بناء مسجد في يافع السعدي يكشف مدى هشاشة الوعي العام نتيجة هواجس وشكوك

سمانيوز /منابعات

أثار موضوع بناء جامع للسلفيين في منطقة السعدي يافع جدلا واسعا رغم أن الهدف من بناء المسجد هو إقامة الصلاة وتعليم أصول الدين والفقه.

مفهوم السلفية..

ٱلسلفِية هي منهج يدعو إلى فهم القرآن الكريم والسنة النبوية وفق فهم سلف الأمة وهم الصحابة والتابعون وتابعو التابعين، والالتزام بنهج وعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم باعتباره يمثل نهج الإسلام والتمسك بالقرآن والسنة الصحيحة وتجنب الممارسات الغريبة عن الإسلام.

رصدت “سما نيوز” العديد من الآراء من بينها رسالة وجهها أحد مشايخ السلفية في الضالع إلى أبناء يافع السعدي ناصحا بعدم ارتكاب الخطأ بسبب “انعدام الثقة والجهل وداعيا للتمسك ببناء هذا الصرح الذي سيكون له شأن كبير وترك الناس وخياراتها كما فعلت الضالع وردفان.

تأتي هذه الرسالة بعد يوم من اجتماع بعض أبناء منطقة السعدي حول موقفهم من بناء المسجد. كما رصدت “سما نيوز” تعقيبات الكثير من النشطاء أغلبهم من الأسماء المعروفة لكن معظم الآراء كانت من أبناء مناطق أخرى من خارج منطقة السعدي.

سعت “سما نيوز” إلى التحقيق في دوافع بناء المسجد وحالة الرفض لبعض الفئات بحيادية وتم تلخيص الآراء في ثلاثة محاور:

1. من منظور سياسي ووطني.

2. من منظور سياسي حزبي.

3. من منظور اجتماعي.

من خلال رصد الآراء اتضح أن هناك العديد من الشخصيات الاجتماعية والسياسية التي تؤيد فكرة الانفتاح والقبول بالآخر فكريا وعقائديا وترى أهمية تنظيم الأنشطة الدينية تحت سقف الدولة.

كما يرى البعض أنه لا مانع من وجود مراكز أو معاهد لتعليم أصول الدين وفق منهج السلف الصالح معتبرين ذلك حاجزا أمام التمدد الشيعي المدعوم من إيران في الشمال والذي يتوسع يوما بعد يوم ليصل إلى قلب المحافظات الجنوبية.

الناشط السياسي الإعلامي محمد الحريبي: علينا القبول بالتنوع كأساس لبناء دولة تقف حيث يقف الآخرون

عبر الحريبي عن رأيه الشخصي من منظور سياسي مشيرا إلى أن السلفيين هم “الدرع الحقيقي” للجنوب مستندا إلى تضحياتهم في حماية الأرض والعرض.

وأكد أن السلفيين كان لهم الدور الأكبر في تحرير الجنوب وهم الضامن لتحقيق تطلعاته مشددا على أنهم لم يتحولوا إلى لصوص أو بلاطجة بل يعملون وفق قيم إسلامية.

وأكد الحريبي من منظور اجتماعي قائلاً: “لا خوف منهم الخوف ممن انحلت قيمهم الأخلاقية ويتلونون وفق الأهواء والغرائز الشخصية”.

وأشار إلى أن على أبناء يافع التحرر من وعي ظل مغتصبا للعقول عبر التنفير والشيطنة.

وأضاف الحريبي: “إذا كانوا يسعون إلى بناء مراكز لأبنائهم لتعليمهم أصول الدين والفقه والتلاوة فهذا أمر يخصهم ولا يحق لأحد أن يعارض أو يعترض على اختيارات فئات في المجتمع لمجرد أنها لا تعكس رغباته”.

وحذر من أسلوب الترهيب والتشويه مشيرا إلى أن الواقع يثبت أن السلفيين في الخطوط الأمامية في الجبهات وبعيدون عن فساد السلطة وإدارتها التي أرهقت البلاد والعباد.

وختم الحريبي تعقيبه مؤكدا على دور السلفيين في خدمة مجتمعاتهم بإخلاص مقارنة بغيرهم.

