أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” إسحاق الحميري
: قال متخصصون في الشأن العسكري والإستراتيجي إن القيود الصارمة التي فرضتها جماعة الحوثي المصنفة إرهابية على تصوير وتداول مشاهد الغارات الإسرائيلية، تهدف بالدرجة الأولى إلى إخفاء حجم الخسائر خشية تصاعد الغضب الشعبي، وحماية الصورة الدعائية التي تسعى الجماعة لترسيخها بأنها الطرف المنتصر والمبادر في المواجهة.
ومؤخراً أصدرت الجماعة توجيهات “مشددة” توعّدت فيها سكان المناطق الخاضعة لسيطرتها بعقوبات قاسية ضد كل من يقوم بتصوير أو نشر مشاهد للأماكن المستهدفة بالقصف الإسرائيلي، مبرّرة ذلك بأن هذه المشاهد “تخدم العدو”.
وجاءت هذه التوجيهات عقب تداول واسع من قبل مواطنين لصور ومقاطع فيديو توثق الغارات الإسرائيلية التي طالت في العاشر من الشهر الجاري مواقع عدة بينها صحيفة 26 سبتمبر، إضافة إلى سقوط مدنيين في قصف استهدف مواقع عسكرية تقع وسط أحياء مكتظة في صنعاء.
في هذا السياق، فتح “يمن ديلي نيوز” نقاشاً مع متخصصين لقراءة دوافع الحوثيين وراء حظر توثيق الغارات الإسرائيلية، وتفسير هذا السلوك الذي يتعارض مع السياق الطبيعي، حيث يُفترض أن تكون الأولوية لتوثيق حجم الفاجعة والخسائر الناجمة عن القصف.
منهجية أمنية
يرى ،رئيس تحرير منصة “ديفاينس لاين” المتخصصة في الشأن العسكري والأمن “أحمد شبح” أن القيود الصارمة التي فرضها الحوثيون على تصوير الغارات الإسرائيلي يأتي ضمن منهجية أمنية واستراتيجية إعلامية تعتمدها الجماعة للتحكم المركزي بتدفق المعلومات.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: الجماعة تتبع منهجية أمنية وإعلامية تهدف إلى السيطرة المركزية على تدفق الأخبار والمواد، ومنع الوصول إلى مناطق نفوذها، ضمن منهجية غليظة للتعتيم واحتكار المعلومة، معتبرة هذه المعلومات “أسراراً” لا يجوز إفشاؤها.
وأضاف: الجماعة تعتبر نشر أخبار وصور الهجمات تهديداً أمنياً واستخباراتياً، قد يساعد خصومها على استغلالها، موضحاً أن هذا النهج يمتد أيضاً للهجمات التي تستهدف البنى التحتية المدنية والمنشآت الخدمية.
وأردف: تسعى الجماعة إلى التحكم الكامل في الرواية الرسمية والمعلومات المرتبطة بالضحايا والنتائج، حيث تعتبر أن نشر وتداول أخبار وصور الهجمات خطر أمني وتهديد استخباري يساعد في اختراق الجماعة ويوفر خدمة استخبارية لأعدائها.
خوف ردة الفعل
ومن ضمن الأسباب التي تدفع جماعة الحوثي لمنع تصوير الغارات الإسرائيلية وضحاياها يرى رئيس منصة “ديفاينس لاين” أن ذلك يأتي في سياق الخوف من أن يؤدي التركيز على معاناة المدنيين إلى ردة فعل شعبية سلبية تجاه الجماعة.
وأضاف: يخاف الحوثيون من تحميلهم مسؤولية الخسائر التي يتكبدها المدنيون جراء القصف الإسرائيلي، كونهم السبب في جذب التدخل الأجنبي وتسببوا في سقوط هذه الخسائر.
وذكر أن “الحوثيين يسعون دائماً إلى ضبط كيفية عرض خسائرهم البشرية وتسويقها بما يتوافق مع أهدافهم الإعلامية والدعائية. مشيراً إلى أن التعتيم شمل مؤخراً تجاهل الضحايا المدنيين رغم سقوط عشرات القتلى والجرحى، مع تجنب التفاعل مع وسائل الإعلام والصحفيين.
وقال إن منع تصوير قصف الاحتلال الإسرائيلي للمنشئات المدنية سيتيح للحوثيين إنتاج الصور والمواد الإعلامية مركزياً، وفق صياغة محددة تعكس منظورهم، دون السماح للمواطنين أو وسائل الإعلام أو منصات التواصل بنشرها.
الحفاظ على صورتها
من جانبه يرى رئيس مركز المخا للدراسات الاستراتيجية “عاتق جار الله” أن منع التصوير يعود لرغبتها في الحفاظ على الصورة التي رسمتها أمام جمهورها بأنها الطرف المنتصر والمبادر في المعركة.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: جماعه الحوثي حاولت إظهار نفسها خلال الفترة الماضية، أنها المبادرة وهي الطرف المنتصر، وبالتالي فإن أي أضرار تظهر للشعب اليمني قد تؤدي الى تراجع الصورة التي رسمتها.
وأضاف: إسرائيل سعت مؤخرًا إلى تقويض هذه الصورة عبر استهداف حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) لإيصال رسالة أنها تمكنت من التغلغل “أمنيًا ومعلوماتيًا” بعد أن كان ذلك غير متاحًا لها في جولات الحرب السابقة.
وتابع: الاستهداف الإسرائيلي لحكومة الحوثيين ليس استهدافاً لشريحة أو لكتلة من القيادات الحوثية بل يشير إلى أن إسرائيل بدأت تتوغل في صنعاء من الناحية الأمنية ومن الناحية المعلوماتية التي كانت تفتقد اليها.
التقليل من الاضرار
ولفت إلى أن الحوثيين يحاولون التقليل من أضرار الضربات الإسرائيلية والأمريكية، عبر الإيحاء بأن الأضرار لم تمس مواقع حساسة أو تقلل من قدراتهم العسكرية، وإنما اقتصرت على مصانع أو أهداف ثانوية، لتوصل رسالة للطرف الآخر مفادها “هذا القصف لم يضعف من قوتي”.
وحول مدى منطقية قرار جماعة الحوثي، بحظر نشر صور القصف أو الاعتراف بالخسائر، اعتبر جار الله أنه في إطار الحروب “من حق أي طرف أن يتكتم على ما يتعرض له”، لكنه شدد على أن هذا لا ينفي أن انقلاب الجماعة على الدولة هو ما فتح الباب أمام التدخلات الدولية في اليمن.
وأردف: الجماعة لم تترك فاعل دولي إلا وأوجدت له مبرر بدايةً من التحالف العربي، إلى بريطانيا وأمريكا، وصولاً إلى إسرائيل، وأوجدت مبرراً رائعاً للمجتمع الدولي والأطراف الدولية الطامحة في تحقيق أهدافهم على الساحة اليمنية.
وتابع: الحوثيون قدموا اليمن كورقة من الأوراق العسكرية الإيرانية في حربها، وأصبحت اليمن اليوم ساحة صراع، بفعل انقلاب الجماعة على الدولة وعلى الرئيس الشرعي المنتخب.
مرتبط
الوسوم
منع تصوير القصف الإسرائيلي
جماعة الحوثي
صنعاء
غارات إسرائيلية
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news