الشاعر الذي ما مات محمد يحيى الزبيري

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 88 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الشاعر الذي ما مات محمد يحيى الزبيري

“ابن الزبير” الاسم المفضل لديه، والذي يحب أن يدعى به محمد يحيى الزبيري  الشاعر المفلق، والمبدع المجدد والمتمرد. الفقيه واللغوي، والأديب الكبير من أسرة قضاة ومشايخ من “زبيرة الشعوبة” من الحجرية.

أرسله أبوه يافعاً إلى زبيد في أربعينيات القرن الماضي، فدرس على يد علماء زبيد حينها، ولازم دروس السيد محمد سليمان الأهدل، والعلامة أسد حمزة، وأحمد داود البطاح، والشيخ سعيد الأنصاري، وكان الأهدل مفتي زبيد من أكثر الناس علماً وبساطة وتواضعاً وكان يتعامل مع الزبيري كأحد أبنائه، ولما مات بكاه، ورثى زبيد بقصيدة رائعة نشرت في صحيفة الثورة، وفيها يقول :

ليت الذي يوماً أعاد لأمه

موسى يعدني يا زبيد فأنظرا

بلداً به يوماً تفتق منطقي

نعم الديار لغيرها لن أشكرا

الطالب الزبيري غاية في الذكاء والفهم والحفظ. درس الفقه، والنحو، والبلاغة، وعلم الكلام، ونبغ أيَّما نبوغ في النحو وعلوم اللغة.

في مطلع الخمسينات ذهب إلى مكة لمواصلة التعليم؛ فدرس على السيد علوي المالكي، وأبرز التفوق والنبوغ، ومال أكثر فأكثر نحو الأدب وعلوم العربية، وكان في منطقته مهيئاً للقضاء شأن أسرته المنتمية للقضاء، وهو مجاز من علماء زبيد، ولما التحق بدرس العلوي في أواخر الخمسينات من القرن الماضي لم يكن لطلاب السيد علوي من حديث سوى الإشادة بالزبيري ونبوغه وذكائه وتفوقه.

سافر ابن الزبير إلى الكويت والرياض ودبي، وعمل إمام مسجد في الكويت لبضعة أشهر، ولم يلبث أن هرب منها بعد ملاحقة “المطوعين” له بسبب آراءه المتحررة، فوصل إلى مصر، وفيها التحق بالجامعة بعد أن كان حصل على الثانوية الأزهرية من الكويت.

كان رفيقه الشاعر إبراهيم صادق يردد على سبيل الدعابة والإلغاز: شاعران كبيران جاءا إلى مصر هاربين، وخرجا هاربين، فمن هما؟ يقصد: المتنبي، ومحمد يحيى الزبيري.

عمل بعد قيام الثورة، وتحديداً في العام  1966مديراً لمكتب القائد العام عبد الله جزيلان الرجل الأول الذي أصدر أمر التحرك للثورة ليلة الـ26 من سبتمبر 62.

تلاقينا وتعارفنا في منزل صديقه الحميم مساوى الحكمي نائب وزير المالية بداية الثورة، ثم رئيس الشركة اليمنية للتجارة الخارجية، ومن أصدقائه الحميمين حينها الدكتور عبد الغني علي، وعبد الله صالح عبده، وكان الزبيري النابه المتوقد ملح المقيل؛ فهو حفاظة، وواسع المعرفة والاطلاع وحاد المزاج، وله مع مساوى مطارحات ومساجلات تنم عن ذكاء ومقدرة الفقيدين.

عاد الزبيري إلى القاهرة كملحق ثقافي، فواصل الدراسة والاطلاع حتى العام 68 عاد إلى صنعاء. بعد أحداث أغسطس فر إلى عدن مع زميله مساوى الحكمي، وعمل في حقل التدريس في الثانوية العامة حتى العام 1970 عاد إلى صنعاء، والتحق بصحيفة الثورة محررا،ً ومصححاً لغوياً، ثم جامعة صنعاء كمدرس لمادة اللغة العربية.

