ما بعد حرب الإبادة في غزة

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 32 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
ما بعد حرب الإبادة في غزة

وضع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو واليمين الديني والصهيوني ثلاثة أهداف معلنة في الحرب على غزة:

تدمير قوة حماس والقضاء عليها، واستعادة الأسرى بالحرب -والحرب وحدها-، وعدم عودة غزة إلى تهديد إسرائيل.

الأهداف المعلنة كانت تستبطن أهدافًا أخرى غير معلنة، لكن بعضها حاضر في أجندة الاحتلال الصهيوني لفلسطين منذ نشأة الحركة.

الأهداف غير المعلنة هي تدمير غزة كليًا وجعلها أرضًا غير صالحة للسكن، وإرغام مصر والأردن -عبر الضغط الأمريكي والأوروبي- على استقبال مواطني غزة والضفة الغربية، وقيام الدولة اليهودية من البحر إلى النهر، وإعلان قيام الشرق الأوسط الجديد، وفي السياق فتح قناة بن غوريون، وطريق الهند.

تدمير غزة والاستيلاء عليها وعلى الضفة الغربية هو البوابة الكبرى للتحكم بالمنطقة، وتلجيم القوى الإقليمية الأخرى. الأهداف المعلنة تحققت، واستعادة الأسرى، وربما التضحية بهم، ليس أمرًا مهمًا في استمرار الحرب والقصف الذي يدمر كل شيء، وستتولى الماكينة الإعلامية كلّية القدرة تحميل حماس مسؤولية قتلهم.

الأهداف غير المعلنة، وأهمها على الإطلاق التهجير، هي القضية الرئيسة في الاحتلال والحروب منذ مطلع القرن الماضي وحتى اليوم. وهو ما فشلت فيه أكذوبة “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”. وبقي “الوعد الإلهي” المكذوب: “أرضك يا إسرائيل من البحر إلى النهر” معلّقًا وزائفًا.

ثلاث حروب كبرى حققت لإسرائيل انتصارات، وعدة مواجهات، وعلى مدى قرن عجزت إسرائيل عن فرض التهجير.

سقط اليسار الصهيوني منذ حرب 1973 لفشله في الحرب، وفشله في التهجير. أما اليمين الصهيوني بجناحيه: الديني والسياسي، فمهدد بالفشل، وربما بأخطر من ذلك إذا لم يتحقق التهجير.

الصفقة بين شيلوك (نتنياهو) وتاجر العقار المهجوس بالتملك (ترامب) على تمليك غزة؛ لتحويلها إلى ريفيرا الشرق، وهاجس السقوط والمساءلة وما يعقبها، كل ذلك يدفع إلى استمرار حرب الإبادة والمقامرة على التهجير.

الجمود العربي حد التواطؤ، ومشاركة بعض الدول، وضعف الرأي العام الدولي، يُغري اليمين الصهيوني الأمريكي بإبادة شعب بكامله وطرده من أرضه، دون أي اعتبار للقيم والمثل الدينية والإنسانية، ولا للأعراف والمواثيق والإعلانات الدولية. فترامب ونتنياهو يجعلان القوة هي الحق، وما يستطيعان فعله هو الحق.

تضع إسرائيل الآن عاصمة سوريا تحت رحمتها، وتجتاح مناطق شاسعة في الجنوب، وتصل إلى ريف درعا، وتحتل عدة مواقع في جنوب لبنان، وتشن الطائرات الأمريكية الغارات المتكررة والمدمرة على سبع محافظات يمنية، وتتواصل الغارات على اليمن المحاصر والمفكك والمجوّع والمنكوب بتمزيق نسيجه المجتمعي وتقاتل أبنائه.

خلال بضعة أشهر، تم تدمير قوة حزب الله في لبنان، والعسكرة في مواقع مهمة في الجنوب اللبناني. عسكرة الجيش الإسرائيلي قريبة من دمشق، والقصف المستمر على سوريا لا يلقى احتجاجًا ولا ردًا.

محور المقاومة، الذي تحوّل إلى مساندة، تراجع إذا ما استثنينا اليمن، لكن نقطة الضعف في المساندة اليمنية هي أوضاعها الداخلية وبُعدها.

في الثامن عشر من رمضان 1446، والثامن عشر من مارس 2025، وجَّهَتْ جماعة “نداء السلام في اليمن” رسالةً إلى رؤساء وزعماء الأحزاب في اليمن، أشارت فيها إلى:

*“تواصل عمليات الإبادة الجماعية للشعب العربي الفلسطيني، والتدمير الشامل لكل مقومات حياته؛ بهدف إجباره على التخلي عن أرضه التي ظل يتشبث بها منذ احتلتها العصابات الصهيونية الإرهابية.

ويدفع الثمن باهظًا قتلًا وتجويعًا وتشريدًا. وفي الوقت نفسه، تدور حروب مدمرة في أكثر من قطر عربي: في السودان، وليبيا، وسوريا، ولبنان، والصومال، واليمن؛ تحركها قوى خارجية، وتنساق إلى جحيمها قوى محلية متصارعة مرتبطة بأجندة تتعارض مع مصالح الشعب والوطن.

