أثر الجهل بتاريخ الإسلام في صناعة الطائفية

     
سما نيوز             عدد المشاهدات : 98 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
أثر الجهل بتاريخ الإسلام في صناعة الطائفية

سمانيوز/ محمد يوسف النسري

هذه نظرة بسيطة مما حمله لي كتاب الدين والدولة وتطبيق الشريعة، وأتمنى أن تجدوا فيه متعةً وفائدةً كما وجدتها أنا.

بعيدًا عن المنهجية الأكاديمية في الشرح، سأطرح أمرًا بسيطًا مما استفدت، وأترك الجزء الأكبر لعقلي قبل عقولكم، ولخيالي قبل خيالكم.

ماذا استفدت من كتاب الدين والدولة وتطبيق الشريعة؟

أؤيد ما طرحه الكاتب والمفكر العربي الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه من قضايا الفكر العربي (٤). الدين والدولة وتطبيق الشريعة، حيث سلّط الضوء على قضايا شديدة الأهمية، وبيّن أبرز الأسباب التي غذّت الطائفية، والتحزب، والانقسام بين العرب، بدءًا من داخل المجتمعات – إن لم نقل الأسر – وصولًا إلى الدول. وقد شكّلت هذه الأرضية عبر الزمن بيئة خصبة للتشددات الحزبية وانتشار الطائفية في البلدان العربية والإسلامية.

من وجهة نظري، السبب الرئيسي في ذلك هو الجهل بتاريخ الإسلام، وتجاهل أو عدم معرفة رسالته السامية؛ رسالة الحب والأخاء التي تنبذ التفرقة والانقسام والتشددات البالية.

الجهل لا ألوم صاحبه، لكني ألومه إن لم يسعَ للتعلم، وانقاد مع المنقادين دون أن يسأل: إلى أين يُساق؟ ألومه حين لا تكون له وجهة نظر واضحة، أو طريق يسلكه عن دراية ووعي بما يفضي إليه. وأقلّها أن يعترف بعدم المعرفة ولو مع نفسه، بدلًا من الإصرار إصرار الجاهل. أمّا من يتجاهل عن علم، فذلك هو الملام الحقيقي. والمصيبة الأعظم أن نعطي قيمةً، مما يؤدي إلى خلق تطرفٍ نتيجة تضخيم المشاكل تحت مسمى “اختلاف وجهات نظر”، بينما هي نزاعات كان من الممكن ألا تأخذ أكثر من حجمها الطبيعي.

إن استمرار الطائفية والانقسامات سببه أننا نعيد إحياء خلافات قديمة مضى عليها عقود، لكننا ما زلنا نوليها اهتمامًا وكأنها أحداث معاصرة. الخلافات التي حصلت أيام الصحابة ما زالت آثارها مستمرة إلى اليوم، واختلاف الآراء بين أبي بكر وعمر بن الخطاب ما زال البعض يستحضره حتى اللحظة! وهذا الاستحضار المستمر لتلك الخلافات هو ما غذّى نشأة التطرّف وضمن بقاءه حتى يومنا هذا.

وهنا يبرز التساؤل العميق:

لماذا تبقى هذه الخلافات حاضرة في عقول المتطرفين ودعاة التفرقة والانقسام؟

هذا ما يجيب عنه المؤلف، موضحًا مكامن الخلل، ومبيّنًا طرق المعالجة الممكنة بروحٍ منفتحة تراعي التطورات، بعيدًا عن الجمود الذي تصرّ عليه الجماعات المتطرفة.

الإسلام كان وما يزال مصدرًا للتطور والرقي والحضارة والتغيير المستمر، وسيبقى كذلك إلى قيام الساعة. لكن مسألة التغيير لا ترتبط بالزمن وحده، بل ترتبط بوعي المجتمعات وقدرتها على مواكبة المتغيرات.

