الكاتب: ريان الاسودي
عرفته في أواخر تسعينات القرن الماضي، وكان شابا شبه مغمور في الوسط الرياضي وحتى التجاري، إلا أنه سرعان ما انطلق بسرعة الصاروخ رياضيا وتجاريا، ولعل أبرز ما ساهم في أن يذاع صيته هو شجاعته وكرمه وعناده وتصميمه وتحديه للصعاب، و إنسانيته، وقبل كل شيء أنه كان يحب الإنصات للجميع، والاستفادة من أي أفكار أو تجارب سابقة وناجحة، لن نخوض في أموره التجارية أو السياسية، فهذه ليست موضوعنا، وليست محور نقاشنا.
سنركز على الجانب الرياضي، كون ذلك يتزامن مع تحديد موعد لإجراء انتخابات قيادة جديدة للاتحاد اليمني لكرة القدم .
احمد صالح العيسي - رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم - لم يصل إلى أعلى هرم كرة القدم اليمنية إلا بعد مراحل طويلة وسط طريق وعرة وصعبة، ولم يأت إليه ذلك الموقع على طبق من ذهب، وسأحاول التعريج على بعض الدروب الصعبة التي خاضها بصورة سريعة، محاولا الاختصار بقدر المستطاع، رغم أنها مراحل نضال صعبة، فمثلما ناضل زعيم جنوب إفريقيا (نيلسون مانديلا) من أجل بلاده، وكما كافح الزعيم الهندي (غاندي) لتحرير الهند من استعمار المملكة التي كانت لا تغيب عنها الشمس، تسلم الشيخ أحمد العيسي راية نهضة وتطوير الكرة اليمنية، وسط مخاضات وصراعات ضد مراكز القوى، التي كانت تجثم على صدر الرياضة اليمنية ...
نعود إلى الوراء عدة عقود من الزمن، عندما قرر العيسي خوض غمار العمل الاداري الرياضي في تسعينات الألفية الماضية، كان نادي شباب الجيل هو وجهته الطبيعية بحكم عشقه للون الأزرق وتشجيعه للقلعة الجيلاوية، حيث تم الدفع بمجموعة من الجيلاوين المتعصبين وتحريضهم بتعبئة خاطئة، لا علاقة لها بالرياضة أو بشخص العيسي المحب للرياضة ولنادي الجيل، فتم رفض ترشحه، وعدم قبوله، ولو كان حصل ذلك لكان نادي الهلال يقبع حاليا في غياهيب جب الدرجة الثالثة، ولكن الأقدار جعلته يوجه دفة المركب صوب نادي الهلال، الذي لم يكن حينها هلالا، ولا حتى نجمة ساطعة في سماء الرياضة اليمنية، إلا بنشاط محدود في بعض الألعاب الفردية، وربما كرة السلة، إن لم تخني الذاكرة.
تولى العيسي منصب نائب رئيس نادي الهلال، فيما كان البرلماني عبدالله حسن خيرات رئيسا للنادي، وكان (الهلال) في حالة تعيسة جدا، فلا نشاط كروي متميز، ولا مقر يمكن أن تمارس فيه الالعاب. فكان الشيخ العيسي كمن يبحث عن الصفر، لكي يبدا منه باحثا عن إبرة في كومة قش!!
وبخطى متسارعة وبإرادة ودعم سخي من العيسي، وبمساندة بعض رجال الأعمال الذين كانوا يدعمون أنشطة النادي على استحياء بدأ نادي الهلال في الظهور والسطوع، وبدأت عجلة الأنشطة تدور، كالنشاط الثقافي، والألعاب القتالية، والفئات السنية لكرة القدم والىجانب بقية الالعاب الجماعية الأخرى.
بعدها بدأت جهود العيسي وأفكاره
وطموحاته ودعمه وكرمه تؤتي أكلها، من خلال إحضار مدرب مقتدر للفريق، وجلب لاعبين مميزين، والتكفل من ماله الشخصي برواتبهم، فقد كان الهلال النادي الأكثر فقرا بين أندية المدينة، والأقل جماهيريا في تلك الفترة، ونستطيع القول أن نادي الهلال مر بمرحلتين: مرحلة ما قبل العيسي، والتي نستطيع أن نسمي النادي فيها بنادي الأطلال أو الأشباح، ومرحلة ما بعد العيسي، وهي مرحلة النجاح والإنجازات والبطولات.
شكلت المباراة الفاصلة بين شعب إب والهلال والتي كانت ستحسم ورقة التأهل للدرجة الاولى أو الممتاز حينها نقطة تحول هامة في حياة العيسي الرياضية، وطبعا فاز شعب إب وتأهل لدوري الممتاز، وبغض النظر عما رافق تلك المباراة من ملابسات، لا أحبذ نبشها الآن، وسبق ذلك طبعا خوض (معركة) انتصر فيها واستطاع خلالها اعتماد تحويل الزي الأساسي لنادي الهلال من اللون الأصفر إلى اللون الأزرق!!
