مع التقدم المتسارع لفصائل المعارضة السورية المسلحة، وانسحاب الجيش السوري والميليشيات الإيرانية المساندة من مناطق انتشارها شمال سوريا، تراقب مليشيا الحوثي الإرهابية هذه التحولات الميدانية المفاجئة بقلق بالغ، وهي تتحسس مصيرها القادم، في ظل استمرار تهديداتها الإقليمية.
وعلى مدى أكثر من عام، شكّلت هجمات المليشيات الحوثية المتواصلة على السفن التجارية، عامل ضغط على المجتمع الدولي، دفعه إلى تبني مواقف أكثر صرامة تجاه الحوثيين، بعدِّهم خطرًا عالميًّا، يهدد أمن الممرات البحرية والمصالح الاقتصادية الدولية.
ويعدُّ الحوثيون الأحداث التي تشهدها مدينتي حلب وإدلب السوريتين، تطورًا يأتي في سياق التوجه الدولي لإضعاف دور وتأثير القوى الموالية لإيران في المنطقة العربية.
ووصفت وزارة الخارجية في حكومة صنعاء، غير المعترف بها دوليًّا، في بيان لها السبت، عمليات المعارضة المسلحة، بأنها "امتداد للمؤامرة الإسرائيلية" التي تستهدف أمن ووحدة واستقرار سوريا.
وفي إطار علاقة الحوثيين بالنظام السوري، وارتباطهما بالمحور الإيراني، حظي الحوثيون بتمثيل دبلوماسي في دمشق، منذ العام 2016 حتى أكتوبر من العام الماضي، وشارك عدد من عناصرهم في الحرب السورية وتلقوا تدريبات عسكرية، على أيدي ضباط الحرس الثوري وحزب الله اللبناني.
ووسط موجة الإضعاف التي تطال أذرع إيران في المنطقة، وامتداد أثرها إلى سوريا، تتعزز مخاوف الحوثيين من دعم دولي لقوات الحكومة الشرعية، لإطلاق عملية عسكرية تجتث وجودها في محافظتي الحديدة وحجة، المشرفتين على مياه البحر الأحمر، لهدف وضع حد لتهديداتهم تجاه ممرات الملاحة الدولية.
وحذّر رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين، مهدي المشاط، مما أسماه "تحريضًا" من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا، لإشعال الجبهة الداخلية، مشيرًا إلى أن أي عملية تصعيد ستكون لها تبعات، "وستواجه بتصعيد أكبر ورد أقوى"، حد زعمه.
فيما قال عضو "المجلس السياسي الأعلى" محمد علي الحوثي، إن البحر الأحمر والعربي "منطقة محظورة" على القوات الأمريكية، مهددًا باستهداف القوات الحوثية أي حاملة طائرات أمريكية تصل إليهما خلفًا للحاملة "لينكولن".
وذكر القيادي الحوثي، محمد البخيتي، في تدوينة على منصة "إكس"، أن "مشاهد الحرب الدموية التي أشعلتها جبهة النصرة في سوريا، والمأساة الإنسانية الناتجة عنها، ستطغى على مأساة غزة وقضيتها، وستشغل الرأي العام العالمي، وتشوّه صورة العرب"، حسب قوله.
وتعكس تحذيرات الحوثيين، حالة استنفار غير مسبوقة، على مستوى التحشيد والتحضير العسكري في الحديدة، والترتيبات الأمنية الأخيرة، التي أقالت بموجبها مديري الأمن في جميع مديريات المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، في محاولة لتحصينها من أي عملية اختراق.
وتشير الباحثة السياسية، ميساء شجاع الدين، في تدوينة على منصة "إكس"، إلى أن الحوثيين كانوا في حالة نشوة وحماسة شديدة مع اندلاع الحرب في غزة، لكن ذلك تحول لاحقًا إلى صدمة وذهول إزاء اتساع الحرب، لتشمل حزب الله، وحجم الضربات التي تعرض لها، قبل أن يصبحوا في حالة هلع وهم يشاهدون الأحداث في سوريا.
ومن جهته، يقول المحلل السياسي، جمال العواضي، إن الخطوة التالية للتصعيد المفاجئ في سوريا، ستكون في صنعاء ومن بوابة الحديدة.
وذكر أن قيادة الحوثيين تعلم ذلك جيدًا وتحاول إعداد نفسها لمواجهة القادم، من خلال تغيير جميع القيادات الأمنية، وتفكيكك ونقل الأسلحة والصواريخ في حاويات البضائع إلى محافظة عمران، ومنها إلى صعدة، وسط ارتباكهم وفقدان ثقتهم بالجميع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news