حين تصبح السلالة مشروع سلطة
قبل 2 دقيقة
في اليمن، لم يخترع الحوثي فكرة التقسيم الطبقي، لكنه عرف كيف يوقظها من سباتها، ويغذيها حتى تتحول من عادة اجتماعية بالية إلى أداة سلطة نافذة.
في بلد يئن تحت أزمات الحرب والفقر، وجد الحوثي في “الانتماء السلالي” و”الحق الإلهي” مادة خامًا لبناء خطاب سياسي وديني يمنح قلةً قليلة امتياز القيادة، ويحكم على البقية بدور التابعين.
المفارقة أن هذا التصنيف ليس بالنسبة له مجرّد عرف اجتماعي، بل هو قاعدة تأسيسية لشرعية الحكم، مثل حجر الزاوية في بناء سلطته. فالتراتبية التي يروّج لها ليست مجرد مسألة ماضٍ، بل مشروع حاضر ومستقبل، يستمد استمراره من تكرار الفكرة حتى تبدو وكأنها قدر لا فكاك منه.
الأخطر أن هذا الإحياء الممنهج للطبقية يعمل كسكين في جسد المجتمع، يقطع الروابط الوطنية، ويزرع بين الناس شعورًا بأنهم ليسوا متساوين أمام القانون أو في الحقوق. وهكذا، بدل أن تكون الدولة حاضنة للجميع، تتحول إلى هرم مقلوب، أعلاه ضيق تحكمه “النخبة السلالية”، وقاعدته العريضة محرومة من أي فرصة للصعود.
لكن الصورة الأكثر عبثية تكمن في أولئك الذين يبررون هذا الفكر، أو يدافعون عنه، من مقاعدهم الوثيرة في عواصم أوروبية. هناك، لا يسألهم أحد عن أصلهم أو قبيلتهم، ولا يفتش في شجرة أنسابهم قبل منحهم فرصة عمل أو مقعد دراسة. يعيشون مساواةً لا يطمح إليها في اليمن إلا في الأحلام، ثم يرسلون خطبهم ومقالاتهم لتمجيد تمييزٍ لو طُبّق عليهم حيث يقيمون، لخرجوا أول المحتجين عليه.
الطبقية في اليمن ليست مجرد قضية اجتماعية، إنها سلاح سياسي بيد جماعة تعرف جيدًا أن المجتمع المنقسم أسهل في السيطرة من مجتمع متماسك. وكما يقول المثل: “فرّق تسد”... والحوثي أتقن اللعبة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news