في الذكرى الـ26 لرحيله.. (الشاعر عبدالله البردوني المعجزة اليمنية)

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 82 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
في الذكرى الـ26 لرحيله.. (الشاعر عبدالله البردوني المعجزة اليمنية)

البردوني لم يرحل فهو الحي بيننا، ولذلك سوف أسرد معلومات كانت غير معروفة للكثير من الشباب، منها:

اسمه الكامل: عبد الله بن صالح حسن الشحف البردوني.

تاريخ ميلاده عام 1929 في قرية بردون بمحافظة ذمار. أصيب بالجدري في الخامسة أو السادسة من عمره، مما أدى لفقدانه البصر، وتلقى التعليم في ذمار. وقد هجاه أحد الشباب بقصيدة شعبية فحزن حزناً شديداً، فعرف الشاعر العلامة عبد الله بن يحيى الديلمي، فرد على تلك القصيدة باسم البردوني ففرح البردوني، وانتشرت قصيدة البردوني واشتهر كشاعر. فحفزه ذلك على محاولة نظم الشعر، ولأنه كان يحفظ الفروض والقوافي وقصائد شعبية وبعضًا من قصائد المعري والمتنبي والفرزدق، وقرأ الأمالي لأبي علي القالي ونهج البلاغة وحفظ واستظهر بعض المتون، فقد سهل عليه نظم الشعر حتى بزع أستاذه العلامة عبد الله بن يحيى الأرياني. وكان من أصدقائه في ذمار الأستاذ محمد عبدالوهاب جباري والأستاذ أحمد الشجني، وقد سمعت منهما حكايات وظرائف مع البردوني مثيرة.

ثم في جامع صنعاء و”دار العلوم”، وحصل على إجازة في العلوم الشرعية والتفوق اللغوي، وعُيِّن معلمًا للأدب ومسؤولًا عن البرامج الثقافية في إذاعة صنعاء لفترات طويلة.

وعندما فشلت ثورة الدستور وانعدام قاداتها، هجى الإمام أحمد بقصيدة تسببت في حبسه في سجن ذمار، فعلم الإمام أحمد فأمر بإطلاقه وذكر: “أفرجوا عن الشاعر البصير – الأعمى – البردوني فورًا”. فأستغرب نائب الإمام كيف عرف الإمام أن البردوني أعمى، لكن أحد الحضور أوضح أن البردوني ذكر في القصيدة جملة شعرية تدل على ذلك: (ستقول أعمى لكن له يعينان مثل زرقاء اليمامة).

وعندما انتقد بعض جلاوزة الإمام الإفراج بسبب ما تضمنته القصيدة من عبارات مسيئة للإمام، رد عليه الإمام قائلًا: “إذا كان لي ما أفتخر به فهو ظهور شاعر كبير في عصري”. ولعل الإمام أحمد تذكر أن لو لا المتنبي لما سمع الناس عن كافور وسيف الدولة وغيرهما ممن هجاهم المتنبي.

عين أستاذًا للغة العربية في المدرسة العلمية بصنعاء، وعمل مديرًا لإدارة البرامج في إذاعة صنعاء، وقدم مجلة الفكر والأدب وغيرها من البرامج الثقافية حتى وافته المنية في 30 أغسطس.

لقد كان رحمه الله ذا ذاكرة قوية، فقد كان يفهرس كل ديوان في ذاكرته، وإذا ما طُبع انتسخ من الذاكرة. وأتذكر أنني زرته وعرضت عليه مقالًا ذكرت فيه الشيخ محمد أبو زهرة، فقال البردوني للعزل الشاطبي: “يا محمد، تتذكر متى قرأنا كتاب الإمام زيد للشيخ أبو زهرة؟”، فرد: “لا أتذكر”، فقال له: “قبل 16 سنة”، وطلب منه يحضر الكتاب، فقام يبحث عنه فلم يعثر عليه، فقام الأستاذ وفي دقيقة أحضر الكتاب بنفسه.

وكان رحمه الله يعرف الأصدقاء من خلال مصافحتهم، فقد حصل أنني كنت مع الأستاذ عبد الحميد محمد المهدي، وهو من تلاميذ الأستاذ في المدرسة العلمية، وقد غاب الأخ عبد الحميد ولم يدر صنعاء إلا عام 1973م، فقال لي: “لا تعرف بي، تعال نسلم على الأستاذ”، فقد كان يعرف طلابه من خلال المصافحة، وفعلاً ما إن صافحه حتى فتحسّس ومسك بعسيب الأخ عبد الحميد وقال له: “أين التوبة يا ولد عبد الحميد؟”، فدهشني. وقد كان يقول: “إن المعري مستطاع بغيره، أما هو فمستطاع بذاته”، لأنه يعرف دواوين في ذاكرته.

