عدن توداي
بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
هيأت له متكأ ، وأدنيته مني ، أكرمت نزله ، وعجلت بقراه ، بقيت أبادله الحديث ، وأسرد له بعض الحكايات التي كان يحكيها والدي عن رجولته وشجاعته ومواقفه النبيلة حتى استأنس وشعر بالألفة ، لكنني لم أسأله عن سبب مجيئه في ذلك الوقت المتأخر من الليل ؛ لأن العرب تنكر على المضيف أن يسأل ضيفه عن سبب المجيء .
بعد مرور شيء من الوقت ، ابتسم الضيف ، ثم قال : من حبك أبوه لاتكره ولده ، عند ذلك قلت : أجل ضيفنا العزيز ، هذا قد علمناه من خلال زيارتك لنا في هذا الليل البهيم ، وهنا أشار إلي بأن أدنو منه فدنوت ، فهمس في أذني قائلا : أي بني لقد قضيت مع أهلك زمنا ليس بالقليل ، تحملنا هجير الأيام المشمسة ، وسرينا على الأقدام الليالي المظلمة ، عشنا الأمن والخوف ، والشبع والجوع ، وقد علمت قبل يومين أنه حصل بينكم وبين قبيلة فلان شيء من سوء التفاهم ، فتذكرت العشرة الطيبة مع أهلك ، ورأيت أنه قد وجب علي رد الجميل ، وذلك بأن أقف معك وإلى جانبك بخبرتي القبلية ، وبمكانتي الاجتماعية ، وببندقيتي إن استعصت المشكلة .
قلت : لقد وفيت وكفيت أيها الشيخ الأصيل ، ولكن نحن سنتريث قليلا ، فإن جنح الخصوم للسلم جنحنا لها ، وإن ركبوا رؤوسهم فسوف نقوم بعملية نستعرض فيها القوة ؛ ليعلم الخصوم أننا نستطيع فعل مانريد ، لكننا لانريد إزهاق أرواح الأبرياء ، أو إراقة دماء من ليس لهم ذنب ، قال : نعم العقل عقلك أيها الفتى اللبيب ، قلت : بارك الله فيك أيها الشيخ الأصيل ، قال : أود أن أوصيكم وصية قبل أن أنصرف إن كنتم ستستمعون ، قلت : بلى سوف نستمع لعلنا نفيد شيئا من حكمتك ، قال : هناك حكمة تقول إذا أردت أن تغزو قوما فارسل عيونك إلى ديارهم ، فإن وجدوا صغارهم يحترمون كبارهم ، وأصواتهم لاترتفع على أصواتهم فحذار أن تغزوهم أو تفكر في مواجهتهم ، وإذا وجدوا أصوات صغارهم ترتفع على أصوات كبارهم ، ولا احترام أو تقدير من عامتهم لخاصتهم فلا تتأخر عن غزوهم ولاتتريث في مباغتتهم …
مقالات ذات صلة
صالح الحنشي.. مابالك حين تكون أمراة
من أرشيف الذاكرة
شارك هذا الموضوع:
Tweet
المزيد
Telegram
معجب بهذه:
إعجاب
تحميل...
مرتبط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news