العميد عبدالحكيم السعدي حول اجتماع أعيان منطقة السعدي

أوضح العميد السعدي أن الأهم في الاجتماع هو التشاور حول القضايا التي تمس السعدي وأهله والحفاظ على العلاقة الجيدة مع أبناء يافع والسلطة المحلية وأخذ الرأي المشترك لمنع الانفراد بالرأي. كما أضاف أن الولاء يجب أن يكون لله ثم للوطن والجنوب قبل كل شيء.

وأشار السعدي إلى أن الحجوري وإن ادعى السلفية فهو من عمران ويتبع سيادة قبيلته وحاشد سياسيا ودينيا وليس لهم علاقة بالسلفية الحقيقية التي يعرفها أبناء الجنوب.

الناشط الإعلامي إبراهيم الصالح: السلفيون هم درع الجنوب الحصين

قال إبراهيم الصالح إن السلفيين كانوا ولا يزالون الدرع الحصين للجنوب وقد أثبتت ميادين القتال ذلك.

وأضاف أن من يحارب الدعوة السلفية بمناطق الجنوب يحاول تقزيم دورهم البطولي محذرا من مخططات خبيثة قد تهدف لجر الجنوب لصراعات داخلية.

أنيس التركي: لا داعي للتخوفات ما دام المجلس الانتقالي موجودا

في تعقيبه على أحد قادة الانتقالي أشار الناشط أنيس التركي إلى أن المجلس الانتقالي قادر على التصدي لأي تهديد.

كما ذكر أن أغلب القيادات العسكرية الجنوبية هم من السلفيين ومن نفس المنطقة التي يراد بناء المسجد فيها.

عقدة الماضي وتأثيراتها

يرى البعض أن التخوفات تأتي من تجارب الماضي وانعدام الثقة حيث مرت المنطقة بفترة من تعبئة سياسية وثقافية تسببت في الكثير من المآسي.

أعربت إحدى الشخصيات السلفية عن أسفها لتكرار أخطاء الماضي مذكرة بما حدث حين انحرف بعض أبناء يافع عن الدين فجاءت الاشتراكية وفرضت عليهم سيطرتها وذلتهم حتى أصبحوا تابعين بلا قادة.

أسباب رفض بناء الجامع من وجهة نظر الطرفين

يعتقد السلفيون أن سبب الرفض يعود إلى انعدام الثقة وعقدة الماضي ويؤكدون أن الخوف يمكن تجاوزه عبر القوانين التي تفرضها الدولة أو المجتمع.

بينما يرى الطرف الآخر أن الخوف يأتي من احتمال استجلاب دعوة الحجوري إلى الجنوب وانتشار ثقافة التكفير وتحول السلفية إلى سلطة دينية تقمع المجتمع.

هناك من يرى الأمور من زاوية التشدد الديني وتخوفات من تعليم الأبناء قيما متشددة.

وقد أشار الأستاذ عبدالناصر السنيدي في مقاله إلى أن هذا النوع من التعليم يجعل بعض الشباب يتجاوزون الحدود الأخلاقية تجاه ذويهم والمجتمع.

الصراعات العميقة وتأثيراتها

يشهد الجنوب صراعا بين جهات تستمر في خطاب الترهيب، وأخرى تدعو لتحرير الوعي واحترام التنوع الفكري.

اغتصاب الوعي العام

أشار الناشط مروان الجوبعي في منشور له إلى أن أخطر أنواع الاستغلال هو اغتصاب العقول في الصغر ما يجعل الأفراد يعيشون مغتَصَبين فكريا.

وأضاف د. الربيعي أن العقلية الاشتراكية تحاول العودة لاغتصاب الوعي الجنوبي رغم فشلها السابق.

ورغم تنوع الآراء فإن الآراء الرافضة لبناء المسجد لم تحمل حججا قوية ما جعل بعض المعارضين يعيد النظر في موقفهم، معتبرين أن الرفض يعتمد على شكوك وهواجس تنتشر عبر شبكات التواصل.

أخيرا تؤكد الآراء المؤيدة لبناء المسجد على أهمية مثل هذه المشاريع لتعزيز المجتمع الجنوبي وحمايته من التمدد الذي يشكل تهديدا جديدا.