وأنا في كل مناسبة أذكر بإنتاجه المنشور مثل دواوينه: (من أرض بلقيس، في طريق الفجر، مدينة الغد، ولعيني أم بلقيس، السفر إلى الأيام الخضر، وجوه دخانية في مرايا الليل، وزمان بلا نوعية، ترجمة رملية لأعراس الغبار، وكائنات الشوق الآخر، رواغ المصابيح، وجواب العصور، ورجعة الحكيم بن زائد).

ومن أبرز مؤلفاته الفكرية والنقدية: (رحلة في الشعر اليمني قديمه وحديثه، وقضايا يمنية، فنون الأدب الشعبي في اليمن، اليمن الجمهوري، الثقافة الشعبية: تجارب وأقاويل يمني، الثقافة والثورة، ومن أول قصيدة إلى آخر طلقة (دراسة عن الزبيري)، وأشتات).

بالإضافة إلى كتابات نقدية مخطوطة وبعض الأعمال المنشورة بعد وفاته. وللتذكير أعيد إنزال المقال:

أفرجوا عن أعمال البردوني

((كنت في كل ذكرى رحيل الرائي عبد الله البردوني أناشد الرئيس السابق الزعيم علي عبد الله صالح بالإفراج عن مخطوطات أعمال الأستاذ البردوني الشعرية والنثرية؛ وكنت أذكر اسم الضابط الذي وصل إلى منزل الأستاذ البردوني برفقة مسؤول حدائي عقب إسعاف الأستاذ إلى مستشفى الثورة العام صباح يوم 30 أغسطس عام 1999م، حيث تم نقل محتويات الصندوق الذي كان بداخله معظم أعمال الأستاذ البردوني المنجزة إلى دار الرئاسة بناء على توجيهات رئاسية حسب رواية زوجته، وقد سمعت هذا من الأستاذ محمد الشاطبي رحمه الله. وأهم تلك الأعمال الآتي:

1- سيرة مواطن (مذكراته الشخصية).

2- العشق على مرافئ القمر (شعر) 《طبع وتم مصادرته》.

3- رحلة ابن من شاب قرناها (شعر) 《طبع وتم مصادرته》.

4- أحذية السلاطين (شعر). مخطوط.

5- الجديد والمتجدد في الثقافة اليمنية (أدب ونقد وفكر)، قال عنه الأستاذ البردوني في آخر حوار معه نشر في صحيفة رأي إنه من أهم كتبه وقال بالحرف الواحد: “لقد أنجزت أهم عمل أعده ثمرة العمر كله – يتألف من ألف وثمانمائة صفحة، استغرق مني خمس سنوات كتابته”، وذكر عنوان الكتاب.

6- وكتاب (الجديد والتجديد في الثقافة اليمنية) من أول الحضارة المعينية إلى القرن العشرين، يشمل دراسة عن شخصيات سياسية وأدبية وفقهية وشعراء وخطباء ولغويين، والكتاب يناقش قضايا فكرية وفقهية وأدبية إلى جانب قضايا إبداعية، وقد خص علماء اليمن وفقهاءها الأجلاء المطلعين على الثقافات اليونانية والفلسفة والمنطق، وقال في نفس المقابلة: “كما أنجزت أربعة دواوين شعر”.

7- مسرحية شعرية حاكى فيها مسرحيات شكسبير وشوقي الشعرية “مخطوط”.

8- رواية “العم ميمون” التي أشار إليها في المقابلة آنفة الذكر.

9- “الجمهورية الرابعة”، وقد كان الأستاذ يحرص على أخذها من يد كاتبه المرحوم الأستاذ محمد الشاطبي، وقد صادف أنني زرته ذات يوم وأملى أمامي صفحة منه، وبعد الانتهاء قام من مكانه وأخذ الكتاب من يد الكاتب الذي خجل منا وقال للأستاذ: “يا عزي، أنا مش خايف عليه منك، أنا خايف عليه من فلان” – وذكر اسم الضابط الذي استولى على الأعمال السابقة الذكر – “مخطوط”.

10- كتاب عن المجتهدات والأديبات اليمنيات من السيدات اليمنيات، وقد ذكر هذا الكتاب في إحدى المقابلات الصحفية وقال إنه جاهز للطبع، وذكر أن سبب تأجيل طباعته هو تراكم الديون عليه: “لقد تراكمت عليّ الديون حتى وصلت إلى عشرين ألف دولار، ما يجعل الطباعة في ظروفي الحالية صعبة، وما في اليد حيلة”. “مخطوط”.

11- أحياء في القبور (يتناول أعلام الأدب والفكر المهمشين والمغمورين) “مخطوط”.

12- كما له دراسات أدبية تحت عنوان (مجلة الفكر والأدب) كانت تذاع من إذاعة صنعاء، وهي محفوظة في أرشيف إذاعة صنعاء، وقد جمع أغلبها الإعلامي القدير الذي كان يلقيها بصوته الراحل عبدالملك العيزري، وهي حلقات استمرت دون انقطاع منذ عام 1956م وحتى شهر وفاته.