...ألم أقل لكم إنه عاشق للسماء والبحر وكل شيء أزرق!
إلا أن القهر والمرارة التي تكبدها جميع منتسبي الكيان الهلالي لاعبين وإدارة وجماهير، وفي مقدمتهم العيسي كانت نقطة فارقة في حياة (أبوصالح) الرياضية، اضافة إلى العداء الشديد والحرب الشرسة التي كان يشنها آنذاك الكثير من منتسبي الإعلام الرياضي في الصحافة الرياضية الرسمية ضد شخص العيسي، فكان العيسي هو الداعم الرئيسي لإنشاء أول صحيفة رياضية (أخبار الرياضة ) في مطلع الألفية الجديدة كداعم و تبنى تنفيذ فكرة الإعلامي وليد علي غالب بانشاء الصحيفة وكان هو المؤسس و اول رئيس تحرير لها....الخ
وهي خطوة تحسب له، لكسر احتكار مركزية الإعلام الرياضي، فكانت فكرة رائعة لإعلام موازي ساحلي محلي، بكوادر وأقلام موالية للعيسي، ومناصرة لأندية ورياضة المحافظة ومنتسبيها، بحيث تفرد مساحات واسعة لهم أكثر مما كانت تعطيهم الصحافة الرياضية المركزية.
وظل العيسي يشعر بمرارة الظلم الذي لحق بناديه (الهلال) بحرمانهم من الصعود للدرجة الممتازة ونسف مشروعه الرياضي الناجح بالتآمر، فحطمت كل جهودهم في النادي، حتى ذهبت أدراج الرياح، بسبب خلل في منظومة كرة القدم اليمنية، حينها قرر أن يكون في صف من أرداوا التغيير للأفضل، ولتصحيح مكامن الخطأ في اتحاد كرة القدم.
نعم اختار طريقه، وقال: لا لاستمرار قيادة اتحاد كرة القدم برئاسة المرحوم علي الاشول، بل وكان حجر الارتكاز في العملية ولاعبا مهما في الفريق الانتخابي الرياضي، الذي نجح وبقوة في الإطاحة بالأشول، وفوز قيادة جديدة برئاسة المرحوم محمد عبد الله القاضي، ولم يسع العيسي حينها لأن يكون ضمن الطاقم الجديد لاتحاد كرة القدم، بل كان صادقا في سعيه للتغيير وإنهاء مرحلة، شعر فيها أنه تعرض للظلم، وكان محقا في ذلك، ولم يكن المظلوم الوحيد حينها...
فيما قرر العيسي البقاء في منصبه المحلي كنائب لرئيس نادي الهلال، ولم يسع للإستحواذ على قطعة من تركة المرحوم الأشول، ..كان عهد طيب الذكر محمد القاضي - رحمه الله- من أزهى عصور كرة القدم اليمنية، فكان تأهل منتخبنا للناشئين في نهائيات كاس العالم في فنلندا عام 2003م كإنجاز فريد، وعاد للإعلام الرياضي دوره المهم، وانتهى تهميشه، وعاد للإتحاد الكروي هيبته واحترامه، وكانت أول مشاركة لنا في بطولات كأس الخليج في نسختها السادسة عشر، والتي كتبت معها نهاية اتحاد القاضي، الذي أعلن استقالته في إبريل سنة 2004م بعد ضغوط تعرض لها من الوزير الاكوع، واستمرت المشاكل مع الوزارة، حتى بعد تشكيل لجنة مؤقتة، شكلها الوزير نفسه شغل فيها الشيخ أحمدصالح العيسي منصب نائب رئيس اللجنة، التي ترأسها المرحوم الشيخ حسين عبدالله بن حسين الاحمر.... ولم تعمر اللجنة طويلا، فقد دخل رئيس اللجنة الراحل في مشاكل شخصية مع الوزير أكثر مما هي، حول الصالح العالم، وانتهت بإيقاف اللجنة واجراء انتخابات في يونيو سنة 2005م، وفاز بها الشيخ أحمد. العيسي باكتساح. إلا أنه تم اتخاذ قرار بتجميد بلادنا كرويا من قبل( الفيفا) وإيقاف جميع الأنشطة بذريعة أن الانتخابات تم إجراؤها وفق لائحة خاصة، لم تعتمد دوليا، وعدم موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم على الانتخابات، ولم يكن للشيخ أحمد العيسي بالطبع لا ناقة ولاجمل في خلافات الأحمر مع الوزير الاكوع، ولا في خلافات الفيفا مع وزارة الشباب والرياضة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news