التحق لفترة قصيرة بالحزب الديمقراطي الثوري، ولكنه بطبيعته الجامحة للاستقلالية، واعتداده بها ابتعد عن الحزب، ولكن ظل على التزام بمواقفه ونهجه التقدمي اليساري والديمقراطي.

في ثمانينيات القرن الماضي عين موجهاً أكاديمياً للغة والآداب العربية في جامعة صنعاء، وقد تعرض  الشاعر الكبير لمتاعب كثيرة بسبب مواقفه السياسية،وعانى من متاعب صحية، وضيق الحال.

كان الدكتور أبو بكر السقاف من أشد المعجبين بتجربة الزبيري ولغته الجميلة، ومقدرته الفائقة على رسم الصورة الشعرية، وكذلك كان أستاذنا الدكتور الشاعر الكبير عبد العزيز المقالح، وللأسف الشديد، فإن الاحتفاء بتجربة الزبيري أقل بكثير مما يستحق؛ فهي تجربة ناضجة، وتجمع بين استيعاب القديم حد الإجادة والإتقان، واستلهام الحداثة بحذق شديد  ومهارة.

أصدر ابن الزبير ديوانين: الأول بعنوان «الليل وبيض الديناصور»، وقد صدر عن دائرة التأليف والنشر بوزارة الثقافة والسياحة بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بدار الفارابي- بيروت، باسم أبو مصعب- نجل الشاعر- محمد يحيى الزبيري .

أما الديوان الثاني فبعنوان «استغاثة التراب»، وقد صدر عن اتحاد  الأدباء والكتاب اليمنيين عام 2002. ويقيناً، فإن الديوانين لايمثلان أو يضمان كل قصائد هذا الشاعر الفذ الذي بدأ إبداع القصيدة مبكراً منذ الخمسينات، ويعد من أهم مؤصلي قصيدة النثر في اليمن، وله قصائد عمودية كثيرة، وهو -يرحمه الله-  شديد التعب والمعانة في حياته كلها، ولم يجد  أيضاً من يهتم بتدوين وحفظ قصائده الكاثرة.

محمد يحيى الزبيري واحد من الرموز الأدبية الشعرية والثقافية، وكان نجم المحافل على مدى النصف الثاني من القرن العشرين، وتربطه علائق وثيقة برموز الثقافة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

حشود قبلية من أبناء حضرموت تنضم إلى قوات درع الوطن وسط تصعيد عسكري

المجهر | 870 قراءة 

خبراء القانون الدولي.. لا يستطيع المجلس الانتقالي الجنوبي إعلان الانفصال إلا عبر ثلاث خيارات كلها ضده

مأرب برس | 866 قراءة 

استنفار حوثي نحو الجنوب.. أنفاق وصواريخ ومعسكرات جديدة عقب قطع خطوط الإمداد

الأمناء نت | 796 قراءة 

ترقبوا أخباراً سارة.. مسقط تضع اللمسات الأخير لحل دبلوماسي لإنهاء الأزمة اليمنية

موقع الأول | 727 قراءة 

ترتيبات متسارعة في السعودية لجمع الانتقالي والحوثيين والقوى اليمنية لإعلان تسوية جديدة تنهي الحرب

بوابتي | 661 قراءة 

الشيخ عمرو بن حبريش يفضح مزاعم مليشيا الانتقالي ويكشف مكان تواجده ومصير قوات حماية حضرموت

المشهد اليمني | 522 قراءة 

تحركات مسلحة "إخوانية" مريبة قرب الحدود الجنوبية- السعودية

عدن حرة | 473 قراءة 

مستشار علي محسن الأحمر : ما حدث في حضرموت كان بضوء أخضر سعودي

الأمناء نت | 472 قراءة 

المهرة.. تسلّم قاعدة حات العسكرية ودعوة منتسبيها للعودة فورا

بوابتي | 420 قراءة 

مصادر تكشف هوية مرتكب مجزرة شارع خولان في صنعاء

تهامة 24 | 387 قراءة