أحمد الرميلي
تخيل نفسك تذهب من محافظتك إلى محافظة أخرى قريبة منك، ثم عندما تريد العودة إلى منزلك وأهلك لا تجد أي وسيلة نقل تقلك إلا بعد شهرين، ومع هذا يطلب منك مائتي دولار تذكرة العودة، طبعاً غير المائتين التي دفعتها للذهاب.
فتضطر للانتظار في الفندق والأكل والشرب في المطعم مدة الانتظار.
تخيل حجم المعاناة والمبالغ التي تنفقها، هذا فقط كي تزور أقرب محافظة لمحافظتك، إما للزيارة أو للعلاج أو للدراسة أو للمعاملة أو لأمر ما.
ثم تخيل أن يطفح بك الكيل أو تنقطع بك النفقة أو تضطر للعودة بأي ثمن، فتجد وسيلة أخرى تطرأ على بالك، ألا وهي السفر بحرا عبر قوارب الصيد والبضائع، التي لا توجد فيها أي وسيلة من وسائل السلامة، بل هي أصلا ليست مخصصة للبشر اطلاقا. ثم تخيل في نفسك أن تركب هذه الوسيلة المرعبة لمسافة تصل إلى مائتي ميل بحري وقد تزيد، ولمدة تصل إلى اليومين والثلاث والأربع في بعض الأحايين.
ثم تخيل أن تركب معك أطفالك وأسرتك، وخلال فترة السفر تموتون في كل دقيق بسبب الخوف والوجل وبعد المسافة وتقلبات البحر.
ثم تخيل أنك عندما تذهب إلى الميناء التي تسافر منها تلك القوارب تواجه بالسب والشتم والإساءة والدهف والركل، لكنك لن تيأس لأنها وسيلتك الوحيدة للعودة إلى أهلك، فتضطر للتوسل والصبر والانتظار لأيام لعلهم يعطفون عليك ليركبوك في قارب الموت، بعدها يسمح لك بركوبها فتفرح وينشرح صدرك، وما إن تستقل على ظهرها تتذكر أنك تركب الموت، فتعود إليك الكآبة والحزن.
ثم تخيل أن هناك مسؤل يضرب صدره ويتبجح أنه قد المسؤولية، وأنه قدم الكثير والكثير للمواطن وما زال يقدم.
ثم تخيل أن هناك إعلام ينبح كالاكلاب المسعورة بأن الأمور على ما يرام وكل شيء يجري في مجراه الصحيح ، وأن المسؤل بحجم الوطن، وأنه يكابد الليل بالنهار من أجل مصلحة شعبه ومتطلباتهم.
ثم تخيل أن هناك دول تسابق العالم ثراء وتطورا تدعي أنها تقف إلى جوارك وتدعمك بكل ما أوتيت من قوة ولا تتوانا في تقديم لك كل ما تحتاجه.
ما تتخيله هنا – عزيزي القارئ – يعيشه المواطن السقطري واقعا ملموسا.
أتمنا لك قراءة ممتعة.
المصدر: صفحة الكاتب على فيس بوك
تابعوا شروين المهرة على
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news