أجبرت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران طالبات في عدد من مدارس العاصمة صنعاء، التي لا تزال تحت سيطرتها، على ارتداء الزي النسائي الإيراني المعروف بـ"الشادور"، وذلك بدل الحجاب التقليدي المصاحب للزي المدرسي، تحت ذريعة الحفاظ على "الهوية الإيمانية"، في خطوة اعتبرها الأهالي والتربويون انتهاكاً جديداً يضاف إلى سجل مليشيا الحوثي من التضييقات والتدخلات في قطاع التعليم.
وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن قيادات حوثية تدير قطاع التعليم في مناطق سيطرة الجماعة أصدرت قبل أيام تعليمات مشددة تحث مديرات المدارس الحكومية على إلزام الطالبات في المراحل الابتدائية والإعدادية بشراء وارتداء "الشادور"، وهو لباس خارجي طويل ترتديه النساء في إيران، ويرمز إلى تأييد الثورة الخمينية.
وأشارت المصادر إلى أن المليشيا هددت مديرات المدارس والطالبات المخالفات لهذه التعليمات باتخاذ إجراءات عقابية، تشمل النقل إلى مدارس خارج العاصمة، والحرمان من دخول الامتحانات الشهرية، في خطوة تهدف إلى إرهاب الطالبات وأولياء الأمور وإجبارهم على القبول بالفرض القسري لنموذج غريب عن المجتمع اليمني.
الحوثيون يضيقون الخناق على التعليم ويستهدفون الحريات الشخصية
وأرجعت المصادر هذه الإجراءات إلى محاولات متعمدة من المليشيا لإعاقة العملية التعليمية، بعد أن حرمت عشرات الآلاف من المعلمين من رواتبهم منذ سنوات، تحت ذريعة عدم توفر الموارد المالية، في وقت تواصل فيه الجماعة إنفاق الملايين على جهود التعبئة الطائفية والتجنيد الإجباري.
كما أكد ناشطون تربويون في صنعاء أن بعض إدارات المدارس الخاضعة لسيطرة الحوثيين بدأت فعلاً في إرغام طالبات المرحلة الابتدائية على ارتداء الجلباب الإيراني، مشيرين إلى أن المليشيا أصدرت توجيهات صارمة لمديرات المدارس بمنع أي طالبة لم تلتزم بالتعليمات من دخول الامتحانات الشهرية.
وأبدت طالبات في عدد من المدارس الحكومية في صنعاء، استياءهن من الإجبار على شراء وارتداء "الشادور" بشكل يومي، مؤكدين رفضهن القاطع لهذه الإجراءات التي وصفوها بأنها "تعدي على حريتهن الشخصية وحقهن في اختيار مظهرهن".
وتشمل المدارس التي طالتها هذه الإجراءات كل من: مدرسة "زينب الكبرى" في مديرية السبعين، و"الغفران" في مديرية آزال، و"الكرار"، و"نور المصطفى" في مديرية معين، ومدرسة "حفصة الأساسية" في مديرية الوحدة، بالإضافة إلى مدرستي "الإسراء" و"نور الهدى" في مديرية الثورة.
غضب واسع بين الأهالي والتربويين
وأثار هذا القرار حالة من الغليان والسخط بين أوساط المواطنين، خصوصاً في صفوف التربويين والأمهات، الذين رأوا في هذه الممارسات انتهاكاً جديداً يضاف إلى سجل مليشيا الحوثي من الانتهاكات المرتكبة في قطاع التعليم، والتي تهدف إلى تحويل المدارس إلى منصات للتعبئة الطائفية بدل توفير بيئة تعليمية آمنة ومحايدة.
وقالت والدة إحدى الطالبات في مدرسة حكومية بصنعاء، في تصريح لـ"الشرق الأوسط"، إنها تقدمت بشكوى رسمية إلى ما يُعرف بـ"إدارة الجمهور" التابعة لوزارة التعليم في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، لكن لم يُرد عليها، في إشارة إلى تجاهل الجماعة لشكاوى الأهالي ورفضها الالتفات لمطالبهم.
وأكدت الأم رفضها إلزام ابنتها، التي تدرس في الصف الثاني الابتدائي، بارتداء "الشادور"، مشددة على أنها ستمضي في إبقائها على الزي المدرسي المعروف مع الحجاب التقليدي المعمول به في المدارس اليمنية.
وطالبت الأم بضرورة وقف كل أشكال التدخل القسري التي تمارسها الجماعة على الطالبات الصغيرات في المدارس، لإجبارهن على اتباع نمط محدد من اللباس ذي طابع طائفي وثقافي غريب عن مجتمعهن.
معلمات يكشفن عن ممارسات ترهيبية
من جانبها، كشفت معلمة تدريس في مدرسة حكومية تدعى "أسماء"، عن قيام مشرفات تربويات تابعات لمليشيا الحوثي بممارسة العنف اللفظي والتهديد بالطرد والحرمان من التعليم بحق عشرات الطالبات اللواتي رفضت عائلاتهن ارتداء "الشادور".
واعتبرت المعلمة أن محاولات فرض الزي الإيراني أو أي نوع من الحجاب المتشدد غير المعروف تقليدياً في اليمن، على الطالبات الصغيرات، لا تمت للتعليم بصلة، وتندرج ضمن جهود الجماعة لتحويل المدارس إلى مراكز تعبئة أيديولوجية.
الحوثيون يسيسون التعليم ويحولونه إلى أداة للتجنيد
ويشكو اليمنيون من تصاعد وتيرة التدخلات الحوثية في قطاع التعليم، من خلال فرض طابع أيديولوجي وطائفي على المناهج الدراسية، وإلزام المعلمين والإداريين والطلاب باتباع نهج الجماعة، تحت طائلة العقوبات والحرمان من التعليم.
وتشير التقارير إلى أن مليشيا الحوثي تمارس تعسفات كبيرة بحق المعلمين والطلاب، تهدف إلى تحويل المدارس إلى منصات للتجنيد واستقطاب الأطفال في صفوفها، بدل توفير بيئة تعليمية صحية تسهم في بناء جيل واعد قادر على إعادة إعمار اليمن في المستقبل.
وفي ظل استمرار هذه الممارسات، تستمر دعوات المجتمع المدني والأهالي إلى وقف الانتهاكات الحوثية في قطاع التعليم، ووضع حد لمحاولات تسييس المدارس وتحويلها إلى أدوات للتعبئة الطائفية، داعين المنظمات الدولية والحقوقية إلى التحرك العاجل لحماية التعليم في اليمن من التدمير الممنهج.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news