اليمنيين حولوا عرس صخر علي عبدالله صالح مؤتمر و استفتاء شعبي
قبل 5 دقيقة
الحقيقة أن يوم زفاف الشاب النبيل صخر علي عبدالله صالح، نجل الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، وآل دويد والقاضي، في العاصمة المصرية القاهرة، لم يكن يوماً عادياً بالنسبة لليمنيين. لقد كان يوماً استثنائياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ تحوّل فيه الفرح إلى حدث وطني ودولي، ومناسبة جسّدت وحدة المشاعر والوفاء، وأظهرت أن حب اليمنيين لزعيمهم الراحل وأسرته لا يعرف حدوداً ولا تقيده المسافات. كان يومًا تحولت فيه المدينة إلى عاصمة لقلب اليمن النابض، وشهادة حية على أن روح الوطن لا تموت، وأن الوفاء لمن استحقّ لا يُقاس بالمسافات ولا الزمن.
منذ أيام سبقت العرس، امتلأت أجواء الجاليات اليمنية في مصر والعالم بحالة من الترقب والفرح. القادمين من أوروبا وأميركا والخليج وشرق آسيا وإفريقيا توافدوا إلى القاهرة من مختلف مطارات العالم، إلى جانب اليمنيين المقيمين في جميع المدن المصرية: من الإسكندرية إلى أسوان، ومن بورسعيد إلى الغردقة، لتشهد العاصمة المصرية أكبر تجمع يمني في الخارج على الإطلاق.
وتوافد القادمون، لا كتائب ولا جيوش، بل قلوب معلقة بذاكرة وطنٍ فقدته الأقدار لكنه لم يفقده أناسُه. من أوروبا إلى آسيا، ومن الخليج إلى أفريقيا، أتوا كالنجوم التي تنير سماء القاهرة، وأضاءت القاعات بوميض أعينهم التي لا تخفي دموع الحنين، ولا تذوي من حرارة الوفاء.
القاعات الفخمة التي احتضنت المناسبة لم تكن مجرد مكان للاحتفال، بل كانت أشبه بساحات وطنية مفتوحة، ازدانت بالأعلام اليمنية وصور الزعيم الشهيد، وتعالت فيها الزوامل والأغاني الوطنية، وامتلأت بالوجوه الباسمة والقلوب المفعمة بالحب والوفاء. كانت لهجات اليمن تتعانق: من لهجة صنعاء الهادئة إلى نبرة تعز وعدن الحماسية، ومن فصاحة حضرموت إلى حماسة مأرب، ومن صدح تهامة إلى وقار صعدة، وكأن الوطن كله قد اجتمع تحت سقف واحد.
الحضور لم يكن عادياً؛ فقد ضم شخصيات سياسية بارزة من مختلف الاتجاهات، ومشايخ قبائل يمثلون الثقل الاجتماعي في الداخل، ورجال أعمال كباراً، ومثقفين وإعلاميين، وفنانين وأدباء. غابت السياسة، وتوارى الصراع، وحضر الحب وحده كملك على عرش الذكرى. القاهرة، بكل ما تحمله من تاريخ وثقافة، تحولت إلى صنعاء أخرى، تعانق البحر وتتنفس الجبال، وتصدح بأغاني وطن لا يشيخ. إضافة إلى شخصيات عربية ومصرية رفيعة حضرت لتشارك اليمنيين فرحتهم وتؤكد عمق الروابط الأخوية بين الشعبين اليمني والمصري.
لكن المشهد الأجمل كان ذلك الحب الكبير الذي أحاط بالسفير أحمد علي عبدالله صالح، الذي كانت عيون الجميع معلقة بشخصه ، الذي حمل على كتفيه عبء إرثٍ ثقيل، لكنه تصدى له بتواضع وحكمة جعلته مرآة أبيه في زمن اختلطت فيه الملامح. و الذي بدوره استقبل الجميع بوجه بشوش وكلمات دافئة، يعانق هذا، ويصافح ذاك، ويقف ليلتقط الصور مع الصغير والكبير دون أي تكلّف. لقد كان واضحاً أن الحاضرين يرونه امتداداً لوالده في التواضع والحكمة وقربه من الناس، وأنه يحمل على كتفيه إرثاً من الاحترام والشرعية الشعبية يصعب أن يوازيه أحد.
كلمات التهاني لم تكن مجرد مجاملات، بل كانت عبارات وفاء صادقة، ورسائل ضمنية بأن ذاكرة اليمنيين لا تمحو من أحبهم ووقف إلى جانبهم في السراء والضراء. كثيرون جاءوا من آلاف الكيلومترات ليقولوا كلمة واحدة: "نحن معكم، وفي قلوبنا أنتم كما كان والدكم العظيم"، " "هذا الوفاء راسخ في عروقنا، والذاكرة لن تترك من نحبهم وحيدين".
المشهد في القاهرة كان بمثابة مؤتمر شعبي غير معلن، ومهرجان قوة ناعم، أرسل رسالة للعالم أن اليمنيين، رغم جراح الحرب والانقسام، ما زالوا قادرين على الاجتماع في لحظة حب واحدة، وأنهم إذا اجتمعوا على هدف مشترك، يصبحون كتلة واحدة لا تهزها الرياح. لقد غابت لغة السياسة وحضرت لغة الوفاء، وتوارت الانقسامات لتحل محلها الابتسامة والمصافحة والزوامل الحماسية.
لقد كان العرس استفتاءً حقيقياً، ليس عبر صناديق الاقتراع، بل عبر قلوب الناس وأقدامهم التي قطعت المسافات لتصل إلى القاهرة. استفتاءً قال فيه اليمنيون بصوت واحد: "الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح ما زال يعيش بيننا بروحه، وأسرته ستظل في قلوبنا ما حيينا".
وفي تلك الليلة، بدت القاهرة وكأنها قطعة من صنعاء، ينبض فيها اليمن كله، من البحر إلى الجبل، ومن الصحراء إلى الوادي. كان كل شيء يقول: الوفاء لا يموت، والحب الحقيقي لا تقف أمامه المسافات، والزعيم الذي أحب شعبه، سيظل محاطاً بحبهم جيلاً بعد جيل.
وفي النهاية، حين أطفأت الأنوار، بقي نور الوفاء مشتعلاً في قلوب اليمنيين، وهم يرددون بصمت أن "الحب الذي لا يذبل لا يموت، والزعيم الذي زرع في القلوب بذور الإخلاص، لن يفقد حضوره مهما تلاشى العمر"
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news