في ظل الأوضاع المعيشية والإنسانية المتردية التي يعاني منها ملايين اليمنيين، اضطر عصام، وهو أحد سكان العاصمة المختطفة صنعاء، إلى اتخاذ قرار مؤلم يتمثل في بيع قبر والده الذي كان محجوزاً منذ سنوات في إحدى المقابر العامة.
جاء هذا القرار كحل أخير لتأمين مصدر رزق له ولعائلته المكونة من ثلاثة أطفال وزوجة ووالدين، في وقت تكافح فيه البلاد أزمة اقتصادية طاحنة تدفع بالكثيرين إلى اتخاذ إجراءات غير مسبوقة.
ويوضح عصام لـ”الشرق الأوسط”، أن وضعه المادي في تدهور مستمر، حيث لم يتمكن منذ أشهر من العثور على أي فرصة عمل، حتى تلك التي توفر أجراً يومياً بسيطاً.
وقد دفعه هذا الوضع إلى الحصول على موافقة والده لبيع القبر في مقبرة السنينة بمديرية معين، حيث اتفق مع الحارس على بيعه بمبلغ يقارب 300 دولار، وفقاً لسعر الصرف الثابت الذي تفرضه المليشيات الحوثية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وتشهد صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية أزمة قبور متفاقمة، حيث يضطر العديد من السكان إلى بيع قبورهم أو قبور ذويهم التي تم شراؤها مسبقاً، وذلك لتأمين احتياجاتهم المعيشية بعد استنفاد مدخراتهم خلال السنوات الماضية.
وتتفاقم هذه الأزمة بسبب تخصيص المليشيات الحوثية المقابر الجديدة لدفن قتلاها في الجبهات، مما يقلص المساحات المتاحة لدفن المدنيين.
ويشير عصام إلى أن قرار بيع القبر لم يكن سهلاً، لكن الضغوط الاقتصادية وندرة فرص العمل أجبرته على ذلك.
ويعبر عن قلقه من احتمال مواجهة صعوبات في العثور على قبر مناسب في حال وفاة والده أو أي فرد آخر من عائلته في المستقبل.
من جهة أخرى، يتهم سكان صنعاء مليشيا الحوثي الإرهابية بالاستيلاء على المقابر العامة وتحويلها إلى مصدر للربح غير المشروع.
ووفقا للسكان، فإن مشرفين تابعين للمليشيات يقومون باحتكار المقابر وبيع القبور بأسعار مرتفعة، بالإضافة إلى تحويل أجزاء من أراضي المقابر إلى مشاريع استثمارية وسكنية.
وتشمل أبرز المقابر المتضررة في صنعاء مقابر الشهداء وخزيمة وماجل الدمة والصياح وسواد حنش والسنينة والرحمة.
ويؤكد سكان المدينة أن الحرس المعينين من قبل الحوثيين يرفضون استقبال جثامين الموتى بحجة امتلاء المقابر، بينما يبيعون في الوقت نفسه قبوراً فارغة بأسعار باهظة.
هذه الممارسات تزيد من معاناة السكان الذين يواجهون صعوبات جمة في دفن موتاهم، مما يضيف عبئاً جديداً إلى الأزمات الإنسانية والاقتصادية التي يعيشونها.
وفي خضم هذه الظروف، يبقى عصام وغيره من اليمنيين عالقين في دوامة من المعاناة، حيث تدفعهم الحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة لم يكن ليتخيلوا يوماً أنهم سيضطرون إليها، في ظل غياب أي حلول حقيقية لأزماتهم المتشابكة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news