أبي فلاح وأمي لا تقرأ

     
عدن توداي             عدد المشاهدات : 80 مشاهده       تفاصيل الخبر
أبي فلاح وأمي لا تقرأ

عدن توداي

خاص مديرية جبل حبشي تعز

كنت في صغري وفي المراحل الأولى من الابتدائية أتمنى أن أصل سريعًا إلى المراحل المتقدمة لكي أمتلك قلم جاف لأنني لم أعد أطيق الكتابة بالقلم الرصاص. لكنني كنت حينها لا أعلم أن الخطأ كان بالإمكان أن يُمحى. لكنني كبرت وامتلكت أقلام الحبر الجاف، وتعلمت أن الحياة لا يمكن أن تغض الطرف عن أفعالنا التي اقترفناها، وأننا أصبحنا نحاسب على كل شيء قمنا به أو كتبناه.

كانت أمي آنذاك تقف بجواري وأنا أقرأ فتقول لي: “أي بني، لقد تعلمت من خالك أثناء ما كنا صغار مقولة ‘العلم يعلي بيوتًا لا أساس لها، والجهل يهدم بيوت العز والشرف’.” حينها كانت هذه الكلمات خالدة في ذهني الصافي من غواش الحياة، رغم عدم فهمي بها آنذاك. وكذلك أمي لم تكن تعلم ما تخفي هذه الكلمات من معاني عظيمة.

حقيقة، كبرت وأكملت المرحلة الدراسية، وانتقلت إلى المرحلة الجامعية في كلية الطب بالنظام الخاص. لأننا أبناء الفلاحين ليس لنا أي حقوق في النظام العام وفي الجامعات الحكومية لكي نلتحق بها، لأننا ليس لدينا أي واسطة تؤهلنا لذلك، وإنما نحن عبارة عن حطام حرب في وطن ممزق لا يريدون منا أن نرمم جروحه. لكني أصريت أن أكون غير ذلك. التحقت بالجامعة وعلى نفقتي الخاصة في كلية الطب والعلوم الصحية. عملت في الأعمال التجارية وكافحت وعانيت وواجهت كل أنواع الحرب النفسية والمشاكل الداخلية والإحباطات والتراكمات وكل شيء. حيث إني لم أستسلم، وإنما صنعت من هذا التراكم طريقًا حقيقيًا وجدارًا صلبًا لمقاومة الحياة رغم كل شيء حاصل.

وصلت إلى مرحلة كبيرة من القناعة، لم أعد أبه إلى أي شيء قد سبق فيه الفشل من قبلي أو أي شخص وجوده في حياتي يسبب مشاكل نفسية وعاطفية. حاولت أن أتجنب حتى نفسي أحيانًا وذلك بالخلود إلى النوم تارة أو القعود في زاوية ظلامية للنظر في مستقبل الغد الذي ينتظرني.

مقالات ذات صلة

صديقي المعذّب

قصيدة شعرية بعنوان (طل يا ليل)

حقيقة، لقد وصلت، لقد فعلتها! هاأنا ذا أقف بكل شموخ وعزيمة وطموح وإرادة. أقول وبكل عزة واقتدار: “لقد وصلت يا أمي.” ها هنا أصبحت أمي تتأمل في ملامحي بني، وبلهجتها القروية: “يا ابني، ألا تتذكر مقولتي لك في صغرك؟” وهي تداعب شعري بيديها الشائخة من ترهل الحياة. قلت لها: “نعم يا أمي.” قالت: “العلم يعلي بيوتًا لا أساس لها، والجهل يهدم بيوت العز والشرف.” وكذلك قالت: “العلم نور والجهل ظلام، وها أنت تشع نورًا في حياتي وفرحًا في قلبي بوصولك إلى مبتغاك.” قلت لها: “أمي، أعدك أن هذه لم تكن النهاية، وإنما البداية لخوض المزيد من الدرجات العلمية في الدراسات العليا.” قالت: “وفقك الله يا ولدي، وأنار طريقك في الحياة.”

هذه هي الأم، رغم أنها ليست متعلمة لكنها صنعت أجيالًا متسمة بالأخلاق والقيم والمعادن النبيلة والصفات المقدسة. صنعت جيلًا حافلًا بالنجاحات، محبًا للعلم، يسعى بكل جهوده لكي ينال من بريق الحياة رغم عنفوانيتها المفرطة ورغم كل شيء.

#صورة_وقصة

#كونوا_بالقرب

شارك هذا الموضوع:

Tweet

المزيد

Telegram

معجب بهذه:

إعجاب

تحميل...

مرتبط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : رئيس هيئة الأركان بالجيش اليمني يعلن رسميا الجاهزية القصوى المعركة التحرير ويصدر هذا البيان

اليمن السعيد | 2988 قراءة 

جريمة تهز اليمن.. انتحار امرأة بعد عودة زوجها من السعودية والسبب صادم

المشهد اليمني | 2926 قراءة 

تفاصيل صادمة وخطيرة... القبض على شبكة دعارة في صنعاء متخصصة بإرسال الفتيات الى هذه الدولة الخليجية "صور+وثائق"

اليمن السعيد | 2465 قراءة 

علي البخيتي يشن هجوماً على دولة خليجية كبرى ويؤكد: هي دولة وليس مسجد

كريتر سكاي | 1993 قراءة 

قصف جوي يستهدف معسكرًا في حضرموت!!

المشهد اليمني | 1916 قراءة 

السفير الأمريكي يزف بشرى سارة لليمنيين بعد خطوة سياسية يمنية فريدة من نوعها

المشهد اليمني | 1866 قراءة 

الحوثي يفجر الوضع العسكري ويهاجم المحافظة الغنية بالنفط بشكل مفاجئ

نيوز لاين | 1791 قراءة 

تعيين الحوثي سيئ السمعة ‘‘أبوهاشم’’ في منصب أمني رفيع .. وتغييرات أمنية واسعة في عدد من المحافظات (الأسماء والمناصب)

المشهد اليمني | 1419 قراءة 

سعودية ثرية تزوجت مرتين بتكاليف تتحاوز نصف مليون ريال وانفصلت لتتزوج العامل اليمني مجانًا .. ما قصتها؟

المشهد اليمني | 1266 قراءة 

اعلامي عسكري:واحدة من افراد عصابة الابتزاز في صنعاء تزوجت ٣٨٠ عريس خليجي ويمني

كريتر سكاي | 1002 قراءة