العسا الوين المحشاش
قرية العسا
العسا(بضم العين)، حالة مرضية طارئة استدعت حضور الدكتور صلاح سالم، غيرت مسار برنامجنا اليومي، تم الذهاب اليها كحالة اسعافية.
العسا الذاكرة والذكرى
لهذا المكان أوقاته التي قضاها في ملاعب الشباب، ومرايا الجدات، وله في أحداق الأبناء والأحفاد نكهة من الحكايا والأساطير الشعبية، التي كانت ترويها على مسامعه جدتي زينب رحمها الله، وله في الأعراس رائحة الحناء، والبرعم، كما أن له في أيام الذري والكحيف والجلب، والحشيش والأحتطاب والرعي رائحة الأصفر الذهبي (الهرد)، وله ذكريات الجهيش والخميدة (الدجر الأخضر المسلوق).
تجدك هنا شيئًا آخرًا ممزوجًا بتلك الروائح الطبيعية، كما تجد في أعلى سطحه (تبته)، ذاكرة مزار لولي كان، ولدار صار اطلالاً.
ستجدك هنا شاهد حال، في وثيقة صلح كتبتها بين طرفين متنازعين، بعد تسوية الخلاف بينهما.
الوين أصابح
اتجهنا عبر الاحوال صعودًا إلى الأعلى صوب منطقة الوين (أصابح)، يخيل إليك أن هذه الطريق هي الأخرى تتأمل طفولتها فيك، حيث كانت تخالط أنفاسك نفائس اوقاتها، وتنعش في خلاياك الشميه روائح نباتات الياسمين، أجل، ستقول لك هذه الطريق:
كنت ممتدة بمحاذاة إخضرار وخصوبة هذا الوادي. الذي يمتد إنحداره على يمينك وانت متجهًا إلى أعلى بإتجاه الغبيب (اصابح).
كانت خضروات وفواكه ومحاصيل هذا الوادي دائمة الحضور، صيفا وشتاء.
وكشاهد حال تسترسل الطريق في حديثها، انظر لقد أخذ الدهر من هذا الوادي أطيب ما فيه، من تلك الروائح المحببة للنفس التي كان الذاهب إلى (التربة) والراجع منها يستمتع بآيات خصوبتها العذبه ولم تبق تلك السنين من اخضرارها إلا القليل، فلقد قل فيها الماء تدريجيًا حتى جفت عيونها سوى ما تراه اليوم من بقايا إخضرار.
انظر هذا البئر الارتوازي جاء ليعيد شيئًا من ذاك الأخضرار. غير أن محاصيل هذا الأخضرار لم تعد محاصيل الشعير والبر، والجزر بأنواعه، التي تآلفت معها. نعم لقد أعادت هذي البئر شيئًا من الأخضرار إلى جفاف يبخوخة هذا الوادي، ببعض البقوليات التي كانت اضافة لهذا الاخضرار الاصطناعي القاتي، (حسب قول أحد مزارعي القات في ماوية). إنه ناتج عن الاستخدام المفرط للسموم القاتية حيث يمكن التحكم في لون ورقته، بخلط سموم من عدة أنواع.
صفوة القول تقول الطريق “تذكر جيدًا كيف كان الشعير ونباتات الياسمين والجزر بانواعه يأخذ من زينة العين والروح والأغنيات ما أخذها منه، هذا الذي تعيد حيوية حياته الكانت سطورًا في كتاب الذاكرة والذكرى”.
الهليح غيل الزريقة
عرجنا يمينًا، في اتجاه يوازي مسار تدفق الماء الذي كان يصل إلى غيل الزريقة ويلتقى مع عين ماء (المددة حباجر)، ثمة حدس يراودني يقول (الهليح) بأنك ستاتي إلى ذكرياتي في صباحية سياحية قادمة.
عين المُدَّدة حباجر
هذه العين التي شربت من عينيك أضواء سنوات، وشارك اخصرارها وتفتح براعمها زهو تلك الأعوام، في دفء الصداقة، ورونق الأحلام.
شعب العسا
انعرجنا يمينا باتجاه شعب العسا، وقف هذا الشعب محدقًا ومتأملًا في عيني لحظات، ثم متسائلاً؛ أأنت الذي كنت تأتي إلى هنا قبل أكثر من خمسة عقود لشراء القات، أشارت إليه عين المددة أجل هو ذاك الذي كان ينزل مع أترابه يتذوق طعم عذوبتي.
جعمر المهاجر احتجاجًا
هنا تقفز إلى ذاكرتك ذكرى جدتك شيخة بنت علي، وزوجها الذي فارقها صوب الحبشة، بعد أن طلب منه القدوم إلى هذا المكان للحراسة حسب دوره في الميالية (تناوب الحراسة الليلية)، لمحصول الجزر، وذلك في اليوم الثالث لزاوجه، وكان الاحتجاج هو مغادرة هذا الوادي، والقرية والبلاد بأجمعها.
ذهب جعمر بدون وداع جدتك التي ظلت مستمسكة بحبل الانتظار حتى قطعه الأجل، بعد أكثر من أربعة عقود.
المحشاش
صعدنا إلى أعلى المحشاش باتجاه اليمين توقفنا أمام بيت (غانم السيد)، بعد أن جذبتنا الحوية التي أمام البيت، وصعدت بنا إلى ذرى النشوة التي خففت عنا متاعب رحلتنا، بما تفوح منها من روائح المشاقر المتنوعة، اقتطفنا ماتيسر من زهور هذه المشاقر التي كانت آيلة للسقوط كبذور قابلة للزراعة سأنقلها إلى بلكونة سكني في تعز.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news