يمن إيكو|تقرير:
طلبت الحكومة اليمنية من صندوق النقد الدولي قرضاً بقيمة مليار دولار، مؤكدة التزامها بزيادة الضرائب ورفع الدعم الحكومي عن الوقود وخدمتي الكهرباء والمياه، وخصخصة المؤسسات العامة، وسط تحذيرات من خطورة الديون الخارجية- المشروطة بإجراءات تمس حياة المواطنين- على الاقتصاد الوطني.
ووفقاً لما نقلته صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر في مكتب مجلس وزراء الحكومة اليمنية، فإن الحكومة قدمت رؤية خمسية تتضمن إصلاحات مالية وإدارية، وزيادة في الضرائب، ورفع الدعم الحكومي عن الوقود وخدمتي الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى خصخصة عدد من المؤسسات العامة، في إطار وعودها للحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي.
وكشفت المصادر عن طلب حكومي يمني للحصول على قرض من الصندوق بقيمة مليار دولار لدعم جهود الحكومة في تنفيذ سياسات الإصلاح، ورفع كفاءة تحصيل الإيرادات العامة، ودعم جهود مكافحة الفساد في اليمن، ومساعدة الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وأبرزها التراجع المتواصل في قيمة العملة.
وكان رئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك، التقى الخميس الفائت في واشنطن، نائب مدير عام الصندوق نيجيل كلارك، حيث استعرض في للقاء رؤية الحكومة بناءً على خطة قصيرة المدى، في خمسة مسارات عامة، سياسية واقتصادية وإنسانية، تتضمن تنمية الموارد المالية للدولة، والإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد، إضافة إلى الاستخدام الأمثل للدعم الخارجي، والمرأة والسلام والأمن، وفقاً لما أكدت وكالة “سبأ” في عدن.
وحسب الوكالة، فإن نائب مدير عام صندوق النقد الدولي أبدى تفهمه للتحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، منوهاً بالجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية وما قدمته من رؤى لتحقيق التعافي الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات، مؤكداً أن الصندوق يأخذ بجدية رسالة وطلب رئيس الوزراء فيما يخص صياغة برنامج خاص لليمن ووضع ملفه كأولوية، وسيعمل عليه خلال الفترة المقبلة. حسب وصفه.
والخميس الفائت أيضاً، اختتمت في العاصمة الأردنية عمّان اجتماعات المشاورات الثنائية (عقدت في الفترة من 19 إلى 23 يناير الجاري) بين الحكومة اليمنية ممثلة بنائب وزارة المالية محافظ البنك المركزي بعدن، وبعثة صندوق النقد الدولي، برئاسة السيدة استر بيريز، بحضور ممثل الصندوق باليمن محمد جابر، وعدد من مسؤولي القطاعات في البنك المركزي بعدن.
وقالت السيدة إستر بيريز رويز، رئيسة بعثة الصندوق- في بيان صحافي رصده وترجمه موقع “يمن إيكو” -: “على مدار العام الماضي، أدى انخفاض المساعدات وتعطل العمليات الإنسانية إلى جعل أكثر من 17 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية على نطاق واسع وارتفاع الأمراض التي يمكن الوقاية منها. واستمرت الظروف الاقتصادية في التدهور، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي والدخل الحقيقي بشكل أكبر في عام 2024 بسبب الانخفاض الكبير في قيمة الريال اليمني”.
وشدد البيان على ضرورة اعتماد الحكومة اليمنية أولاً على الموارد الذاتية والمستدامة من خلال بذل مزيد من الجهود لتنمية الإيرادات وإدارتها وتحصيلها الكفؤ واحتواء الإنفاق وترشيده ومعالجة الاختلالات في القطاعات المختلفة للاقتصاد، خصوصاً القطاعات الخدمية وفي مقدمتها قطاع الكهرباء، في إشارة إلى ضرورة رفع الدعم الحكومي عن خدمتي الكهرباء والماء والوقود، شريطة حصول الحكومة على الدعم الخارجي، خاصة في هذه المرحلة التي تتطلب توفير الظروف الموائمة لإعادة تصدير النفط والغاز.
يأتي هذا الطلب للقرض وسط تحذيرات اقتصادية متكررة، من خطورة تراكم الدين الخارجي على اليمن، والمشروط بإجراءات كارثية تمس حياة الموطنين، وتلقي بتداعيات قاسية على الاقتصاد الوطني والعملة المحلية، وعلى ما تبقى من استقرار هش لمنظومة الأسعار، خصوصاً والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في حالة عجز مالي وإداري واضحين بسبب طبيعة عملها القائم على المحاصصة وضعف سيطرتها الأمنية والمالية والإيرادية في المحافظات الواقعة تحت سلطاتها.
ونقلت “العربي الجديد” عن المحلل الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، تأكيده أن الحكومة اليمنية في حالة ضعف شديد لا يمكنها من استعادة ثقة المانحين أو الحصول على تعهدات مالية لدعم الاقتصاد المتدهور أو تحقيق الاستقرار في سعر الصرف، فضلاً عن أن الحكومة تعمل بدون موازنة وبلا خطط يمكن من خلالها استيعاب التعهدات المالية من المانحين.
واحتلت اليمن المرتبة السادسة عربياً من حيث نسبة الديون المتوقعة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنحو 68.7%، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي الصادرة في 2023م، وسط توقعات اقتصادية بارتفاع الدين الخارج على اليمن، إلى قرابة 12 مليار دولار، قافزة من 7 مليارات دولار في نهاية 2016م، وكان الخبير والمحلل الاقتصادي أحمد سعيد شماخ حذر- حينها- في تصريحات لوسائل إعلام رصدها “يمن إيكو”، أن اليمن باتت مكبلة بالديون التي تجاوزت 24 مليار دولار، منها أكثر من سبعة مليارات ديون خارجية، مؤكداً أن كل مواطن وكل مولود يولد مدين للداخل والخارج بما لا يقل عن 1000 دولار.
وحسب خبراء الاقتصاد الدولي، فإن من أبرز المخاطر التي تواجهها الدول النامية جراء ارتفاع الديون الدولية تآكل الموارد المالية المتاحة لتمويل البرامج الاجتماعية، والضغط على أسعار صرف العملة المحلية، ما يُضعف قيمتها أمام العملات الدولية الأخرى وعلى رأسها الدولار الأمريكي، ما يعني أن قيمة الريال اليمني في نطاق سلطات الحكومة اليمنية سيشهد مزيداً من الانهيار إلى حدود قياسية تتجاوز الـ3000 ريال يمني للدولار في الفترة المقبلة التي تتزامن مع تنفيذ الحكومة اليمنية لاشتراطات صندوق النقد الدولي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news