أما قضية الدين والدولة، فهي في أصلها ليست مشكلة، وإن بدت كذلك، فنحن من صنعها.

فالمتشددون مثل بعض الروافض يرون أن وجود الدولة إلى جانب الدين باطل، مستدلين بأن بدايات الإسلام لم تعرف الدولة.

في المقابل، يرى أصحاب الفكر العلماني أن الدولة هي الأساس.

بينما الحقيقة تتمثل في الوسطية.

لقد جاءت الدولة لتنهي النزاعات الدينية المبنية على التشدد، ولترسي دعائم الأمن، وتضع حدًّا للصراعات القبلية الموروثة، معتبرة إياها باطلة. هنا يكمن جوهر القضية. فالدين مر بمراحل زمنية استدعت نشوء دولة إسلامية توحّد الأمة، وتقويها تحت راية واحدة، وتنبذ خلافات الرأي التي كانت تؤدي إلى نزاعات وصراعات يمكن تجنّبها.

كما تناول المؤلف قضايا كثيرة في هذا الكتاب، منها:

الخلافة وثغراتها الدستورية.

ميزان القوى.

الصحوة والتجديد، مؤكّدًا أننا لا نحتاج إلى “صحوة” فقط، بل نحن أحوج إلى تجديد حقيقي.

السلفية ودورها أمام التجربة التاريخية للأمة.

التطرف بين العقيدة والشريعة.

معقولية الأحكام الشرعية، وضرورة مواكبتها لمتطلبات كل عصر.

وغيرها الكثيرُ…

الكتاب غني بالأفكار التي تكشف كيف يفكّر المتطرفون والرافضة، وما الأسباب التي أدت إلى انقسامنا إلى أحزاب وطوائف متفرقة. كما يوضح الأسس التي يجب أن نستند إليها في تطبيق الشرائع الإسلامية بعيدًا عن الفخاخ التي يراد لنا الوقوع فيها، مثل فخ التشيّع الموجّه لإيقاعنا في دوامة الاقتتال والاحتراب الداخلي.

أنصح بقراءة هذا الكتاب لمن أراد أن يكوّن رؤية أعمق حول قضايا الدين والدولة والشريعة في واقعنا العربي والإسلامي. وأتمنى لكم دوام الصحة والعافية، وأرجو أن لا نقع في شَرَك الانقسامات التي ما جلبت يومًا إلا الضعف والفرقة، للأمة.

محمد يوسف النسري

26 اغسطس 2025م

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تحركات سعودية تعزل الزبيدي سياسياً عقب مقاطعة حكومية واسعة لاجتماع معاشيق

عدن نيوز | 1307 قراءة 

انقلاب جديد في عدن

مأرب برس | 1125 قراءة 

تحليل | بوابة الشرق نحو تل أبيب.. هل اقترب الانتقالي من تحقيق حلم دولة الجنوب بالتطبيع مع إسرائيل؟

بران برس | 893 قراءة 

«الأمناء» تكشف تفاصيل مقترحات الرئيس الزبيدي العسكرية بشأن حضرموت والمهرة

الأمناء نت | 764 قراءة 

عاجل : عقب التحركات الاخيرة .. الجيش السعودي يشن قصفاً عنيفاً ومفاجئاً في هذه المناطق

صوت العاصمة | 747 قراءة 

يافع تملأ ساحات عدن.. حشد غير مسبوق يهز حسابات الانتقالي ويكشف تصدعات الجنوب

يني يمن | 747 قراءة 

انتشار عسكري سعودي واسع في صحارى حضرموت

موقع الجنوب اليمني | 696 قراءة 

إعلان من السعودية لليمنيين

كريتر سكاي | 584 قراءة 

وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات موظفي القطاعين المدني والعسكري

سبأ نت | 442 قراءة 

أول توجيه رئاسي بعد إعلان وزراء ونواب وزراء تأييدهم لـ الانتقالي ومطالبه بالانفصال

بوابتي | 424 قراءة