تتواصل في مدينة تعز حملة رقابة شعبية يقودها المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية، في مسعى جاد لتصحيح الاختلالات المتراكمة التي تعاني منها المحافظة الأكثر اكتظاظًا بالسكان، وسط أزمات خدمية ومعيشية متفاقمة.
وقبل أيام، أعلن المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية تدشين حملة رقابة شعبية مستمرة في تعز، في ظل استمرار أزمة المياه الخانقة، وتدهور مستوى الخدمات العامة، وغياب الرقابة والشفافية، وضعف أداء المؤسسات الرسمية"، وهي أسباب قال إنها أدت إلى مضاعفة معاناة المواطنين في المدينة.
وجاء في بيان صادر عن المجلس: "في ظل هذه الظروف، برزت الحاجة الماسة لتحرك شعبي ومجتمعي يضغط باتجاه توفير الخدمات وتحسين الأداء، ويعزز من دور الرقابة الشعبية في تصحيح المسارات الخدمية".
وأوضح المجلس أنه وبتوجيهات من قيادته، تم تشكيل "دائرة متخصصة في الخدمات" للإسهام في تطوير العمل الخدمي داخل المناطق المحررة، كما انبثقت عنها "لجنة رقابة شعبية موسعة" تُعنى بالإشراف على المكاتب التنفيذية ومتابعة أدائها وتصويب مساراتها.
مهام اللجنة ومخرجات أولية
منذ تأسيسها، باشرت اللجنة مهامها عبر زيارات ميدانية ولقاءات مع الجهات المعنية، ركزت في مرحلتها الأولى على ملف المياه باعتباره أولوية إنسانية ملحة.
وفي هذا السياق، التقت اللجنة بمدير مؤسسة المياه وثيق الأغبري، ووكيل المحافظة لشؤون الخدمات رشاد الأكحلي، كما زارت عددًا من المسؤولين في المؤسسات ذات العلاقة، وخبراء جيولوجيين، بالإضافة إلى تفقدها لعدد من آبار المياه في مدينة تعز ومنطقة الضباب.
وخلصت اللجنة – بحسب إفادة أعضائها – إلى "فهم أعمق لطبيعة الأزمة، وأسبابها الفنية والإدارية، والحلول الممكنة لتخفيف حدتها"، داعية جميع الجهات إلى التفاعل البناء، والعمل بروح جماعية لتجاوز ما خلفه انقلاب الحوثيين من تدهور مستمر.
وأكدت اللجنة أن مهامها لن تقتصر على الرقابة والرصد، بل ستمتد خلال الأيام القادمة إلى إجراءات ضغط وتصحيح أوسع، تشمل مختلف الملفات الخدمية، وفي مقدمتها ملف المياه، بهدف تفعيل الرقابة الشعبية وتحسين أداء المؤسسات وتعزيز الحضور الفعلي للدولة.
تعز.. بين الرقابة الشعبية والحصار
تأتي هذه الخطوة في ظل ما تعيشه مدينة تعز من حصار خانق تفرضه جماعة الحوثي منذ أكثر من عشر سنوات، ما فاقم تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية، ودفع المواطنين للبحث عن أدوات ضغط مجتمعي بديلة لمحاسبة المسؤولين ومتابعة الخدمات المتردية.
الوعي الجمعي يواجه الفساد
وقد لاقت الحملة تفاعلًا واسعًا من قبل ناشطين ومهتمين بالشأن المحلي، الذين أكدوا أهمية الرقابة المجتمعية كخطوة أساسية نحو الإصلاح.
وأشار الناشط عبدالقيوم اليوسفي إلى أن مظاهر الفساد باتت واضحة في مختلف القطاعات الخدمية دون وجود رادع أو محاسبة، مرجعًا ذلك إلى غياب دور السلطة المحلية.
وقال في منشور له عبر وسائل التواصل: "في كل مرة يخرج علينا فساد يزكم الأنوف، سواء من قبل التجار، أو أصحاب محطات المياه، أو هوامير الصرافة.
وأضاف" في كل قطاع هناك فساد لم يتم كشفه بعد، والسبب الرئيسي هو غياب السلطة المحلية".
وتساءل قائلا : من المستفيد من هذا الفساد؟ ولماذا لا تُفتح ملفاته؟ ولماذا لا تكون هناك رقابة مستمرة حتى لا يتجذر ويصعب استئصاله؟"
من جهته، رأى الصحفي عامر دعكم أن الرقابة الشعبية تعكس نضجًا متقدمًا في الوعي الجمعي، مشيرًا إلى أن الشعوب التي تراقب أداء مسؤوليها تسلك الطريق الصحيح نحو الإصلاح.
وأكد أن هذه الخطوة تعزز من فرص التحسن والانضباط في أداء المؤسسات الرسمية، داعيًا إلى دعمها واستمرارها.
أما الناشط أبو هيلين، فشدّد على أن الرقابة الشعبية "ضرورة وطنية ملحّة"، تمثل حجر الأساس في بناء مجتمع رقابي واعٍ، وقال: "حين تراقب الشعوب أداء السلطات، فإنها تمضي في طريق طويل نحو الاستقرار والمعالجة الجادة للقصور في المؤسسات".
وفي السياق ذاته، وصف الإعلامي شعيب الأحمدي خطوة المجلس الأعلى للمقاومة بأنها خطوة جادة تعبّر عن اقترابه من هموم الناس وتطلعاتهم.
وقال: "الرقابة المجتمعية تعني أن المجلس لم ينسَ الحاضنة الشعبية التي ساندته، ونأمل أن يبقى بجانبها في كل قضاياها، لا أن يتركها وحيدة في ظروف كهذه".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news