تصاعدت الدعوات الشعبية والرسمية في محافظة الحديدة لإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، وسط اتهامات متزايدة للبعثة بالانحراف عن مهامها الأصلية وتحولها إلى مظلة سياسية لشرعنة وجود مليشيا الحوثي في الميناء، خلافًا لما نص عليه اتفاق ستوكهولم الموقع أواخر 2018.
وحمّل أبناء الحديدة، في بيانات وتصريحات متفرقة، البعثة الأممية مسؤولية الفشل في تنفيذ بنود الاتفاق، لاسيما ما يتعلق بانسحاب المليشيا من مدينة وموانئ الحديدة، معتبرين أن استمرار عمل “أونمها” في ظل هذا الانحراف لا يخدم سوى أجندة الحوثيين، ويكرّس واقعًا سياسيًا وأمنيًا غير مشروع.
وتنص اتفاقية ستوكهولم على انسحاب المليشيا الحوثية من مدينة الحديدة وموانئها، وتسليم إدارتها للسلطات المحلية وفق القانون اليمني. غير أن الوقائع على الأرض، بحسب تقارير محلية ودولية، تشير إلى استمرار سيطرة الحوثيين على تلك المرافق الحيوية، في ظل صمت أممي وغياب لأي آليات رقابية فاعلة من قبل بعثة أونمها.
ورغم تنفيذ القوات المشتركة لبنود الاتفاق من جانب واحد، بما في ذلك إعادة الانتشار والانسحاب من بعض المواقع، أقدمت مليشيا الحوثي في نوفمبر 2021 على السيطرة على تلك المناطق في انتهاك صارخ للاتفاق، دون أن تقابل بخطوات ردعية من قبل الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.
أونمها تكتفي بإحصاء ضحايا الألغام الحوثية بدلاً عن تحمل مسؤوليتها في الحديدة
وسبق للحكومة اليمنية أن طالبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتسمية الحوثيين طرفًا معرقلًا، وإعفاء الحكومة من الالتزام بتنفيذ اتفاق لم يُطبق منه شيء، إلا أن تلك المطالب قوبلت بتجاهل دولي، وفق مصادر دبلوماسية يمنية.
ويأتي هذا الجمود الدولي في وقت عاودت فيه مليشيا الحوثي تصعيد هجماتها البحرية، حيث استهدفت مجددًا السفن التجارية في البحر الأحمر قبالة سواحل الحديدة، بعد فترة هدوء نسبي استمرت منذ 18 نوفمبر 2024، وهو تاريخ آخر هجوم معروف حينها.
وشهد يوم الأحد، 6 يوليو الجاري، تصعيدًا خطيرًا حين أغرقت المليشيا سفينة الشحن “ماجيك سيز”، وتسببت في غرق سفينة أخرى تُدعى “إترنيتي سي”، بزعم أنها كانت متجهة إلى إسرائيل، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وأمن الملاحة البحرية.
ويأتي هذا التصعيد بعد نحو شهرين فقط من اتفاق توصلت إليه المليشيا مع الولايات المتحدة في مايو الماضي، نصّ على وقف الهجمات ضد السفن الأمريكية وتهدئة التوترات في الممرات المائية، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى تحوّل واضح في تكتيكات الحوثيين، وانهيار محتمل لذلك الاتفاق.
وفي ظل هذه المستجدات، دعا مراقبون الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم موقفها، عبر تقديم دعم مباشر للحكومة اليمنية الشرعية، بما في ذلك تزويدها بأسلحة نوعية وتوفير غطاء جوي لتحرير مدينة الحديدة، باعتبار أن مثل هذا التحرك قد يشكّل نقطة تحول حاسمة لتقليص الخطر الحوثي المتصاعد والحد من تداعياته على الأمن البحري العالمي.
وفي هذا السياق، دعت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، الأربعاء، إلى مراجعة دور بعثة “أونمها”، وسط تزايد الأصوات المطالبة من داخل الحديدة بإنهاء اتفاق ستوكهولم الذي لم يجلب – بحسب السكان – سوى مزيد من المعاناة وتوسّع سطوة الحوثيين على المدينة والميناء الاستراتيجي.
ويرى مراقبون أن أداء البعثة الأممية شهد تراجعًا حادًا في فعاليتها، وباتت عاجزة عن وقف الخروقات الحوثية المتكررة، ما يفقدها دورها كجهة ضامنة للاتفاق. كما يشير هؤلاء إلى أن الانقسام داخل مجلس الأمن بشأن الملف اليمني يعكس عجزًا أمميًا عن بلورة موقف موحد، ويسهم في إعادة إنتاج أدوات تسوية فاشلة بدلًا من اتخاذ إجراءات رادعة تعيد التوازن للعملية السياسية.
ويختم محللون بأن اتفاق ستوكهولم، بعد سنوات من التعثر والتنصل، لم يعد يمثل مدخلًا للحل، بل تحول إلى عبء سياسي وأمني، فيما يواصل الحوثيون استثماره لكسب الوقت وتعزيز سيطرتهم على حساب استقرار اليمن وأمن المنطقة برمتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news