صدر حديثًا عن المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح كتاب نقدي بصري بعنوان:
«براين كارلسون يرسمُ صرخةً لاستعادة إنسانيّتنا»، من تأليف الفنان التشكيلي والمخرج اليمني المقيم في فرنسا حميد عقبي، ويقع في 104 صفحات، تضم إحدى عشرة مادة نقدية وتأملية، تتناول 17 لوحة مختارة من أعمال الفنان الأميركي براين كارلسون، الذي يُعرف بنشاطه الحقوقي والبيئي، ومعارضته للتمييز العنصري والحروب، خاصةً مأساة غزة وفلسطين.
يُقدّم هذا الإصدار، بلغة عربية مبسطة وأسلوب تأملي شفيف، قراءة غير تقليدية في تجربة فنية نضالية تمتد لأكثر من خمسة عقود ويركّز الكتاب على الجانب الإنساني والاحتجاجي في لوحات براين، ويعيد الاعتبار للفن بوصفه أداة للمقاومة والتوثيق الأخلاقي، لا سلعة تُباع في معارض النخبة.
الفنان براين كارلسون، المقيم في الأرجنتين، لا يرسم لبيع لوحاته أو التنافس على الجوائز، بل يرى في الفن وسيلة لمقاومة نظام عالمي ينتج العنف، الفقر، التفاهة، والتهميش. لوحاته التي تناولها الكتاب تُجسّد وجوهًا وأجسادًا لنساء وأطفال من فلسطين، اليمن، العراق، إفريقيا، اللاجئين والمهجّرين. لكنها لا تنقل صورًا صحفية أو مشاهد واقعية، بل تلتقط "روح التراجيديا" كما يقول عقبي، وتحوّلها إلى صرخة ضد التجاهل والبرود الأخلاقي العالمي.
من بين النماذج التي عرضها الكتاب، لوحة "بيتا اليمن "والتي تصور ما احدثته الحروب في اليمن من مجاعة وجوع وكذلك لوحة "الحزن والصبي من غزة"، حيث يظهر طفل مغطى بالغبار والدم، محاطًا بأقدام الكبار دون وجوه، ما يعمّق الشعور بالعزلة. في لوحة أخرى، تظهر امرأة يمنية بوضعية ساكنة كمن يحتضن جرحًا داخليًا غير مرئي. ألوان باهتة، تكوين بسيط، لكن وقع بصري ونفسي شديد التأثير.
الكاتب حميد عقبي لا يقدّم دراسة أكاديمية جافة، بل يدخل إلى اللوحات بعين الشاعر والمحب، ويستمع إلى صمت الألوان. يكتب بمحبة وصدق، دون مبالغات أو خطابات دعائية، ويعيد ربط الفن بسياقه الإنساني والاجتماعي. يرى أن هذه اللوحات ليست فقط تعبيرًا عن معاناة شعب، بل هي احتجاج عالمي ضد منطق اللامساواة والتمييز والخراب.
الكتاب يقدّم في مقدمته وخاتمته باللغتين العربية والإنجليزية دعوة مفتوحة لكل من يرى في الفن وسيلة للسلام، والحب، والمساواة، ويدعو لاكتشاف أعمال براين كارلسون كأداة تربوية وإنسانية يجب أن تُقرأ وتُعرض وتُناقش في المدارس والمراكز الثقافية، لا أن تُعلّق فقط في المتاحف.
ويُعد هذا الإصدار خطوة أولى ضمن مشروع أكبر يعمل عليه عقبي لتوثيق تجارب فنية عالمية تؤمن بأن الفن يمكنه أن يصغي للفجيعة لا أن يجمّلها، وأن الجمال الصادق يولد من الألم، لا من الأطر الفخمة والصالونات.
الكتاب متوفر بصيغة رقمية مجانية، كما يُمكن الحصول على نسخ ورقية بسعر التكلفة، دعمًا لمبدأ الوصول المفتوح، وفق ما أعلنه المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح في فرنسا، الجهة الراعية للنشر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news