يومًا بعد آخر يزداد الواقع اليمني تعقيدًا كخيوط مشدودة في قلب العاصفة، حتى بات الوعي عاجزًا عن فك عقده المتشابكة وكأن البوصلة ضاعت والزمن يركض في طرق بلا نهاية.
لقد تحول الصراع إلى مهرجان تنكري لا أحد يعرف من يقاتل دفاعًا عن الأرض، ومن يرقص على أنقاضها. غاب الوطن، فتمدد الفراغ، وصار الخواء أقسى من الخراب.
جماعات تتقاسم أشلاء البلاد… ترفع شعارات جوفاء، وتستدعي أطرافًا خارجية لأداء أدوار في مسرحية عبثية مات مخرجها قبل أن يبدأ العرض!
الكل يحفر ويعبث، والبيت ينهار على رؤوس الجميع. فيما الوطن يمتد كجنازة يشيّعها القتلة أنفسهم، والشعب حائر بين الخوف واليأس يبحث عن كسرة أمل تحت الركام.
لا أفق سوى العتمة ولا سماء إلا سقف الغياب… غياب يلتهم الأحلام ويضع كل فكرة على مقصلة المستحيل.
ومع ذلك، ورغم هذا الانهيار الكبير، يمكن القول: لا بأس…
حتى المستحيل يمكن أن ينكسر أمام الإرادة. نعم، لن نموت وفي العمر متسع..!
تفاءلوا، فهناك بصيص ضوء يختبئ كجمرة تحت الرماد، قد يكفي لتلمّس طريق العودة والمضيّ من جديد. علينا فقط، كيمنيين، أن نستدعي كل نوازع الخير فينا، لنهتدي إليه، كي نبدأ معًا لملمة شتات الروح اليمنية، وتجسيد رؤية مشتركة لمشروع وطني جامع، يضع السلام والتنمية في صدارة الأولويات.
وسنصل بالتأكيد… سنصل إن أردنا بصدق أن نصل.
تذكروا جيدًا أن ما يبدو اليوم صعبًا سيكون غدًا مستحيلًا! سنتألم، نعم، لكننا سنتعلم كيف ننجو…
اليمن اليوم لا يحتاج إلى مزيد من أسباب التشظي، بل إلى مشروع يتسع للجميع، يوقف نزيف الهدر، ويعيد للوطن حلمه المبعثر وسلامه المفقود.
غير أن السؤال يظل معلقًا كجرس لا يسمعه أحد: (من ينقذنا منا؟). لا ندري متى نجيب ونستبدله بسؤال أقل وجعًا: (كيف ننقذ وطننا؟).
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news