الهدف من وراء هذه الحروب، التي ستطال مستقبلًا كل الأقطار العربية، وهي أهداف معلنة، هو تفكيك المنطقة كلها وتمزيقها، وإعادتها إلى مكوناتها الأولى، ونهب ثرواتها، وإغراقها بالصراعات الجهوية والطائفية والقبائلية”.*

وتخلص الرسالة إلى القول:*“وإزاء كل ما نشاهده ونتابعه من قتل وتدمير وحصار وتجويع وتغوّل للقوى الاستعمارية الساعية إلى نشر الحروب على امتداد الوطن العربي تمهيدًا لإعادة تقسيمه؛ مما ينذر بمخاطر تهدد وجودنا جميعًا، تطرح جماعة نداء السلام رؤية تمثل الحد الأدنى للتوافق عليها.

والرؤية المنوّه بها تمثل الحد الأدنى، والقواسم المشتركة المتعلقة بإحلال السلام، وبدء التحاور الوطني، وتصحيح الأخطاء، والتمسك بالحقوق والواجبات ليمنيين لهم حياتهم، ومكونهم الحضاري، وتاريخهم الواحد.

وتقرأ الرؤية مخاطر الارتباط بالخارج؛ داعيةً إلى بناء الحياة على أسس التعايش والتعاون والتكاتف والعلاقة الأخوية الندية بالآخرين.

كما تصف الرؤية الدولة المدنية الحديثة كأهم مطلب مشترك بين الجميع، والخلاص من الطائفية، والجهوية، والقبائلية، وبناء دولة النظام والقانون والعدل والمساواة، والشراكة الوطنية، والتبادل السلمي للسلطة.

وتطرح رؤيتها للنظام البرلماني، الذي تكون فيه الحكومة مسؤولة أمام السلطات: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، ولا يمارس فيها رئيس الدولة أي سلطة تنفيذية. فهو الرمز الوطني الجامع لكل مكونات الدولة، وتدعو إلى فصل حقيقي بين السلطات الثلاث، بحيث لا تتغوّل السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى.

وتدعو الرؤية إلى الحفاظ على وحدة المجتمع، والاهتمام بالتعليم، والبحث العلمي، والاهتمام بالإنسان تنشئةً وتربيةً وتعليمًا، ودور الدولة في البناء والتنمية والتحديث، وتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية، واحترام قيمة العمل، وإشراك الشعب في إدارة شأنه العام.

وتربط الرؤية عميقًا بين نصرة فلسطين، وإصلاح الأوضاع الداخلية في اليمن، وهو ما ينطبق على حال الأمة العربية”.*

ما مكّن إسرائيل من تدمير غزة، وقتل وجرح وتشريد الملايين في الضفة والقطاع، هو الدمار الذي لحق بالعراق، وسوريا، وليبيا، والسودان، والصومال، واليمن. ولن تكون المعالجة والنصرة الحقيقية للقضية الفلسطينية، التي يستحيل طمسها وتهجير شعبها، إلا بالتعافي العربي، وإصلاح كل قطر لأوضاعه الداخلية، وتصالح أبنائه، والقبول ببعضهم، والتشارك في بناء كيانهم الوطني.

إغواءات وإغراءات حرب الإبادة، وتملك العقار، وإعادة الحرب كما بدأت وربما أقوى، قد عجزت عنها العصابات الصهيونية: الهاجاناه، وأرغون، وشتيرن في النصف الأول من القرن الماضي؛ فلم تتمكن من التهجير الكلي، وتحقيق النصر المطلق، كما عجز اليسار الصهيوني عبر ثلاث حروب كبرى عن تحقيق هذا الانتصار.

ويخوض اليمين الصهيوني منذ الانتفاضة الأولى في 1987، والثانية في 2000، وفي مواجهات متكررة في الضفة وغزة، وآخرها حرب الإبادة بعد السابع من أكتوبر 2023. كل هذا أثبت فشل إسرائيل في اقتلاع شعب فلسطين من الضفة والقطاع، رغم القصف والتدمير الذي بلغ حدًا يفوق التصور والوصف.

يعود الجيش الإسرائيلي مجددًا للإبادة، وربما بشكل أقوى مما سبق؛ فهل تنجح مراميها في عمليات الإبادة المستمرة؟

إنَّ فشل الإبادة الجديدة في فرض الاستسلام يعني نهاية اليمين الصهيوني بجناحيه، وقد ينتهي نتنياهو إلى السجن.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

خبر مرعب للحوثيين: العقيلي يكشف عن تحركات عسكرية أمريكية

المرصد برس | 682 قراءة 

علي البخيتي: يبدو أن الذي يعكس الاحداثيات للقوات الأمريكية نفس الذي كان يعطيها لهؤلاء

كريتر سكاي | 629 قراءة 

غارات جديدة على صنعاء وتسريب أسماء 8 قيادات حوثية لقوا مصرعهم خلال الساعات الماضية

الميناء نيوز | 542 قراءة 

نزوح هؤلاء من صنعاء الى عدن

كريتر سكاي | 482 قراءة 

أيام سوداء تنتظر مليشيا الحوثي في صنعاء والكميم يكشف تفاصيل الانهيار القادم

الميناء نيوز | 415 قراءة 

من الجو إلى الأرض: أمريكا تنفذ خطة عسكرية شاملة في اليمن

المرصد برس | 346 قراءة 

الطيران الأمريكي يستهدف محافظة مأرب في اليمن

المشهد الدولي | 333 قراءة 

ورد الان ...تحذير هام وعاجل للمغتربين اليمنيين بالسعودية وأمريكا ودول الخليج "شاهد"

جهينة يمن | 322 قراءة 

الشرعية تستأنف الحرب بإسناد امريكي 

العربي نيوز | 320 قراءة 

مصرع 22 قياديا حوثيا بغارات أمريكية استهدفت إحدى مناطق البيضاء - [أسماء]

بوابتي | 299 قراءة