تعز.. المدينة التي قاومت المليشيا الحوثية وغابت عنها الدولة
قبل 1 دقيقة
منذ اللحظة الأولى لانقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014م، كانت محافظة تعز واحدة من أبرز قلاع المقاومة الجمهورية، التي رفضت الخضوع لمشروع الانقلاب، ووقفت بشموخ في وجه آلة الحرب الحوثية، وقدمت آلاف الشهداء والجرحى دفاعًا عن الجمهورية والدولة ومبادئ الحرية والكرامة. وعلى الرغم من الحصار الخانق الذي فُرض على المدينة، والقصف المتواصل الذي استهدف أحياءها وأسواقها ومرافقها، لم تسقط تعز، ولم تنكسر إرادة أبنائها
.
لكن، وعلى النقيض من هذا الصمود الشعبي، ظلت تعز تعاني من غياب سلطة محلية قوية تعبّر عن ثباتها ونضالها وتضحيات أهلها، وتعكس صورة تليق بمدينة صامدة لم تساوم يومًا على حقها في الحياة الحرة والكريمة. فمنذ بداية الحرب وحتى اليوم، لم تُمنح هذه المحافظة فرصة حقيقية لقيادة مخلصة وكفؤة، قادرة على انتشالها من ركام الحرب، ومعالجة جراحها، وقيادتها نحو التعافي وإعادة البناء.
لقد تعاقبت على قيادة السلطة المحلية في تعز شخصيات لم تملك الرؤية أو الإرادة أو الكفاءة لتحمل مسؤولياتها، بل إن أغلبها تعامل مع المحافظة باعتبارها غنيمة حرب، واستغل المناصب لتكريس النفوذ الشخصي أو الحزبي، بعيدًا عن المصلحة العامة. وبسبب هذا الفشل الإداري والفساد المستشري، لا تزال تعز غارقة في الفوضى الأمنية، وانعدام الخدمات، وغياب القانون.
فشوارع المدينة تمتلئ بالحفر والمستنقعات، والسيول تُغرق الطرقات، ومخلفات البناء تتكدس في الأحياء، بينما تغيب مشاريع الصرف الصحي، وتنعدم الكهرباء والمياه، وتُهدر الموارد العامة بلا حسيب ولا رقيب. أما المواطن، فبات يعيش في دوامة من المعاناة اليومية، وسط انفلات أمني، وغلاء معيشة، وانعدام الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
والأدهى من ذلك، أن معظم قيادات السلطة المحلية والقيادات العسكرية وقيادات المكاتب التنفيذية في تعز، بدلًا من أن تُسخّر مواقعها لخدمة المواطنين، أصبحت تمارس الفساد بشكل علني، وتتنافس على تقاسم الإيرادات واحتكار المناقصات، وشراء العقارات، وتوسيع المصالح الشخصية على حساب معاناة الناس، الذين لم يعد لديهم ما يراهنون عليه سوى صبرهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم.
إن تعز ،اليوم، وهي تقترب من عامها الحادي عشر في مواجهة الحصار والانقلاب، لا تحتاج فقط إلى الدعم العسكري أو السياسي، بل تحتاج أولًا وقبل كل شيء إلى إرادة صادقة في بناء مؤسسات الدولة على أسس من الشفافية والكفاءة، وإلى سلطة محلية نزيهة وشجاعة تليق بتضحيات أهلها، وتُعيد الاعتبار لمدينة لطالما كانت قلب اليمن الثقافي والسياسي النابض.
تعز لا تستحق الإهمال، ولا يجب أن تُترك فريسة للفساد أو ساحة للصراعات العبثية. فقد آن الأوان لأن تُمنح هذه المدينة الصامدة حقها الكامل في الحياة والخدمات والتنمية، وأن يُرفع عنها الظلم المتعدد الوجوه من العدو الخارجي ومن التخاذل الداخلي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news