وعليه فإننا نناشد قيادات أنصار الله أن يوجهوا بالبحث عن تلك الأعمال، وكما قلت للرئيس السابق رحمه الله بأن يفرج عن تلك الأعمال ويتوج عصره بمنقبة يخلدها التاريخ، لأنه حافظ على هذا الكنز الثقافي العظيم الذي لا يقدر بثمن، وسوف يخلده كما خلد شعر المتنبي سيف الدولة وكافور.

وها أنا أعيد نفس المناشدة لقيادات حركة أنصار الله، فقد أصبحوا هم المسؤولين عن هذا التراث اليمني العظيم أمام الله وأمام الأجيال القادمة وأمام التاريخ. فهل هم فاعلون؟))

الجوائز والتكريمات

نال عدة جوائز مرموقة، منها:

جائزة أبي تمام (الموصل، 1971).

جائزة شوقي وحافظ (القاهرة، 1981).

جائزة مهرجان جرش (الأردن، 1981).

جائزة سلطان العويس (الإمارات، 1993).

وسام الأدب والفنون (عدن وصنعاء، 1980يات).

تقدير من اليونسكو التي أصدرت عملة فضية عليه (1982).

ونختتم هذا التذكير ببصمته الإبداعية والرمزية:

فقد تميز بالعمودية الحديثة حيث مزج في شعره العمودي بين الطابع الكلاسيكي واللمسة الحداثية، واستخدم الحوار والرمزية لخلق أنساق شعرية عميقة، والتجديد والأصالة. عُدّ مجددًا ورائدًا في الشعر العربي المعاصر، لقب بـ”أبي تمام العصر”، ورأى نفسه مختلفًا عن الذين قبله، ودعا للحرية والعدالة، وانتقد القمع السياسي، ووقف دومًا إلى جانب الفقراء والمهمشين، وكتب عن الحزن والحنين بأسلوب حسن الإيحاء والرمزية.

وصوته الثقافي كان رائدًا ونموذجًا للمثقف العضوي، وتنبهت له الساحة العربية قبل المحلية، حيث عُرف بصوته الواضح والمتمرد على التدجين.

الأستاذ عبد الله البردوني هو أديب وشاعر هذا القرن والقرون السابقة، والقرون التي ستأتي، وذلك لأن إبداعاته الأدبية تجاوزت حدود الزمن.

“و المرء لا تشقيه إلا نفسه … ما أجهل الإنسان يضني بعضه بعضاً ويشكو كل ما يضنيه”.

ولنتذكر هذه المقطوعة من قصيدته الشهيرة التي تحدّت الإنسان والمصير:

الأباة الذين بالأمس ثاروا

أيقظوا حولنا الذئاب وناموا

حين قلنا قامت ثورة شعبٍ

قعدوا قبل أن يروا كيف قاموا…”

في ذكرى مرور 26 عامًا على رحيل عبد الله البردوني، تبقى روحه حية في إبداعه العميق، وفي كلماته التي ما زالت تنير دروب الشعر والثقافة. لقد كان أكثر من شاعر؛ كان صدى الوطن، وعين القلب التي تجاهلها العالم.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

من هو صاحب المنزل الذي اغتالت إسرائيل حكومة الحوثيين فيه؟

اليمن الاتحادي | 681 قراءة 

بينهم محمد علي الحـ.ـوثي .. وزير الـ.ـدفاع الإسـ.ـرائيلي يكشف مصير 4 من قيادات الحـ.ـوثي البارزة

صوت العاصمة | 635 قراءة 

عاجل:بعد رفع الاضراب تحديد سعر جديد للصرف بعدن

كريتر سكاي | 624 قراءة 

الكشف عن إبادة قيادات حوثية كبرى بغارة أخرى هزت صنعاء بعيدا عن ضربة الحكومة

وطن نيوز | 583 قراءة 

انذار خطير من حضرموت خلال الساعات القادمة

نافذة اليمن | 487 قراءة 

وجده في السيل وأخذه الى بيته وعندها حدثت الكارثة

يني يمن | 453 قراءة 

شاهد اللحظات الأخيرة قبل إعدام عيسى التاج (صورة)

كريتر سكاي | 415 قراءة 

عاجل : تنفيذ حكم القصاص بحق عيسى التاج في تعز

كريتر سكاي | 372 قراءة 

تعز: تنفذ حكم الإعدام بحق عيسى التاج بعد فشل محاولات العفو

صوت العاصمة | 365 قراءة 

وفاة وزير حوثي جديد في صنعاء متاثرا باصابته بالغارات الاسرائيلية "تعرف عليه"

وطن نيوز | 344 قراءة