بينما تؤكّد السلطة الشرعية اليمنية مواصلة إصلاح جهازها الدبلوماسي وتحسين أدائه، تثير دوائر سياسية وإعلامية يمنية أسئلة بشأن حصافة اختيار هذا التوقيت بالذات لفتح هذه الورشة المتشعّبة والمعقدّة، معتبرة أن الأولوية المطلقة التي يتوجّب توجيه مختلف الجهود نحوها حاليا هي محاولة الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي خلقت أوضاعا اجتماعية باتت مثار غضب الشارع ومصدر تهديد حقيقي لاستقرار تلك السلطة وتماسكها في المناطق الواقعة ضمن نطاق مسؤوليتها.
وفي مقابل ذلك تجادل أوساط مقرّبة من الشرعية بأنّ الملفات الإصلاحية كل مترابط لا يمكن الفصل بين عناصره ومكوناته، معتبرة أنّ إصلاح الجهاز الدبلوماسي مفيد أيضا في تجاوز الصعوبات الاقتصادية على أساس أن ذلك الجهاز يعتبر لسان السلطة وأداتها في التواصل من المجتمع الإقليمي والدولي واستدراج دعمه ومساعداته التي مثّلت دائما عنصرا حيويا في مساعدة الحكومة المعترف بها دوليا على القيام بواجباتها والنهوض بمسؤولياتها تجاه المناطق وسكانها.
ويظّل العامل الثابت والعنصر موضع شبه الإجماع بين المهتمين بعمل الدبلوماسية التابعة للشرعية اليمنية، هو الإقرار بوجود مثالب كبيرة في الجهاز الدبلوماسي أدى تراكمها على مدى السنوات الماضية إلى خموله وترهله وتحوّله إلى عبء مادي وسياسي على السلطة بدل أن يكون مساعدا لها على حلحلة مشاكلها وتجاوز صعوباتها.
وقال شائع الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين ضمن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، إن الوزارة تعمل على إعادة بنائها كمؤسسة قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة، مشيرا إلى أن هذه الجهود والخطة التي تعمل عليها الوزارة تحظى بدعم كبير من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وأعضاء المجلس.
وأوضح الوزير في مقابلة تلفزيونية مع إحدى القنوات الفضائية أن انطلاق عمل الوزارة من عدن شكّل خطوة أساسية نحو الإصلاح، مستدركا بأن عملية نقل العمل بشكل كامل إلى المدينة التي تتخذ منها الشرعية عاصمة مؤقتة لها، تتطلب التدرج لضمان الاستقرار المؤسسي.
وأشار إلى أن وزارة الخارجية أطلقت حزمة من الإصلاحات أبرزها تقليص الكادر الدبلوماسي في البعثات اليمنية بالخارج، في إطار إعادة هيكلة شاملة لتحسين الأداء.
لكن الوزير فنّد مسألة تضخم الجهاز الدبلوماسي اليمني واصفا ذلك بغير الدقيق بالاستناد إلى الأرقام “فإجمالي الدبلوماسيين حاليا يبلغ 179 بعد استدعاء 160 دبلوماسيا خلال الأشهر الماضية.”
كما نفى ما راج مؤخرا بشأن انهيار عمل سفارات اليمن بعدد من الدول نتيجة الأزمة المالية، مؤكّدا أنّ “السفارات اليمنية في كل دول العالم تواصل أداء واجبها، وما يثار مؤخرا عن انهيار السفارات غير صحيح.”
ومن الانتقادات الموجهة للدبلوماسية اليمنية خضوعها لنظام المحاصصة وتقاسم المناصب بين مختلف القوى المشكّلة للسلطة الشرعية. حيث يقول منتقدون إنّ التعيين بالسلك الدبلوماسي اليمني تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى أفضل أداة للمجاملة والمكافأة التي يقدّمها كبار المسؤولين في السلطة للمقرّبين منهم ولأعضاء أحزابهم، حيث يوفّر العمل ضمن البعثات الدبلوماسية في الخارج لأعضاء تلك البعثات أوضاعا مريحة بعيدا على اليمن وتعقيداته الحياتية وعدم استقراره الأمني.
ويشير هؤلاء إلى افتقاد مكونات الجهاز الدبلوماسي اليمني لعامل التنسيق والتضامن الذي يستوجبه العمل الحكومي بصفة عامّة، وذلك في ظلّ التزام أعضاء الجهاز بتوجّهات أحزابهم وانصرافهم لخدمة تلك الأحزاب والترويج لها وتمتين علاقاتها في الخارج.
لكن الزنداني نفى ذلك مؤكدا أن وزارة الخارجية تحظى بدعم كل الأحزاب والمكونات السياسية، مؤكّدا قوله “لا يوجد أي خلاف مع أي حزب أو طرف طالما أننا نحتكم إلى القانون، وعندما يكون القانون هو الفيصل لا مجال للاختلاف.”
وبشأن عمليات استدعاء عناصر من البعثات الدبلوماسية في الخارج أوضح الوزير أن الاستدعاء لا يعني الإعفاء وفقا للقانون الدبلوماسي، إذ أن عمل الوزارة قائم على التنقل بين ديوان الوزارة والبعثات الخارجية، وموضّحا أن غالبية من تم استدعاؤهم مضى على تعيينهم أكثر من خمس سنوات وغالبيتهم تراوحت فترة عملهم بين سنة إلى اثنتي عشرة سنة، وأن “عملية الاستدعاء شملت الجميع دون أي انتقائية أو استثناءات وتم تنفيذها وفقا للنظام والقانون.”
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news