من الواجب أن نوصل صوتنا إلى من بيدهم القرار والإمكانات، فقسم العلوم السياسية يجب أن يحظى بمكانة متقدمة ضمن أولويات القيادة، لما له من أهمية استراتيجية في بناء الكوادر المؤهلة لخدمة الوطن.
إن النظر إلى خريجي هذا القسم لا ينبغي أن يكون من باب المجاملة أو الوساطة، وإنما من باب الحاجة الوطنية الملحّة، فهم النواة التي يُعتمد عليها في صياغة السياسات وإعداد الكفاءات القادرة على إدارة شؤون الدولة بكفاءة عالية.
فالابتعاث في مجال العلوم السياسية لا يُقارن بالتخصصات الأخرى، رغم أهميتها، حيث أن معظم المبتعثين في مجالات كالطب والهندسة وغيرها قد يستقرون في دول أخرى أو يعودون للعمل في القطاع الخاص. بينما طلاب العلوم السياسية، بعد عودتهم، ينخرطون مباشرة في خدمة الوطن؛ إما عبر التدريس وتخريج أجيال جديدة، أو من خلال العمل في مؤسسات الدولة والمساهمة بخبراتهم ومهاراتهم المكتسبة من أرقى الجامعات العالمية.
وعند عودة المبتعثين في هذا المجال، فإنهم يسهمون في سدّ النقص القائم في قسم العلوم السياسية، إذ بالرغم من وجود نخبة من الأساتذة الأكفاء الذين بذلوا جهودًا كبيرة في التدريس والتأهيل، إلا أن القسم ما يزال بحاجة إلى المزيد من الكوادر المتخصصة في العلوم السياسية الحديثة، بما يواكب تطورات هذا التخصص ويعزز من مستواه الأكاديمي.
وما يزيد من أهمية هذا الموضوع أن قسم العلوم السياسية، رغم حداثة افتتاحه، قد خرّج حتى اليوم أربع دفعات قوامها ما يقارب 300 طالب. ومع ذلك لم يحظَ خريجو هذا القسم بالمنح أو فرص الاهتمام، باستثناء طالب واحد حصل على منحة بعد عناء كبير وتعب طويل. والأسوأ من ذلك أن أكثر من 90% من هؤلاء الخريجين ما يزالون عاطلين عن العمل، ولم ينخرطوا في المؤسسات أو في أي مجال يتيح لهم اكتساب الخبرة العملية.
فرغم ما يمتلكونه من تغذية نظرية ومعرفة علمية، إلا أنهم يفتقرون إلى البيئة التطبيقية والفرص العملية التي تمكّنهم من ممارسة ما تعلموه وتوظيفه في خدمة وطنهم.
وفي هذا السياق، أود الإشارة إلى مجموعة من الزملاء المتميزين من خريجي هذا التخصص، أصيل محمد، مروان منيع، دنيا كوكـا، عبدالعزيز بن عبدالعزيز، صلاح بن فريد المحضار، حافل عبدالله، منى ناصر، عبدالعزيز المحوري، أحمد صالح الغيثي، فتاح المحرمي، أحمد صدقي اليماني، باسم محمد، مع العلم أن هناك الكثير من الطلاب المتميزين الذين لم يسعفني المجال إلى ذكرهم. أذكر هؤلاء بالتحديد لإبراز حقيقة وجود كوادر قادرة على المساهمة الفعالة في المجتمع. فغالبية من ذكرتهم يعملون في مؤسسات ومنتديات مجتمعية، حيث لهم بصمة واضحة في تعزيز وتهيئة الشباب، وصقل مواهبهم، وتمكينهم من اكتساب المهارات العملية والمعرفة اللازمة للقيادة والمساهمة المجتمعية.
إن الاستثمار في طلاب العلوم السياسية ليس مكسبًا فرديًا، بل هو استثمار مباشر في بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها، وهو ركيزة أساسية لأي نهضة وطنية حقيقية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news