فرحة تخنقها غصة - غزة
بران برس:
في الساعات الأولى لسريان الهدنة في قطاع غزة، فوجئ الفلسطينيون ممن عادوا إلى ما تبقى من منازلهم ومناطق سكنهم في محافظات شمال أو جنوب القطاع بحجم الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية.
ووفق مصادر وسكان بدت أحياء سكنية كاملة لم يبق منها الجيش الإسرائيلي أي معالم للحياة الإنسانية فتحولت إلى مناطق قاحلة تخلو من كل شيء إلا الركام.
وقالت وكالة الأناضول، إن فلسطينيين بدأوا بانتشال جثامين ذويهم من تحت أنقاض المنازل المدمرة ومن الشوارع والطرقات، فيما شرع آخرون بالبحث عن قبور أفراد من عائلاتهم كانوا قد دفنوا في مقابر عشوائية وبالشوارع خلال حرب الإبادة.
ونقلت عن أحد المواطنين الذين فُجعوا بمشاهد الجثث المتحللة والملقاة بالشوارع، حيث أمسك إحداها قوله بصوت غاضب: "اطّلعوا (انظروا) كيف الجثث بالشوارع".
الأناضول، ذكرت، أنه "بعد مرور أكثر من 3 ساعات على دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، التقط الفلسطينيون أخيراً أنفاسهم، في ظل فرحة مكتومة وترقب محفوف بالقلق، بدون الغبار الناجم عن انفجارات القصف الإسرائيلي الذي لازمهم طيلة 15 شهرا من حرب إبادة جماعية ارتكبتها تل أبيب".
وعلى غير العادة، اختفى ضجيج الطائرات الحربية الإسرائيلية التي لم تفارق سماء القطاع طيلة الأشهر الـ15 فيما تواصل طائرات الاستطلاع تحليقها فوق مناطق مختلفة.
حالة من السعادة باغتت قلوب الغزيين المكلومين بعد الإعلان عن سريان الاتفاق عقب تأخره لنحو 3 ساعات ما خلق مخاوف كبيرة لديهم من تعرضه للفشل.
وصباح الأحد، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة حيز التنفيذ بناء على الموعد الذي حدده الوسطاء عند الساعة 6:30 (ت.غ)، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد في بيان لمكتبه أن الاتفاق لن يبدأ إلا بعد استلام قائمة الأسيرات الثلاثة المفترض الإفراج عنهن اليوم، حيث قالت حماس آنذاك إن تأخرها بتسليم القائمة جاء لأسباب "فنية ميدانية".
ولاحقا، سلمت حماس قائمة الأسماء للوسطاء فيما نشرت كتائب القسام أسماء الأسيرات الثلاث، ليعلن مكتب نتنياهو عن دخول وقف إطلاق النار في المرحلة الأولى بقطاع غزة حيز التنفيذ الساعة 11:15 بتوقيت فلسطين (09:15 ت.غ).
الفلسطينية سها فايز قالت للأناضول، "إن المشاعر مختلطة بعد وقف إطلاق النار"، مضيفة، أن "الفرحة مكتومة، فالكثير من الحزن هنا خاصة لمن فقد أحد أفراد أسرته أو جميعها".
وأشارت إلى أن "حالة من الحزن تغزو وجوه وملامح الفلسطينيين وسط انتشالهم لجثامين قتلاهم من تحت الركام".
وعاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مناطق سكنهم ومنازلهم فيما يسمح الاتفاق بالانتقال من جنوب القطاع إلى شماله في اليوم السابع من تاريخ سريانه.
محاولة للحياة
وفي محاولة لاستعادة الحياة في غزة، بدأت طواقم البلديات بفتح الشوارع وإزالة الركام المتناثر في الطرقات، كما انتشرت عناصر الأمن التابعة لوزارة الداخلية في الشوارع لضمان وضبط الحالة الأمنية في القطاع.
إلى جانب ذلك، دخلت شاحنات مساعدات إلى جنوب القطاع من معبر كرم أبو سالم، وللشمال من معبري إيرز وزيكيم، وبدأ الفلسطينيون يبحثون بين ركام منازلهم عن أي مقتنيات يمكن استصلاحها وإعادة استخدامها في الأيام القادمة.
الفلسطيني محمد صبحي من سكان غرب مدينة رفح جنوب القطاع، قال للأناضول، إن وقف إطلاق النار بغزة "فرحة للجميع"، معبراً عن آماله في عودة جميع سكان رفح إلى ديارهم "سالمين غانمين" وخروج الأسرى من السجون الإسرائيلية.
وفي الوقت نفسه "أعرب عن أمنياته في الشفاء للجرحى وخروجهم القريب من القطاع للعلاج".
أهالي المعتقلين
في موضوع متصل، يمر الوقت ببطء على أهالي المعتقلين الفلسطينيين الذين ينتظرون لحظة وصول ذويهم إلى قطاع غزة بعد الإفراج عنهم.
وطبقاً لوكالة الأناضول، فإن انتظار الأهالي محفوف بحالة عدم يقين جراء غياب قوائم الأسماء من الجهات الفلسطينية الرسمية، حول المعتقلين المقرر الإفراج عنهم ضمن الصفقة.
لذا فإن أهالي المعتقلين يمرون بساعات ثقيلة وقاسية، خاصة العائلات التي لا تعرف إن كان أبناؤها معتقلين أم قتلى ومفقودة جثامينهم ويعيشون على أمل معرفة أي نبأ عنهم.
وفي وقت سابق الأحد، قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس: "من المنتظر أن يسلم الاحتلال بعد قليل قائمة تحتوي 90 اسما لأسرى من فئة النساء والأطفال المتوقع الإفراج عنهم في اليوم الأول لاتفاق وقف إطلاق النار".
وأوضحت في بيان أن الاتفاق ينص على الإفراج عن 30 أسيرا فلسطينا مقابل أسيرة مدنية من الاحتلال.
ومساء السبت، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تستعد لتنفيذ "عملية دقيقة" تشمل تسهيل تبادل الأسرى والمحتجزين بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، إضافة إلى تكثيف جهود الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة.
وفي بيان قالت اللجنة إنها "تُجري تحضيرات بناء على ما تم الاتفاق عليه من قبل الأطراف (حماس وإسرائيل) للبدء في تنفيذ عمليّة دقيقة تتضمن إطلاق سراح رهائن (الأسرى الإسرائيليين بغزة) ومعتقلين (فلسطينيين بإسرائيل) وتسهيل نقلهم، وتكثيف الاستجابة الإنسانية في القطاع".
ويوجد تضارب بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم، ويُعزى ذلك، على ما يبدو، إلى الغموض المحيط بوضع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين بغزة، من حيث عدد الأحياء والأموات بينهم، ما يؤثر مباشرة على تحديد أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم.
فبينما ذكرت الخارجية المصرية، أن أكثر من 1890 أسير فلسطيني سيفرج عنهم، تحدث رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، للأناضول، عن 1904 أسرى، ورئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين قدورة فارس، في تصريحات صحفية، عن 1737 أسيرا، وموقع "واي نت" الإخباري العبري الخاص عن 1977 أسيرا.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
المصدر: الأناضول
قطاع غزة
الدمار في غزة
سريان الهدنة
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news