مع اتساع رقعة غارات العدوان الإسرائيلي التي استهدفت العاصمة صنعاء ومحافظات يمنية أخرى خلال الأسابيع الأخيرة، وجد الصحفيون أنفسهم في مرمى نيران الحرب وخطر الاستهداف المباشر من الغارات الجوية.
وفي ظل هذه الظروف، يواصل الصحفيون اليمنيون عملهم في بيئة شديدة الخطورة، حيث تتقاطع الحرب الخارجية مع القيود الداخلية، لتجعل من العمل الصحفي مهمة شبه مستحيلة، وتحوّل الصحافيين إلى ضحايا مباشرين لصراع معقد لم يترك لهم سوى خيار البقاء في الميدان رغم كل التهديدات.
وكان العدوان الإسرائيلي قد شن يوم مساء الأربعاء سلسلة غارات على أماكن جديدة تم استهدافها للمرة الأولى في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين منذ عام 2014.
وقال المتحدث العسكري لقوات الحوثيين يحيى سريع في بيان أن غارات العدوان الإسرائيلي طالت أعيانا مدنية بحتة في صنعاء ومنها صحيفتا 26 سبتمبر واليمن، معلنا عن سقوط شهداء وجرحى من الصحفيين والصحفيات وكذلك من المواطنين والمارة.
وأضاف أن "دفاعاتنا الجوية تمكنت من إطلاق عدد من الصواريخ أرض جو أثناء التصدي للعدوان الصهيوني على بلدنا، وتم إجبار بعض التشكيلات القتالية على المغادرة قبل تنفيذ عدوانها وإفشال الجزء الأكبر من الهجوم".
وتعد هذه الغارات من أكثر هجمات إسرائيل دموية منذ بدء عدوانها العسكري على اليمن في يوليو /تموز 2024، وللمرة الأولى يسقط ضحايا من الصحفيين اليمنيين.
ثلاثون قتيلا
وقالت مصادر خاصة لـ"المهرية نت " إن ما لا يقل عن ثلاثين صحفياً وعاملاً فنيا في صحيفة 26 سبتمبر قُتلوا نتيجة القصف الإسرائيلي الذي استهدف مبنى الصحيفة وسط العاصمة مساء الأربعاء.
وأفادت المصادر بإصابة العديد من العمال والمواطنين بجروح متفاوتة وأن كثيراً من الصحفيين كانوا يقيمون بشكل دائم في مقر الصحيفة، لعدم امتلاكهم منازل أو أماكن بديلة، ما جعلهم عرضة مباشرة للغارات.
وأشارت المصادر إلى أن الصحفيين تعرضوا للقتل أثناء تجمعهم لمشاهدة المباراة النهائية بين منتخبي اليمن والسعودية في بطولة كأس الخليج للشباب.
وهذه الغارات لم تستهدف الصحافيين وحدهم، بل طاولت مناطق سكنية وتجارية وأخرى مدنية، وهو ما ضاعف حجم المأساة الإنسانية، خصوصاً مع محدودية إمكانات الإنقاذ والإغاثة. في الوقت ذاته، فرضت وزارة الداخلية في حكومة الحوثيين قرارات تمنع تصوير أو نشر أي مشاهد من مواقع القصف، معتبرة ذلك "خدمة مباشرة للعدو"، في خطوة وصفتها منظمات دولية بأنها تضييق إضافي على حرية الصحافة.
وفي هذا السياق، أصدرت نقابة الصحفيين اليمنيين بياناً أدانت فيه بشدة استهداف مبنى صحيفة 26 سبتمبر وما خلفه من سقوط عشرات القتلى والجرحى من الصحفيين والعاملين، واصفة ما جرى بأنه "جريمة حرب مكتملة الأركان وانتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية". ودعت النقابة المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتهم في حماية الصحفيين اليمنيين، وفتح تحقيق شفاف ومستقل في هذه الحادثة التي وصفتها بـ"المجزرة".
كما جدّدت لجنة حماية الصحافيين (CPJ) دعوتها جماعة الحوثيين للتراجع عن قراراتها التي تمنع النشر المستقل لصور ومقاطع الغارات.
واعتبرت أن الصحافيين يواجهون "تهديداً مزدوجاً": خطر الموت من الغارات، وخطر الملاحقة من السلطات في حال قيامهم بالتغطية الميدانية. وأكدت أن التعتيم الإعلامي يزيد من عزلة اليمنيين عن العالم، ويمنع المجتمع الدولي من الاطلاع على حجم المأساة الحقيقية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news