حنين الشارع اليمني لعهد الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح
قبل 1 دقيقة
في مساء يمني خافت، حين تسكن الضوضاء وتبدأ الذاكرة في الهمس، يخرج من بين جدران البيوت صوت خفي، كأنه دعاء أو أنين، لا اسم يتردد في خواطر الناس كاسم الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، تمر السنين وتبقى ملامحه في ذاكرة الشارع لا تشيخ، بل تتجدد مع كل خيبة، ليست الذكرى هنا احتفاءً برجل راحل فحسب، بل استحضاراً لزمن مضى، كان فيه لليل سكون، وللدولة هيبة، وللمواطن كرامة لا تُساوم.
بين الأنقاض وتحت ظلال الحروب، يكبر الحنين في صدور اليمنيين كأشجار برية لا تموت، ويشتد السؤال، هل مضى الزمن الجميل فعلًا؟
أم أن له عودة؟
في هذا الحنين تختبئ رغبة صامتة لا تُقال صراحة، لكنها تُرى في العيون وتُقرأ في كلمات العابرين وهم يرددون رحل الزعيم فرحلت معه الطمأنينة.
في شوارع اليمن لا تزال جدران المدن تهمس باسمه ويكاد الهواء يختزن أنفاسه، يُكتب اسم الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح لا بحبر القلم، بل بحبر الشوق وبأنين الذكريات التي تسكن قلوب البسطاء في القرى والمدن، إنه ليس مجرد اسم في سجل الزعماء، بل عهد محفور في ذاكرة الناس يرونه مرحلة كانت أكثر أمناً واستقراراً.
اليوم يمشي اليمني مثقلاً بالهم لا يرى في الأفق ما يبعث على الطمأنينة، ولا يجد ما يستحق العناء في حياة تتآكلها الصراعات والفقر والخوف، في هذا المناخ الملبد بالخيبات، لا عجب أن تتوجه أنظار الكثيرين إلى الوراء، إلى زمن كان فيه اليمني ينام قرير العين لا يخشى إلا الله ولا يتوجس من قذيفة عشوائية أو ميليشيا تعبث بأمنه.
الشارع اليمني لا يُخفي حنينه، بل يعلنه في الوجوه، في الأحاديث اليومية وفي الأمنيات التي تراود الناس عند كل انقطاع للكهرباء، أو تفجير، أو ضيق في العيش، لقد باتت المقارنة قاسية، بين حاضر لا يرحم ومستقبل غامض، وبين ماضي رغم كل ما يُقال عنه كان أكثر وضوحاً وتنظيماً.
ربما لا يبحث الناس عن زعيم بمواصفات خارقة، بقدر ما يتوقون إلى عهد كانت فيه الدولة حاضرة، وكانت السيادة مصونة، وكان المواطن يشعر أنه جزء من وطن له ملامح وسقف يحميه، ومن هذا المنطلق تعود صورة الزعيم علي عبدالله صالح إلى الواجهة، لا كرمز سياسي فحسب، إنما كرمز لمرحلة تفتقدها النفوس وسط فوضى الحاضر.
إن هذا الحنين ليس مجرد نزعة عاطفية، بقدر ما هو صرخة سياسية غير معلنة، تطالب بإعادة الاعتبار للدولة، وللكرامة الوطنية، ولأبسط مقومات العيش الكريم.
ختاماً:
لا يُدهشنا أن يكتب الناس اسم الزعيم الشهيد على جدران بيوتهم، أو يرسمونه في الطرقات وعلى قمم الجبال، ولا أن يرددوا سيرته في المجالس وكأنها صلاة سرية على عهد مضى، فما يفتقده اليمني اليوم ليس الزعيم بحد ذاته فقط، بل ما كان يمثله من استقرار، ومن دولة لها عنوان، من وطن لم يكن ساحة لتجاذبات الخارج أو مسرحاً لتناحر الفصائل والسلاح، في زمن مثل هذا تاهت فيه الملامح وضاعت فيه البوصلة، يعود علي عبدالله صالح ليس بجسده بل في ضمير شعب أنهكته الفوضى، كأن صوته لا يزال يدوي في أعماق اليمنيين قائلاً: الوطن فوق الجميع، واليوم في زمن الوجع والضياع ربما لا يملك الشارع اليمني ما يورثه للأجيال القادمة، سوى هذا الحنين وهذا الألم، وذكرى رجل رغم كل ما له وما عليه كان رمزاً لزمن أرحم من هذا التيه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news