الوحدة اليمنية.. من منجز عظيم إلى صراعات سياسية ودموية - أحمد المطوع

     
يني يمن             عدد المشاهدات : 79 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الوحدة اليمنية.. من منجز عظيم إلى صراعات سياسية ودموية - أحمد المطوع

لا شك أن تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990 كان حدثًا تاريخيًا عظيمًا، أفرح اليمنيين والعرب على حد سواء، وأذرفت له الدموع طربًا وفرحًا. فقد تحقق حلم لطالما راود الأجيال. إلا أن هذا المنجز تحوّل مع مرور الوقت إلى كابوس مزعج، تتجاذبه الخلافات، ويتنازع عليه المؤيدون والرافضون، واندلعت بسببه الحروب، ولا يزال اليمنيون يعيشون في دوامة هذا الصراع.

وهنا أود تسليط الضوء على أبرز النقاط التي تسببت في فشل مشروع الوحدة، ودفعت كثيرًا من الجنوبيين إلى التذمر والرفض:

النية الصادقة لدى الجنوبيين

كان الجنوبيون أكثر حماسة وسعيًا نحو الوحدة بدوافع وطنية وقومية، وتحت مشاريع أيديولوجية. وقد سعى الرئيسان إبراهيم الحمدي وسالم ربيع علي (سالمين) لتحقيق هذا الهدف، إلا أن اغتيال الحمدي أنهى المشروع.

سوء فهم الجغرافيا السياسية الشمالية

فشل السياسيون الجنوبيون في فهم واستيعاب تعقيدات الشمال الدينية، والقبلية، والجغرافية، ما جعلهم يدخلون في الوحدة دون ضمانات تحمي حقوق الجميع.

غياب المصالحة الجنوبية–الجنوبية

تمت الوحدة دون معالجة الخلافات بين الفرقاء الجنوبيين. فقد تم استيعاب الجناح الجنوبي الخاسر في حرب 1986 (الموالي لعلي ناصر محمد) ضمن النظام الشمالي، وتم دمجهم في المؤسسات. وبعد الوحدة، احتواهم الرئيس صالح داخل حزب المؤتمر الشعبي العام، وكان من المفترض أن تتم مصالحة جنوبية شاملة قبل إعلان الوحدة.

تنازلات غير متكافئة

الحزب الاشتراكي، الطرف الحاكم في الجنوب، قدم تنازلات كبيرة، أهمها التخلي عن منصب الرئاسة والعاصمة السياسية، ما أضعف موقفه بعد الوحدة.

التمثيل البرلماني المجحف

قبول الجنوبيين بتمثيل الجنوب في البرلمان وفق معيار السكان، دون الأخذ في الاعتبار المساحة والثروة، ما أدى إلى تمثيل الجنوب بـ48 دائرة فقط من أصل 301، وهو ما أفقد الجنوبين احد أهم عوامل القوة والمناورة معا شريك الوحدة في الشمال

خيبة الاشتراكي بعد الانتخابات

بعد الانتخابات، اكتشف الحزب الاشتراكي أنه خسر كل شيء، فلم يتحقق له ما كان يطمح إليه، فاتخذ قرار الانفصال في وقت خاطئ، دون حاضنة شعبية حقيقية. فقد كانت أغلب الجماهير قد تنفست الصعداء من النظام الاشتراكي، وبدأت تلمس حرية جديدة. حتى أن أبناء أبين وشبوة كان لهم دور حاسم في حرب 1994 لصالح بقاء الوحدة، وهي حرب لم تكن شمالية – جنوبية كما يُشاع.

عقلية "المنتصر والفرع" بعد 1994

بعد الحرب، لم يُنظر إلى الجنوب كشريك، بل كفرع عاد إلى الأصل، أو كمغنم للمنتصر، فغابت العدالة والشراكة في السلطة والثروة، وحتى الشريك الجنوبي الذي قاتل إلى جانب النظام تم تهميشه.

كل هذه العوامل أدت إلى انطلاق حراك جنوبي حقوقي، بدأ مع ضباط عسكريين تم تسريحهم من وظائفهم، ثم تطور مع اشتداد الخلافات السياسية بين صالح والمعارضة، ومع تعقيدات الوضع الإقليمي والدولي، فبدأ الحراك يتسع ويتخذ طابعًا مناطقيًا خطيرًا، يُصوّر الشمالي على أنه "محتل وعدو".

