عدن توداي
كتب/ محمد المسيحي
مقالات ذات صلة
سفير الكلمات والحقائق في بلاد الصبيحة
العميد/صالح الكور قائد امني ورجل قانون من الدرجه الاولى.. كتب /منصور سيف سعيد
في بلدٍ تتكالب عليه الأزمات، ويخنقه الغلاء، لم يعد الجوع مجرد إحساس مؤقت، بل بات أسلوب حياة مفروضًا على الملايين ممن أرهقتهم الظروف الاقتصادية القاسية؛ لم تعد موائد الفقراء تضم ما يسدّ الرمق، فحتى أبسط الوجبات، التي لطالما كانت ملاذًا لمن لا يجدون قوت يومهم، أصبحت اليوم ترفًا بعيد المنال.
“الزبادي والسحاوق”، تلك الوجبة التقليدية التي كانت تُعتبر الخيار الأقل تكلفة لعامة الناس، تحوّلت اليوم إلى عبء اقتصادي يثقل كاهل الأسر اليمنية، وبات الحصول عليها يتطلب حسابات دقيقة، وكأنها وجبة فاخرة تستوجب إعادة النظر في الميزانية العائلية قبل اتخاذ قرار شرائها.
لطالما ارتبطت هذه الوجبة في المخيلة الشعبية اليمنية بالبساطة والتقشف، حيث كان الفقراء يجدون فيها بديلاً اقتصاديًا عن اللحوم والدجاج والمأكولات المكلفة ، لكنّ الأسعار المتصاعدة جعلت حتى هذا الخيار مستحيلًا لكثيرين.
إذا أجرينا حسابًا بسيطًا، سنجد أن تكلفة شراء علبة زبادي، وقليل من الطماطم والفلفل لإعداد السحاوق، باتت تتجاوز قدرة الكثير من العائلات التي بالكاد تستطيع توفير ثمن الخبز .
ففي ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، لم يعد هناك ما يمكن اعتباره “وجبة رخيصة”، بل كل شيء بات مكلفًا، حتى ما كان يُصنف ضمن “طعام الفقراء”.
في الأسواق، ترتفع أسعار السلع دون رقيب، وتزداد معاناة المواطنين دون أن يجدوا أي تدخل حكومي يخفف من أعبائهم. ومع كل يوم يمر، تتآكل القدرة الشرائية لليمنيين، ويصبح الحصول على وجبة مشبعة تحديًا يوميًا يواجهه ملايين الفقراء.
الأوضاع الاقتصادية تتهاوى بوتيرة متسارعة، فيما تواصل الأسعار ارتفاعها دون أي بوادر لانفراج قريب، المواطن اليمني البسيط، الذي كان يطمح في حياة كريمة، بات اليوم يحلم فقط بلقمة تسد جوعه، فيما يبقى المسؤولون والتجار في غيبوبة عما يجري، غير آبهين بمعاناة الناس.
لم يعد السؤال الآن: “ماذا سنأكل اليوم؟”، بل أصبح: “كيف سنعيش؟”. كيف يمكن لأسرة يمنية أن تصمد في وجه هذا الطوفان الاقتصادي المدمر؟ وكيف يمكن لمجتمع بأكمله أن يستمر في ظل هذه الأزمة التي تبدو بلا نهاية؟
يبقى الأمل معلقًا في رقاب من يملكون القرار، علّهم يدركون أن الجوع لا يعرف الصبر، وأن الغلاء لا يرحم، وأن الظلم لا يدوم. ستظل صرخة الجوعى تتردد في الأفق، حتى تجد صدى في آذانٍ لا تزال تسمع، وضمائر لا تزال حية، قبل أن يتحول الجوع إلى كارثة لا يمكن احتواؤها ؛ فهل من مجيب؟
تحرير المقال
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news