نأمل من حكومة صنعاء عدم فتح بورصة أو سوق للأوراق المالية، لما في ذلك من ضرر جسيم على الاقتصاد الوطني، وخصوصًا في بلد يعاني من فقر مدقع وأوضاع مالية هشّة.
صحيح أن البورصة يُروَّج لها على أنها وسيلة فعالة لتمويل المشاريع وتوفير فرص استثمارية وتنشيط الاقتصاد، وهذا هو المفترض نظريًا، إلا أن الواقع في أغلب بلدان العالم يُظهر وجهاً آخر أكثر خطورة: فالبورصة كثيراً ما تتحول إلى وسيلة لسحب الأموال من الاقتصاد الحقيقي القائم على الإنتاج والعمل، نحو اقتصاد ورقي ورقمي قائم على المضاربات.
تُصبح الأسهم والسندات مجرد أرقام تُتداول وتُضارب، وتُرفع قيمتها بشكل غير مبرر حتى تصل – كما يصفها الخبراء – إلى “فقاعة”، حيث تُباع في السوق بـضعف قيمتها الحقيقية عشرات المرات، لمجرد المضاربة عليها.
إن وجود بورصة يعني أن صاحب رأس المال لن يستثمر أمواله في الإنتاج أو المشاريع الخدمية التي تخلق فرص عمل وتدفع ضرائب وتُسهم في تنمية حقيقية للمجتمع، وتحقيق اكتفاء ذاتي، وتصدير لجلب عملة صعبة، بل سيلجأ إلى كسب أرباح سهلة وسريعة من خلال المضاربة في الأسهم، دون أي جهد إنتاجي يُذكر.
والسؤال هنا: هل يستطيع الاقتصاد اليمني، بضعفه الحالي، أن يتحمّل نزيفًا كهذا؟ وهل من الحكمة سحب السيولة من السوق الحقيقي إلى فضاء رقمي هشّ قد ينهار في أي لحظة؟
لكن في المقابل، ماذا عن الذين يملكون رأس مال ويريدون استثماره دون خبرة أو وقت كافٍ لإدارة مشاريعهم؟
الحل المقترح – بعيدًا عن فخ المضاربة – هو تأسيس صناديق استثمارية حقيقية، تتولى جمع رؤوس الأموال وتوظيفها في مشاريع إنتاجية وتجارية مدروسة، تُسهم في خلق فرص عمل ودعم الاقتصاد الوطني، وتعود بالفائدة على المستثمرين والمجتمع في آن واحد. وتشجع الخريجين الشباب على إقامة مشاريعهم الخاصة.
هذا الحل – وإن كان يحتاج إلى نقاش تفصيلي في موضع آخر – يُمكن أن يشكّل بديلًا واقعيًا وآمنًا، بدلًا من الانزلاق في تجربة البورصة التي قد تُفاقم مشاكلنا الاقتصادية بدل أن تحلها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news