ثم جاءت أحداث 2011، والتي أسفرت عن مشروع حوار وطني حاول من خلاله الرئيس عبدربه منصور هادي إيجاد حل وسط، لا هو وحدة مركزية كما أرادتها صنعاء، ولا انفصال كما أراده المتشددون في الجنوب. وكان مشروع الأقاليم يمثل تسوية مقبولة، فهو أعطى لحضرموت خصوصيتها، ولتهامة وسبأ وتعز كذلك.

لكن هذا المشروع تعرض للانقلاب من الحوثيين وحلفائهم من مراكز القوى في الشمال، الذين كانوا يرون أنفسهم "الأصل" والآخرين "فروعًا". اجتاحوا الجنوب مجددًا، لكن الجنوبيين تصدوا لهذا العدوان بشراسة وبسالة، وبدعم التحالف العربي تم تحرير الجنوب. هذا الاجتياح عزز قناعة كثير من الجنوبيين بضرورة الانفصال، ومن بعده سيطر على الجنوب التيار الأكثر تمسكًا بخيار الانفصال.

سيطرة الحوثيين على الشمال

بقاء الشمال حاليًا تحت سيطرة جماعة الحوثي ذات المشروع الطائفي القائم على فكرة "الحق الإلهي" في الحكم، شكّل عاملًا إضافيًا عزز قناعة كثير من الجنوبيين بعدم جدوى استمرار الوحدة. إذ يرون أن هذا النموذج لا يمثلهم، بل يتناقض مع مبادئ الشراكة والمواطنة المتساوية، ويهدد مستقبل الجنوب.

الطريق إلى الحل

الحلول تبدأ من الشمال، وتتمثل أولًا في تحريره من قبضة الحوثي وإسقاط مشروعه الطائفي، ثم الالتزام بمخرجات الحوار الوطني الشامل، بما فيها نظام الأقاليم بتشكيلته التي أخرجتها لجنة الأقاليم.

هنا، قد تمر البلاد بمرحلة انتقالية تُعد محطة استراحة محارب، يُجرب فيها هذا النموذج من الحل، للحفاظ على الوحدة بشكل عادل ومتوازن، إن بقيت لها فرصة قائمة.

ختاماً نقول

إن الوحدة اليمينية التى ولدت بحلم كبير، أُجهضت بسلسلة من الأخطاء السياسية والنزعة التسلطية المناطقية وبدلًا من أن تكون جسرًا نحو التنمية والاستقرار، تحولت إلى ساحة صراع مفتوح على الهوية والثروة والسلطة.

كما أن أي حديث عن وحدة قسرية في ظل احتلال طائفي وانهيار مؤسسي هو تهرّب من الواقع.

لقد أثبتت السنوات الماضية أن الوحدة ليست مجرد قرار سياسي، بل مشروع توافقي بحاجة إلى بيئة حاضنة، وإرادة جامعة، وإصلاح عميق في بنية الدولة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

في تهديد مبطن للمملكة.. ما هي الشروط الثلاثة التي وضعتها جماعة الحوثي على السعودية؟

يني يمن | 813 قراءة 

انهيار غير مسبوق في صنعاء

كريتر سكاي | 601 قراءة 

ضبط شابين قادمين من مناطق سيطرة بكامل زينتهما وأناقتهما وبلباس النساء

عدن تايم | 545 قراءة 

مليشيا الحوثي تشن حملة مداهمات في ريف تعز وتستهدف منازل المدنيين

حشد نت | 477 قراءة 

تقرير | تنامي تهريب وإنتاج المخدرات.. هل تُعيد المافيا الإيرانية تموضعها في اليمن بعد خسارتها سوريا ولبنان؟

بران برس | 472 قراءة 

لماذا تعثرت عودة رئيس الحكومة سالم بن بريك إلى العاصمة عدن حتى الآن؟!

مراقبون برس | 447 قراءة 

عاجل:اشتعال معارك ضارية بين القوات الجنوبية وقوات أخرى

كريتر سكاي | 440 قراءة 

فيديو | رحلة تطور كهرباء مأرب منذ 2014 وحتى اليوم وخطتها المستقبلية.. حوار خاص مع مدير عام الكهرباء بالمحافظة عبدالهادي الشبواني

بران برس | 418 قراءة 

وزير حوثي يعود إلى الحياة بعد استهدافه بالهجوم الإسرائيلي على حكومته بصنعاء (شاهد)

المشهد اليمني | 415 قراءة 

لماذا هدد المدانيُّ الرزامي؟ نبيل الصوفي يكشف كواليس الصراع الحوثي

المرسى الاخباري | 408 قراءة