يمن ديلي نيوز:
مؤخرا قال مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إنه أجرى خلال أكتوبر/تشرين الماضي نقاشات في صنعاء بشأن “العملة الموحدة، والقطاع المصرفي الموحد” باعتبار أنهما يجلبان قوة مالية، وتحفيزاً للاقتصاد.
ويشهد الاقتصاد اليمني تداعيات متلاحقة منذ سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 زادت حدتها بعد فرض الجماعة للانقسام المصرفي أواخر 2019.
ففي مناطق الحكومة المعترف بها دوليا تشهد أسعار صرف الريال مزيدا من التراجع أمام العملات الأجنبية، بينما يعيش المواطن في مناطق سيطرة الحوثيين أسوأ أزمة سيولة، متزامنة مع ارتفاع أسعار السلع رغم استقرار الصرف.
وفيما يجد المراقبون صعوبة في نجاح مباحثات توحيد القطاع المصرفي في اليمن، الذي يعول عليه الكثير في حل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، يسأل البعض هل إنهاء الانقسام المصرفي هو الحل الناجع للأزمة؟.
وللإجابة عن هذا التساؤل يرى اقتصاديون تحدثوا لـ”يمن ديلي نيوز” أن الخطوة إن تحققت بالإمكان أن تسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، لكنها ليست الخطوة الوحيدة للحل.
لاتوجد عملتين
يوضح المحلل والخبير الاقتصادي “فارس النجار” في البداية أنه لا توجد عملتين حتى يتم توحيد العملة، هناك إصدار قديم من العملة وهو معترف به في كافة مناطق اليمن بما فيها مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وإصدار نقدي جديد مقبول في مناطق سيطرة الشرعية ويرفض الحوثيون التعامل به، وهو ما تسبب بانقسام نقدي داخل البلد”.
وأضاف متحدثا لـ”يمن ديلي نيوز”: اليوم نقول بأن الحل ليس مسألة توحيد العملة فقط، ولكن الحل هو في توحيد السياسة النقدية أو تحييد القطاع المصرفي وإلغاء الانقسام النقدي.
وتابع: الانقسام النقدي لا يمكن إلغاؤه إلا بوجود بنك مركزي واحد يدير كافة السياسة النقدية في الجمهورية اليمنية، بحيث تتورد إليه إيرادات الدولة، ومن خلاله يتم إدارة السياسة النقدية، سواء كان إدارة الأعمال الحكومية أو النفقات الحكومية، أو الاعتمادات المستندية، أو التدخل في السوق، أو تغطية فاتورة الاستيراد وما إلى ذلك.
وواصل النجار حديثه قائلا: لا يمكن اليوم القول أيضًا بأن هذا هو الحل الوحيد لتحسين سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، ولكنه يعتبر أحد الأسباب الرئيسية التي إن وجدت فإنها ستساهم إلى حد كبير في تحسين قيمة العملة الوطنية.
وقال: وجود سياسات متضاربة اليوم، ما بين بنكين مركزيين أدى إلى مفاقمة حدة المضاربة وإلى تشوه القطاع المصرفي وإلى انخفاض ثقة مجتمع المودعين بالبنوك على المستوى المحلي وفقدان الثقة بالبنوك على المستوى الخارجي، الأمر الذي خلق حالة من التشوه في البنوك داخل اليمن وجعل هناك اقتصاد موازي، بحيث أصبحت شركات الصرافة والصرافين هم الكيان البديل الذي يتم التعامل معه، بل أنهم أصبحوا يمارسون أعمال البنوك بالرغم مخالفة ذلك للقانون.
وشدد على أن معالجة الانقسام النقي وتحييد القطاع المصرفي هو أحد الأسباب الرئيسية التي إن عولجت ستكون مسارًا قويًا لتحسين قيمة العملة الوطنية وإلغاء الانقسام النقدي الذي فرضته جماعة الحوثي.
وقال: نؤكد بأنه ليس الحل الوحيد لكن الحلول الأخرى ستكون مرتبطة بالسياسة المالية وليست بالسياسة النقدية، كون السياسة المالية والسياسة النقدية يجب أن تعملا بشكل متكامل.
وأضاف: معالجة المشكلة المالية المتمثلة بتحسين الإيرادات وضبطها وكفاءتها وأن تكون تذهب في أوعية إيرادية موحدة، وأن يتم عودة صادرات النفط والغاز، مهمة لأنه لا يمكن لأي بنك مركزي أن يعمل إلا في حال وجود سياسة مالية ناجحة، فالسياسة المالية والنقدية يعملان مع بعضهما جنبا إلى جنب.
توقف الانهيار
من جانبه قال المحلل الاقتصادي “نجيب العدوفي” إن توحيد السياسة النقدية وإنهاء الازدواجية في العملة سيحد من الانهيار إلى جانب استعادة موارد الدولة وتوجيهها إلى البنك المركزي بما في ذلك النفط والغاز.
لكن العدوفي في حديثه لـ”يمن ديلي نيوز” شدد على أن تكون الحكومة الشرعية هي المسؤولة عن إدارة الموارد وتعمل وفق خطط اقتصادية تنهي العشوائية في الاستيراد والعبث الحاصل والفساد المستشري واستغلال المليشيا لموارد الدولة.
وأضاف: تقع على المجتمع الدولي مسؤولية قانونية وأخلاقية لدعم الحكومة الشرعية لإنهاء الانقلاب واستعادة موارد الدولة، أما بقاء المؤسسات بيد المليشيات وخارج نفوذ الحكومة فهذا يعني مزيدا من الانهيار والتدهور.
وتابع: خلال عشر سنوات وموارد الدولة تذهب لجيوب قادة الحوثيين الذين أنشأوا امبراطورية اقتصادية من المال العام ورؤوس أموال خصومها السياسيين ومن الجبايات غير القانونية والمتاجرة بالخدمات الأساسية التي حرمت المواطنين منها وتبيعها لهم بأسعار مضاعفة.
وأضاف: انهيار العملة اليوم بسبب هذه الممارسات وضعف الحكومة وسيطرة الخارج على قرارها والضغط عليها لتقديم التنازلات لصالح الحوثيين الذين يمارسون حربا اقتصادية شرسة ضد الحكومة والشعب.
وقال: الحوثيون يعملون عبر خلاياهم في مناطق الشرعية للمضاربة بالعملات لتقديم الحكومة بأنها فاشلة في إدارة الملف الاقتصادي، كما أن الحكومة ساعدتهم في ذلك عن طريق التقاعس والتهاون وعدم الجدية في المعالجات الاقتصادية إضافة إلى أنها هي الأخرى متهمة بممارسة الفساد بصورة متعددة.
وتواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا تداعيات قاسية نتيجة توقف تصدير النفط منذ أواخر العام 2022 بعد قيام جماعة الحوثي المصنفة إرهابيا باستهداف موانئ تصدير النفط في جنوب اليمن.
وتعتمد موازنة الحكومة اليمنية بشكل رئيسي على صادرات النفط بما يزيد عن 60 في المائة، وهو الأمر الذي أثر على قدرة الحكومة في تقديم الخدمات، ومزيد من التراجع لأسعار العملة الوطنية الريال أمام العملات الأجنبية.
مرتبط
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news