن تستعيد مكانتها إلا حين تنتصر للقانون والعدالة. السكوت على الدماء خيانة، والتغاضي عن القتلة مشاركة في الجريمة. إن دماء افتهان المشهري يجب أن تتحول إلى صرخة وعي وإلى عهد جديد يضع حدًا للفوضى ويرسم طريقًا آخر للمدينة — طريق الكرامة والقيم الإنسانية والرجولة الحقيقية التي تدافع عن الضعفاء وتحمي الأبرياء
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news